بالصور- إنشاد رغم كورونا.. فرقة "القبة الخضراء" تُحيي فرحة رمضان في المنزل
كتبت-دعاء الفولي:
تصوير-محمد حسام الدين:
كل عدة أيام تستعد مروة محمد لحفلٍ جديد، تُجهز المنزل، تتابع زوجها إذ يرتدي الجلباب الأبيض، يتدرب مع أعضاء فرقة "القبة الخضراء للإنشاد الديني"، وما أن تنتهي صلاة التراويح حتى يتراص المؤدون أمام الميكروفون في صالة البيت، يجلس العازفون في رُكن آخر، يبدأ محمد فوزي، صاحب الفرقة، في الابتهال، يرددون ورائه. لا جمهور سوى الزوجة وبعض الأقارب والجيران، يبث أحد الموجودين الحفل عبر فيسبوك، تُقدم الفرقة أفضل ما لديها، فيما يظل الحنين لرمضان الماضي رابضا بقلب فوزي "السميعة والحفلات الحقيقية ليهم طعم تاني".
تربى صاحب الـ34 عاما على حُب الابتهالات، كان يرافق محترفي المجال ليتعلم "بس دي مش مهنتي الأساسية"، إذ يعمل في توريد مستلزمات المدارس.
ظل الشاب على ذلك ثم أسس الفرقة قبل أربعة أعوام، استقطب إليها شقيقه الأصغر وعدة أقارب وأصدقاء "جمعنا بعض وبدأنا.. سافرنا محافظات وعملنا حفلات كتيرة لأننا بنحب الموضوع مش عشان الفلوس"، كان ذلك قبل أن تضرب جائحة فيروس كورونا المستجد العالم ومصر، وتتوقف كل الأنشطة في مارس.
"كنا وقتها في جبل حميثرة وعندنا كذا حفلة في البحر الأحمر"، علم فوزي ومن معه أن رمضان سيكون خاليا مما اعتادوا عليه، قطعت الفرقة جولتها، عادوا إلى مدينة القصير ومعهم طعام أحضروه لضيوف الجبل "لما سمعنا الأخبار قولنا هنستريح يومين ونروّح"، ما أن وصلوا البلد عند أحد أهلها، حتى ذاع صيت وجودهم، لم يكن في نيتهم إقامة حفل "بس فجأة لقينا عدد جاي بليل وكل واحد جايب معاه عصير وأكل وأنشدنا وكانت ليلة عظيمة". ذلك المدد، كما يسميه فوزي، علمه درسا "إننا منوقفش الإنشاد في رمضان جوة بيتنا سواء هنطلع لايف ولا لأ".
يعيش فوزي في منطقة البراجيل بالجيزة، وكذلك باقي أعضاء "القبة الخضراء"، يأنس قلبه بوجودهم لإقامة "قعدات الإنشاد" في بيته "وبندعو جيران البيت اللي جنبنا ييجوا يسمعوا" يحكي فوزي، فيما تستكمل الزوجة "وانا بكلم والدتي تيجي ساعات، هي بتتبسط أوي بالحالة"، لا يريد الأب الثلاثيني فقد ما يُحب "وكدة كدة كلنا قاعدين في البيت عشان الحظر".
يقف أسامة ممدوح بين المُرددين خلف فوزي، يُتقن الأداء في الحفل الذي يُبث عبر الإنترنت، يسبح عقله في العام الماضي، حين كان الشاب الثلاثيني يستيقظ عقب الفجر بقليل، يفتح المكتبة التي يمتلكها في البراجيل ثم يعود للمنزل لينام قليلا ويستعد لحفل كل يوم "كنا نفطر ونجري.. واحنا ونصيبنا.. مرة نقضي ليلة في قنا ومرة في كفر الشيخ"، كان أسامة أحيانا يطلب الراحة من فوزي "من كتر الحفلات اللي بتيجي ومش بنقدر نرفضها"، فما يكون من الأخير سوى القول "احنا بنروح نجبر خاطر الناس فأكيد ربنا هيقوينا"، أخذ الإرهاق بناصيتهم مرارا "بس كنا لما بنقف على المسرح بننسى، كنا ممكن نقعد في قرية واحدة ننشد 3 ليالي والناس تقول عايزة تاني".
خلال رمضان الحالي، يستيقظ أسامة يوميا في وقت متأخر، يفتح مكتبته لبضع ساعات، فبعد تعليق الدراسة لم يعد لها زائرون "ساعات بيوحشني التعب والجري، أحسن من اللي احنا فيه دلوقتي".
يحاول فوزي التسرية عن نفسه وأهل بيته، يدعو أقاربه لصلاة التراويح في منزله يوميا، ينفض عن نفسه التفكير قدر المستطاع، فالإنشاد أيضا كان يؤمن له أمانا ماليا "خاصة إن شغل المدارس قل جدا"، يرى السعادة في عين زوجته وابنته الصغيرة بالحفلات فيخفف ذلك عنه "مروة أصلها بتحب الإنشاد من زمان".
في رمضان من كل عام "كان بيبقى البيت فاضي عليا"، كانت مروة ترى زوجها بضع ساعات في اليوم قبل الذهاب للحفلات "وساعات لما بيباتوا ممكن نقعد بالأسبوع منشوفهمش"، أحيانا كان يصطحبها إلى ليالي الإنشاد داخل القاهرة "كنت بستنى دا من السنة للسنة"، ظنت الأم أن كورونا سيمنعها من تسليتها الأهم في رمضان "بس سبحان الله بقوا يعملوا حفلات في البيت"، تضحك قائلة "كورونا جه عليا بفايدة وبقيت حافظة حاجات وبردد معاهم".
تتكون الفرقة من سبعة أشخاص "منهم أخويا واتنين ولاد عمتي والباقي صحابي". عقب الإفطار، يجلسون إلى بعضهم، يروي كل واحد منهم حلمه حين عودة الأمور لطبيعتها، يدور الحديث وحين يأتي دور فوزي "بقولهم أنا نفسي نرجع نبتهل في سيدنا الحسين تاني.. الساحات اللي هناك وحشتني"، ثم يذكرهم أن ذلك سينتهي، يسرد عليهم بعض اللطائف؛ كما حدث رمضان الماضي حين ذهبوا إلى قنا، وأُصيب المبتهل الآخر مع فوزي بأزمة في أحباله الصوتية و"مفضلش غير أنا وأسامة اللي مفروض نغني".
ذهب الشابان للصوان بعد صلاة التراويح "وكنا متفقين هنقول ساعة وخلاص"، لكن تفاعل الناس معهما مد الحفل حتى الثالثة صباح اليوم التالي "الناس حبت الليلة لدرجة بعضهم أخد مايكات وبدأ ينشد معانا.. كان مدد كبير من ربنا مرضيش يرجعنا زعلانين"، يلتقط أسامة تلابيب الحكاية "كنا بنبقى زي العيال الفرحانة بالعيد لما تجيلنا فرصة ننشد في حفلات بعيدة"، يتذكر "الدندنة" الجماعية التي لم تتوقف "حتى واحنا في الشارع مستنيين العربية اللي بتيجي تاخدنا بعد الفطار"، لن تتنازل الفرقة عن عادتها اليومية في الإنشاد خلال الشهر المُعظم "وأول يوم العيد هنقضيه في المديح عشان نحس بيه".
تابع موضوعات الملف:
ليالي الذكر في رمضان.. غروب مؤقت بسبب كورونا (ملف خاص)
بالصور- رمضان بلا ضيوف.. كورونا يحرم ساحة "الدح" من أمسيات الذكر
من السفر لـ"حبسة" البيت.. كيف يقضي أصغر قارئ بالإذاعة رمضان الحالي؟ (صور وفيديو)
من طنطا والقلوبية.. قصة مُنشدين منعهما "كورونا" عن جلسات الذكر
فيديو قد يعجبك: