لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ابنة في الغربة والأحفاد في عزلة صحية.. وفاء تفطر وحيدة في رمضان

06:28 م الجمعة 01 مايو 2020

منشور السيدة وفاء درويش عن إفطارها وحيدة

كتبت- شروق غنيم:

بلهفة تنتظر وفاء درويش رمضان من كل عام؛ خلال الشهر يلتئم شمل أسرتها، ابنتها الصغرى تعود خصيصًا من السعودية لقضائه معها، ابنها الأكبر يرحل عن العاصمة ويمكث في منزل العائلة في بنها، يتسلل الدفء لقلب السيدة الستينية من جديد، لا تشعر بثقل الوقت، تنفض عنها مرارة الوحدة وتنعم بونس أحفادها الثلاثة، غير أن هذا العام كان المشهد مغايرًا؛ الأم تجلس بمفردها على طاولة الإفطار تجبر نفسها على "اللقمة"، بينما الشتات حال أبنائها.

بين أربع جدران في منزل السيدة الستينية لا أحداث جديدة منذ ثلاثة أشهر، مع فرض إجراءات حظر التجوال في منتصف مارس المنصرف، ومع تعديل فترته في رمضان الجاري إذ يبدأ من الثامنة مساء بينما تغلق المحال أبوابها في الخامسة، لم يتغير حال وفاء كثيرًا "محبوسة في البيت، ولا بروح لحد ولا حد بيجي لي وبقالي 3 شهور مشوفتش عيالي ولا أحفادي".

2

قبل خمسة أعوام بدأت رحلة وفاء مع الوحدة حين رحلت ابنتها الصغرى عن مصر، تزوجت هايدي واستقرت بالسعودية "خدت وقت كبير عشان اتخطى اللي حصل، لأنها أقرب شخص ليا في حياتي، مكنتش أخطي خطوة غير وهي معايا"، لكن السلوى تأتي دائمًا في رمضان من كل عام، حين تطل عليها وتقضي معها الشهر بأكمله ولا تتركها إلا بعد أشهر مع حلول العيد الكبير "بصعب عليها أقعد لوحدي"، فيما لم تنقطع زيارات الابن الأكبر برفقة أبنائه الاثنين "لما ييجوا ده يوم الهنا عندي، ولا كأنه العيد".

تضاعف الشعور بالوحدة حين انفض الجميع عنها، فيما مضى كانت تتحلى بالصبر، تلتمس شهر رمضان وتتمنى حلوله بأسرع وقت، لا تقضيه فقط مع أبنائها لكنه موعد التقائها برفاقها "كل واحد فينا يطبخ في بيته أكله ونروح النادي نفطر كلنا سوا"، تغير الوضع هذا العام، غُلقِت الأنشطة الترفيهية بما فيها النوادي، فُرض التباعد الاجتماعي وانفضت التجمعات، فلم يختلف مشهد رمضان لدى رفاقها "كل واحد فينا محبوس جوة بيته خايف".

في مطلع أبريل الماضي، لم يكن بُدًا من انقطاع زيارة الابن الأكبر حينما اكتشف أرباب عمل المهندس الثلاثيني إصابات داخل صفوف المكان، كانت التعليمات أن يلزم كل موظف منزله حتى يقضي 14 يومًا مدة احتضان المرض "قضى الفترة على خير ومطلعش عنده حاجة، بس فضل خايف برضو يزورني".

لرمضان طقوس مختلفة داخل كل منزل، من بينها أصناف الأكلات المصرية الشهيرة التي تفترش طاولات الإفطار، تعود وفاء إلى حياة ما قبل كورونا حينما كانت تعد "المحشي" أو "الحمام" لأنها أكلات يفضلها ابنها الأكبر، يفضل أن يتناولها من يديها هي لا غير، لكن هذا العام كانت سفرة الأم الستينية مختلفة تمامًا عما مضى.

 سيدة تفطر وحدها بسبب عزلة كورونا

على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات الخاصة بالطعام نشر البعض إفطاره، وبينما تتصفح السيدة الستينية الموائد الرمضانية قررت ثالث يوم رمضان أن تشارك طعامها مع المشتركين، صينية صغيرة تحمل ثلاثة أطباق، كل واحد منهما يحمل صنفًا رئيسًا، وملعقة وحيدة ثم دونت "أنا نانا، ده فطاري النهاردة أنا بفطر لوحدي ولادي مسافرين ربنا يرجعهوملي بالسلامة".

فيض من المحبة اجتاح نفس السيدة الستينية حينما تلقت سيل من التعليقات والمشاركات لمنشورها "في ناس بعتوا لي يطمنوا عليا، واللي بقى يعزمني أروح أفطر عنده عشان مبقاش لوحدي أو يجي لي، كنت أتمنى أعرف أعمل ده بس صعب عشان صحتنا كلنا"، هوّنت الكلمات كثيرًا عليها، منحتها ونس افتقدته "كنت أقوم من النوم ساعات عشان بس أشوف إيه مكتوب، عيشت يومين مبسوطة فيهم من حب الناس وإحساسهم ببعض حتى لو متقابلناش ولا اتعرفنا قبل كدة"، فيما لم ينقطع هاتفها عن الرنين من مكالمات رفاقها "يهونوا عليا ويقولوا لي مش لوحدك في الوضع ده".

لم يكمل المنشور عدة ساعات على صفحة التواصل الاجتماعي وحتى استقبلت مكالمة من ابنها الأكبر، غصة انتابته لبعده عن والدته "اتخض وكان خايف عليا لدرجة قالي أنا هاجي لك بكرة"، حاولت الأم دفعه عن قراره خوفًا عليه لكنه أصًر "بس خلينا الزيارة النهاردة الجمعة يوم أجازته كمان".

عادت أجواء رمضان قليلًا إلى المنزل حينما همّت الأم الستينية بإعداد الطعام المفضل لابنها وأحفادها، البهجة الوحيدة التي حلّت عليها منذ تفشي الوباء، فيما تعرف بمجرد رحيله ستعود مجددًا إلى روتينها اليومي، لا تبرح المنزل سوى يومًا واحدًا للذهاب للعمل كإجراء روتيني "وفي نفس اليوم بجيب طلبات البيت"، تقضي اليوم بين مكالمة أبنائها فيديو، مشاهدة التلفاز قليلًا، لا تزال توثق وجبات إفطارها، ثم يأتي موعد ونسها الوحيد في عز الوحدة "لما أمسك المصحف واقرأ قرآن ده بيخليني أهدى شوية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان