العيد مع "كاتي ونوتي".. سيدة ستينية لم تُنجب فصارت "القطط" أبنائها
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتبت- شروق غنيم:
لا تزال تذكر ميرفت عزام اللحظة التي تغيرت فيها حياتها؛ حين قررت تبني القط "كاتي" قبل خمس أعوام، حلّت البهجة على منزلها الصغير، لم يكن قد بلغ 45 يومًا بعد، اعتبرته صاحبة الـ64 عامًا ابنها البِكر، ثم انضمت القطة "نوتي" إلى أسرتها، ملأت القطط حياتها صخبًا، منحوها الونس الذي افتقدته طيلة ثلاثين عامًا مضوا "متجوزتش ولا عندي عيال، وعايشة لوحدي. القطط هما عيالي".
قضت ميرفت سنوات طوال في الغربة حيث كانت تعمل في إنجلترا، ثم عادت قبل ثلاثين عامًا إلى مصر، أخذت تعطي دروس لغة إنجليزية للأطفال في منازلهم، ومعها بدأت علاقتها بالقطط حين كانت تدرس لإحدى الفتيات "كان عندهم قطط كتير ومش قادرين يصرفوا عليهم كلهم.. مامتها قالت لي ما تاخدي القطة دي معاكي قطة أمورة، هتخلي حياتك جميلة وتحسي أن معاكي حد".
كانت تلك المرة الأولى التي تُربي السيدة الستينية قطة في المنزل "زمان كنت أهتم إني أحط للقطط اللي قدام البيت أكل ولبن"، لكن الأمر لم يتعدَ ذلك، مع وجود الهرة تسلل شعور غريب إلى نفس ميرفت "كانت مالية حياتي ومش حاسة بوحدة واتعلقت بيها". لم يدم وجود القطة معها بسبب مشاكل لدى صاحبة الهرة الأصلية "اضطريت إني أرجعها"، لكن شيء قد مّس روحها، لامست تفاصيل مختلفة في حياتها، لذا قررت أن تُربي قططًا في منزلها.
تذكر ميرفت التاريخ تحديدًا في مارس 2015 جاء "كاتي" إلى دُنياها بعدها قررت أن تُحضر قطة له "جبت له أحلى عروسة وهي نوتي"، لأول مرة كانت تشعر السيدة الستينية بالأمومة "حسيت إن بقى ليا ابن وبنت وإني أم.. كان شعور غريب إن أخيرًا بقى عندي عيلة، بحس إنهم بيخافوا عليا، كفاية في الشتا خناقاتهم مين هينام فوق راسي، واللي يحب يمدد جمبي.. حسيت إني مش لوحدي".
منحتهم ميرفت كل طاقة الحب والحنان بداخلها، حين يمرض أحدهم ينقلب حالها ويتملك الحزن منها، تطوف على الأطباء البيطريين سعيًا لدواء يحميهم ويُعيد عافيتهم، فيما غيرت كثير من تفاصيل حياتها من أجلهم، اشترت السيدة التي تعيش في منطقة الهرم تكييف لهم "عشان الجو بيبقى الصبح حر عليهم"، تستحضر عافيتها من أجلهم، تنسى أنها تعدت الستين عامًا وتحل قوة في جسدها الوهن "أعملهم أكل، وأروق لهم البلكونة عشان يقعدوا فيها بليل في الهوا". صار المنزل مِلكًا لهم، يشاركونها كل شِبر فيه "معنديش إن يبقى لهم رُكن ولا حتة بتاعتهم وبس، دول ولادي ويروحوا أي حتة".
صارت السيدة الستينية تُعرف بـ"طنط ميرفت مُحبة الحيوانات"، تشارك بمنشورات على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بخبرتها مع تربية القطط، ينتابها الغضب إذا قرأت عن سوء معاملة للحيوانات المنزلية "مينفعش يتحبسوا في مكان بحجة هيبهدلوا الشقة، البيت كله لازم يبقى مفتوح ليهم".
مع كل شهر جديد تقتسم معاشها مع قططها، تضع ميزانية لاحتياجاتهم مثل الأمور الطبية "عندهم مشكلة في الكلى وبياخدوا كل يوم محاليل". تهتم السيدة الستينية بطعامهم جيدًا، تُراعي جودته فيما تضع لائحة للمنوعات مثل الجلد أو العظام "دي روح ولازم ياكل حلو زي ما باكل".
خلال الفترة الماضية كانت تتابع منشورات أصحاب الحيوانات المنزلية، تنزعج من الإهمال أو عدم الاعتناء بهم "لازم اللي هيربي قطة أو كلب في البيت يعرف إنه هيصرف من صحته، وفلوسه وكمان وقته، غير أحاسيسه ومشاعره وإنه لازم يدلّع الحيوان ده" حتى في أبسط التفاصيل، فحينما تغادر منزلها لشراء احتياجاتها أو لقضاء بعض المشاوير "بسيب التلفزيون شغال على قنوات الأطفال عشان يتسلوا وميبقوش لوحدهم".
زيارات قليلة تدق أبواب السيدة الستينية، غير أن كل شهر يأتي لها الطبيب الخاص بقططها، يتابع أي تغييرات على صحتهم ويهتم بنظافتهم الشخصية "يقص ضوافرهم ويشوف سنانهم وعينيهم فيهم حاجة وهكذا"، تضحك إذ تذكر ميرفت مدى تشابه تفاصيلهم مع الأطفال "بيخافوا من الدكتور ويجروا عليا يحطوا وشهم في حضني".
طوال الخمس سنوات تعلقت القطط بميرفت وكذلك هي، كان ذلك سببًا في تأجيلها حتى الآن عملية ضرورية في معدتها "هيقعدوا مع مين؟"، تبحث عن جليسة توافق على الجلوس معهم لحين تعافيها "بس خايفة لأنهم مش متعودين على حد، مبيشوفوش غيري.. خايفة أقوم من العملية ألاقيهم ماتوا.. كل ما هما شايفيني طول ما هما كويسين".
كما الأمهات تتعامل ميرفت مع قططها حتى مع تسميتهم "لما حد يكلمني ويسألني القطط عاملين إيه، أقوله ولادي كويسين"، تشتري لهم ملابس جديدة من حين لآخر، بفخر تحكي حينما حققت القطة "نوتي" إنجازًا عام 2017، اشتركت لها في مسابقة جمال للقطط، اشترت لها بالطو أحمر اللون، ووسط مشاركة 25 قطة "بنتي حبيبتي نجحت عليهم وخدت المركز التالت كأجمل قطة"، فيما تُصبح مواعيد إطعامهم مقدسة، حتى إذا جاءها مكالمة هاتفية من أشقائها للاطمئنان عليها "لو العصر بقولهم سلام عشان أكل العيال".
في ألبوم صور على هاتفها تحتفظ السيدة الستينية بصور لقططها في مراحل نموهم المختلفة، من حين لآخر تتصفحها، تُبصر كيف تبدل حالها من وحدة وكآبة إلى ونس وسعادة برفقة "كاتي ونوتي"، وفي ظِل التباعد الاجتماعي لا تبرح ميرفت منزلها كثيرًا، فيما قلت زيارات الأشقاء خوفًا على صحتها، لذا كان العيد برفقتهما وحدهما، تجلس معهما بروقان في شُرفة منزلها يستمتعون سويًا بنسمة الهواء ليلًا، يستيقظون سويًا، يجلسان بجانبها وهي تتابع التلفاز، بينما اللعب برفقتهما تسليتها الوحيدة طيلة اليوم "هما العيد بالنسبة لي.. وبسببهم أنا بقيت ميرفت جديدة، واحدة بتحب الحياة عشانهم".
فيديو قد يعجبك: