"اللي بيجري في الخير كتير".. كيف يواجه شباب "المطرية" كورونا؟
كتب- محمد زكريا:
يواصل وباء كورونا المستجد تمدده. ومعه تفرض الحكومة الإجراءات للاحتراز منه. كان من بينها حث الناس على البقاء في المنزل كلما أمكن ذلك. مما فرض تحديا اقتصاديا على الجميع، شركات وأفراد، وبخاصة على العمال باليومية. الأمر الذي دفع شباب بحي المطرية في القاهرة، للمساهمة في تخفيف ذلك العبء عن جيرانهم، بتوزيع حوالي 300 وجبة يوميا، على من هم أكثر احتياجا لها.
قبل 10 سنوات، بدأ الشباب عملهم الخيري، "اتعودنا في شهر رمضان، نعمل مائدة رحمن في شارع المطراوي، ونوزع وجبات على البيوت"، كما يحكي أسامة الجزار، واحد ضمن حوالي 15 شخصا يقومون على المبادرة منذ بدايتها، والذين وجدوا في تلك الفترة حاجة أمس لمساهماتهم في دعم أهالي الحي الشعبي.
آواخر العام الماضي، ظهر فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض (كوفيد-19)، لأول مرة في الصين، ليواصل تفشيه في العالم، ويصيب ما يزيد على مليون ومائة ألف شخص، تعافى منهم أقل من 250 ألف شخص، ومات أكثر من 60 ألف شخص. كان نصيب مصر من تلك الإحصاءات، التي ترصدها جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، 1070 حالة مصابة، من ضمنهم 241 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفى العزل، و71 حالة وفاة، حتى يوم أمس.
ذاك الخطر الداهم، دفع الجزار وزملائه إلى تقديم موعد مبادرتهم، قبل حوالي شهر من حلول رمضان، "المطرية فيها غلابة كتير، ووقت زي ده؛ حظر تجول وشغلانات كتير واقف حالها، أي مساعدة بتفرق مع الناس"، فبدأوا بتوزيع الوجبات الجاهزة على بيوت عدد من أهالي الحي "بنوزع يوميا من 280 لـ300 وجبة".
منذ 10 أيام يوزعون الوجبات الغذائية، وقبلها كانت هناك إعدادات "كل واحد مننا كان مطلوب منه 500 جنيه، وده مبلغ مش قليل بالنسبة لموظفين زينا"، إلى جانب تلقيهم مساعدات عينية ممن يدعمون مائدتهم على مدار سنوات "اللي بعت عجل، واللي بعت 400 فرخة، واللي بعت 200 كيلو لحمة، واللي شال لحمة يوم بحاله.. اللي ربنا ميسر عليهم وبيجروا ورا الخير كتير".
أحد الداعمين لعملهم الخيري "وفر لنا محل بيطلعهولنا كل سنة في رمضان على روح أبوه"، وفيه يُطبخ الطعام "رز ومكرونة وفاصوليا وبسلة وفراخ وكبدة ولحمة.. اليوم يعمل معانا 17 كيلو لحمة"، ليبدأوا من الواحدة ظهرا إعداد ما بين 280 إلى 300 وجبة يوميا، يراعوا فيها التنويع بين الطعام يوما بعد الآخر، والذي يُعده طباخ من بين أهل الحي متبرعا "هو اللي بيطبخ واحنا بنساعده في التقطيع والتجهيز والتغليف"، ليأتي الدور على التوزيع في الخامسة مساء.
الجزار، واحد من المسؤولين عن توزيع الطعام، فمنذ بدأ أزمة كورونا، يعمل الموظف بالغرفة التجارية يوما واحدا في الأسبوع، لينزل من منزله يوميا يساعد في إعداد الطعام وتغليفه، ثم الانطلاق لتوزيعه على المحتاجين "كل واحد مننا عارف 7 أو 8 أسر غلابة، والأسرة اللي مكونة من 6 أفراد نديهم بتاع 4 وجبات، وبنركز على كبار السن".
يراعي المسئولون عن الأمر أيضا توزيع الاستفادة بين أكبر عدد من الأسر "مش كل يوم بنعدي على نفس البيوت، ممكن البيت يوم ويوم، بحيث غيره ياخد نصيبه ونبقى تواصلنا مع الناس كلها".
لا تغيب الاحتياطات الصحية عن القائمين على المبادرة، يحرص الشباب على ألا تكون هناك تجمعات "في رمضان كانت بتبقى فرشة في الشارع، وناس بتتلم عشان تاخد الوجبة، النهاردة إحنا مانعين أي حد يجي يستنى قدام المحل، ده عشان صحته وصحتنا"، مؤكدا على اهتمامهم بالنظافة الشخصية "اللي بيطبخ لابس جوانتي وكمامة، واللي بيوزع الأكل كمان نفس الشيء".
خلال عملية التوزيع، يحرص الجزار وزملائه على تقليل الاختلاط "بنخبط على الباب، نقول كل سنة وأنتوا طيبين، ونسيب الأكل ونمشي"، ليعود مع انتهاء اليوم إلى منزله "أقف على الباب أخلع هدومي وأدخل استحمى"، وفي قلبه إيمان بأن "أنت بتعمل الخير وربك هو الحامي"، استنادا من جانبه إلى دعوات هؤلاء المحتاجين، وانطلاقا من مسؤولية تعكسها كلماتهم: "الحمدلله أن لسه في حد فاكرنا في الظروف دي".
فيديو قد يعجبك: