لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

صورة وحكاية (20)- "مدد مدد" لمحمد نوح.. من الحرب إلى مباريات الكرة

10:41 م الثلاثاء 12 مايو 2020

الفنان محمد نوح في ستاد القاهرة

تصوير: حسام دياب

كتب: محمد مهدي

أيام غائمة حزينة مرت على الملايين في مصر حين وقعت النكسة في 1967، الجميع يهرب من طعم الهزيمة، البعض يحاول استيعاب ما جرى، آخريين يبحثون عن المدد، من بينهم الفنان محمد نوح، الغارق -وقتها- في حالة من اليأس والغضب والمرارة، قبل أن يعثر ذات يوم بالقُرب من مسجد سيدنا الحسين، على الشاعر "إبراهيم رضوان" ممسكًا بيديه "ورقة كرتون قديمة" بها أبيات من الشعر يتلوها فتُلهب مشاعر الناس "مدد مدد مدد.. شدي حيلك يا بلد" هرول إليه "نوح" ينصت مرات عديدة بينما ينتفص جسده مع الكلمات كأنه يعزف لحنا داخل قلبه لتُصبح فيما بَعد صارت واحدة من أكثر الأغنيات انتشارا حتى في مباريات كرة القدم، كما وثق لذلك المصور الصحفي "حسام دياب".

مشحونًا بالحماس، انطلق "نوح" في كُل مكان يغني للناس "شدي حيلك يا بلد" يتمنى مثل غيره استعادة الأرض المحتلة من براثن العدو الإسرائيلي، لم تكن الدولة راضية عن الأغنية "الناس كانت بتحبها لكن الحكومة لا، عايزين الدنيا تهدى عشان تعيد بنا الجيش والحياة من تاني" الفنان يملك الكثير من الأدوات في دنيا التلحين والغناء، لكنه تعلق بـ "مدد" كطفل لا يحب الابتعاد عن أمه "بقيت بغنيها في كُل حتة حتى الأفراح" مات "عبدالناصر" جاء الرئيس "السادات" ظلت البلاد في وضع الاستعداد، حتى اندلعت حرب أكتوبر المجيدة، خرج "نوح" مثل غيره للاحتفال في الشوارع والميادين لتبدأ جولة جديدة للغنوة الملحمية.

تفرغ "نوح" مع فرقته للغناء فقط من أجل النصر "بقينا نروح حوالين مسرح الجمهورية، نقول بيانات الحرب، ونغني، وندعو الناس إنهم يتبرعوا للبلد" كما يقول الفنان الكبير في لقاء تلفزيوني، انتهت المعركة غير أن الأغنية بقت "طلعنا على المستشفيات نلف على الجرحى نغنلهم، مكناش بنفكر وقتها في فلوس، كنت بأجر الآلات على حسابي لحد مافلست واتحجز على بيتي" زاد الطلب على "شدي حيلك يا بلد" التلفزيون المصري يدعوه لتسجيلها "كان بيغني باستمرار في معرض المقتنيات الحربية قدام الجمهور" كما يُشير المصور الصحفي، انتشرت الكلمات واللحن بصورة مدهشة "حتى وأنا بغني للناس في الملاهي ألاقيهم بيقولولي عايزين مدد".

مضت سنوات الحرب، دخلت الدولة في مفاوضات لاستعادة باقي الأراضي المحتلة في سيناء، عاشت مصر في دنيا الانفتاح، تغيرت الأوضاع في البلاد، لكن "نوح" ظل قابضًا بيده بقوة على أغنية الفريدة، كان صوته حاضرًا في قلوب الناس، لذلك حينما فوجيء الجمهور خلال مباراة مصر وتونس بتصفيات كأس العالم 1978، بدخول "نوح" إلى استاد القاهرة الدولي مع فرقته بدت كمفاجأة سارة "كان بيرج الملعب بأغنية مدد وعامل حالة مهمة في تشجيع المنتخب" كما يقول المصور الصحفي "حسام دياب" الذي حضر المباراة بكاميرته "في الأول قعد جنب الدكة بتاعت الاحتياطي، لكن بعد كدا خصصوله مكان وسط المدرجات".

منذ تلك المباراة الشهيرة التي اقتنص فيها "محمود الخطيب" هدف الفوز على تونس بمهارة خاصة، حجز "نوح" لنفسه موعد دائمًا مع المشجعين في المدرجات "فضل يروح الماتشات المهمة، والحقيقة إن الفرق التانية كانوا بيخافوا منه وتشجعيه" حتى حصلت مصر على حق استضافة بطولة الإمم الإفريقية عام 1986، يحضر قبل بداية المباراة بوقت كافي مع عدد من الآلات الموسيقية وميكرفون لا يتركه من يده، يغني طوال الوقت، خاصة في مباراة الكاميرون بالنهائي، التي وثق فيها "دياب" حضور "نوح" بين المدرجات.

صورة رئيسية- الفنان محمد نوح في ستاد القاهرة

فازت مصر ببطولة إفريقيا، بعد التفوق في ضربات الجزاء الترجيحية، علت هتافات الجماهير "مدد مدد مدد.. شدي حيلك يا بلد" خلف "نوح" فرحة في الأنحاء، لكنها لا تقاس بسعادة الفنان الكبير بقوة وقيمة الأغنية التي ظهرت منذ سنوات عديدة لكن بريقها لم يخفت، وقدرتها على نشر الحماس والبهجة ماتزال قائمة "بقيت حاسس إن ليا قواعد في كل حتة بمصر، أقدر أغني مدد في أي وقت ومناسبة، في الحرب والأفراح وماتشات الكورة".

اقرأ المزيد:

صورة وحكاية.. جولة عبر الزمن بعدسة المصور "حسام دياب"

صورة وحكاية (1)- خروج آخر جندي إسرائيلي من رفح

صورة وحكاية (2)-"البابا شنودة" داخل ملاذه الروحي ومستقره الأخير

صورة وحكاية (3).. "كوباية شاي".. الطلب الأخير لقاتل قبل إعدامه

صورة وحكاية (4) في الصعيد الجواني.. مغامرة الأطفال مع قطار القصب

صورة وحكاية (5).. الغرفة 441 وأيام "الحكيم" الأخيرة

صورة وحكاية (6).. ضحايا النزاع: طفل فلسطيني يحمل سلاحًا أكبر منه

صورة وحكاية (7)- من منزله .. جلسات الشيخ "الشعراوي" مع مريديه

صورة وحكاية (8) معسكر المنتخب أفريقيا 96.. تراويح وقرآن بعد التمرين

صورة وحكاية (9).. لأجل القدس أُصلي

صورة وحكاية (10)- هدف ببطولة إفريقية.. الأهلي لم يركع في "رادس"

صورة وحكاية (11)- في قلب الصحراء الغربية.. أسطورة واحة الجارة

صورة وحكاية (12).. أيام الضحك والبكاء في مسرح "الزعيم"

صورة وحكاية (13)- بعيدًا عن صخب العاصمة.. يوم في حياة فلاحة مصرية

صورة وحكاية (14)- في سيناء.. أسلحة إسرائيلية مُدمرة شاهدة على النصر

صورة وحكاية (15)- العالم الخاص لأسامة أنور عكاشة

صورة وحكاية (16)- بعيدًا عن الكرة .. وجه آخر لـ "صالح سليم"

صورة وحكاية (17)- في قبيلة "العبابدة".. نسخ القرآن على ألواح خشبية

صورة وحكاية (18)- يوجا و"تمارين" على البحر.. الرياضة في حياة "يحيى الفخراني"

صورة وحكاية (19)- في ساحة الفنا.. حكاية "سقّاء" مراكش

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان