الفتح المُصغّر.. أهل القدس يلتقون "الأقصى" بعد 69 يومًا من الغلق
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
كتب- إشراق أحمد ومحمد مهدي:
تصوير-عبد العفو بسام:
لم يكن للقلق مكانًا في قلوب أهالي مدينة القدس المحتلة من انتشار فيروس كورونا، بقدر خوفهم من توقف الصلاة داخل المسجد الأقصى، أن تخلو قبلتهم وعمود معركتهم الرئيس مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن وقع ما تحاشوه، مع زيادة التشديدات الأمنية في المكان، ومنع الحركة بشوارع المدينة العتيقة، وأخيرًا قرار الأوقاف بإغلاق أبواب المسجد ضمن إجراءات احترازية للتعامل مع تفشي "كوفيد- 19". 69 يومًا عاش المقدسيون فيها فترة مُوحشة، لذلك حينما تلقوا خبر عودة الصلاة اندفعوا باتجاه المسجد بسعادة بالغة من بينهم عبدالعفو بسام، مصور بالقدس "لحظة فتح الأبواب كانت رهيبة وجميلة، كأنها تدريب صغير على يوم التحرير من الاحتلال".
في ظلام الليل، وتحت إنارة شوارع مدينة القدس، خرج المقدسيون كبار وصغار من بيوتهم، فجر الأحد الموافق 31 مايو 2020، صوت الآذان يصدح في الأجواء من المسجد الأقصى، يُردد السائرون إليه خلف المؤذن، تهفو الأفئدة إلى الصلاة في تلك البقعة المقدسة، يتوافدون على أبوابه الـ 14 "وقفنا أمام باب (حطة) أحد أبواب المسجد من الجهة الشمالية، له ذكريات مهمة لمواجهات أهالي القدس مع الاحتلال الإسرائيلي" انتظر الجموع فتح الأبواب من الداخل بينما تسري داخلهم رجفة الحنين.
وقع خطوات حراس المسجد الأقصى وهم يقتربون من الأبواب منحت الحضور حالة من الاطمئنان "بدأ الناس يسمعون صوت مفاتيح الحراس فبدأوا يكبرون تكبيرات العيد" كان قد انقضى عيد الفطر قبل أسبوع، مر فاترًا على النفوس، لكن المقدسيين مع العودة لساحات قبلتهم المقدسة، أعلنوا تجديد فرحتهم بالعيد بالهتافات "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" يرفع العشرات منهم هواتفهم المحمولة لتسجيل تلك اللحظات، يصيح رجل كبير بصوت يملؤه الشجن "الحمدلله الحمدلله" يسجد آخرين في ساحة المسجد وعيونهم غارقة في الدموع من هول اللحظة وحلاوتها فيما يمر شاب على كرسي مُتحرك يندفع بأسرع ما يملك من قوة للحاق بالصلاة.
بدا على المسجد الأقصى الاستعداد لاستقبال المصلين بإجراءات خاصة للوقاية من انتشار فيروس "كورونا" المستجد، حيث جرى تنظيف الساحات وتعقيمها من قِبل دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، فيما التزم المصلون بتعليمات الهيئة الإسلامية العليا بوضع الكمامات الواقية وإحضار سجاجيد الصلاة بينما يوضح بسام أن تلك الأجواء لم تُقلل من سعادة العائلات المقدسية التي حضرت إلى المسجد، حيث انطلقت المقدسيات في الأنحاء لتوزيع الحلوى على المصلين "كأنه يوم عيد، الأسر جلست في الساحات، والتقطوا الكثير من الصور تذكارية ، لم يُفلت المصور الشاب تلك المشاهد، حاول توثيقها بعدسته لتُصبح شاهدة على هذا الحدث الذي لا يتكرر.
في الأماكن المُحددة للصلاة بساحات المسجد الأقصى والأماكن المسقوفة، وقف الحضور، الحراس والعمال يوزعون كمامات لمن يرغب، ينظر الجميع شطر القِبلة، لحظات من الصمت والترقب قبل أن يبدأ الشيخ "عمر الكسواني" إمام المسجد الصلاة بقراءة الفاتحة وآيات من سورة إبراهيم "ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون" تنسكب الدموع من الأعين مع التلاوة والركوع، تستمر الصلاة لنحو 20 دقيقة يُنهيها الإمام بفيض من الدعاء "اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم إنا نشكرك على فتح المسجد الأقصى وسائر مساجد المسلمين، اللهم احفظ المسجد الأقصى من كيد الطامعين".
رجع المقدسيون لرحابهم بعد انطفاء 69 ليلة، ذاب بسام بين فرحتهم، فيما كان للعودة مذاق خاص له، يعرفه كل مَن رأى "الأقصى" أيام التوقف، فقد عايش المصور المقدسي تجربة فريدة لتمكنه -بحكم عمله كموظف في الأوقاف- أن يدخل ساحة أولى القبلتين، فيما عيون الكثير وقلوبهم تهفو إليه كل يوم.
لنحو ثمان مرات زار بسام الأقصى فترة إغلاقه، كانت قد حلت ليالي رمضان، بينما يلازم المقدسيون أبواب الأقصى خارجه بعدما حالت الظروف بينهم وإحياء شعائرهم المعتادة في ذلك الوقت. يدخل بسام من باب الأسباط-الجهة الشمالية- الذي خصص للموظفين، لا يسلم من تنغيص الاحتلال"كانوا يوقفونا ويكثروا الأسئلة كمحاولة للتضيق"، لكن لم يتنازل بسام عن تلك اللحظة التي حسده الأهل والأصدقاء عليها.
ما بين دقائق وساعات اختلى بسام بـ"الأقصى" في أكثر من زيارة، انتابه إحساس يصفه أنه لن يتكرر"حزين وجميل في نفس الوقت". يسير بالساحات، يمر على قبة الصخرة والمصلى القبلي. يخلو المكان إلا من القطط والحمام، وبعض الموظفين يتماهى عددهم أمام مساحة المسجد، ينظر بسام إلى البراح، يتألم رغم أن أرجاء 144 ألف مترًا مربعًا تتسع له وحده، تتداعى التفاصيل أمامه "المسجد اللي صلى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام إمامًا بـ25 ألف نبي. المكان الذي يشهد في مثل هذا التوقيت برمضان ركوع وسجود عشرات الآلاف هو الآن فارغ".
لم يكن يطول حزن بسام، يربت على نفسه بتذكر أنه ضمن مَن اختصّهم الله بتلك اللحظة، فَيهمّ مُقيمًا الصلاة في أرجاء"الأقصى"، ولا ينسى نصيبه من التصوير، ينذره هو الآخر كعبادة في الخلاء "كنت أصور الساحات والمنبر والمصلى القبلي وأنشر الصور على حسابي بفيسبوك". صارت اللقطات جسرًا للمصور، يتبادل عبره شعورًا مماثلاً مع العديد من المقدسيين؛ يخبره البعض عن فرحته بالرؤية غير المباشرة، ويتحسر آخرون على وحدة الأقصى في غياب المصلين.
أوقات هنأ فيها صاحب الثمانية والعشرين ربيعًا بلقاء مميز، ظل ينهل من تفاصيل المسجد إلى أن يغادر، وما إن تطأ قدمه خارج "الأقصى" حتى يعود "أعايش مع الناس حرمانها بالصلاة خارج المسجد". داوم المقدسيون على إقامة الصلوات عند الأبواب الخارجية، ولم ينقطعوا عن التراويح في شهر رمضان، كانوا يتبعون صوت الإمام القادم عبر السماعات رغم انخفاض صداه كما يحكي بسام.
ما برح المقدسيون أعتاب "الأقصى ضربًا للتعليمات، لكن خلاف جميع المصلين في بقاع العالم، كان وجودهم حماية للمسجد من أي اعتداءات إسرائيلية محتملة، خاصة وأن "كورونا" لم يوقف ممارسات الاحتلال خلال الشهور الماضية. يرى بسام أنه لا يبالغ حين يقول إن دخول أي يهودي خلال تلك الفترة كان بإمكانه إحداث انتفاضة جديدة، وبالفعل توقفت الاقتحامات طيلة فترة غلق الأقصى لتعود فور إعادة فتحه حسبما يقول المصور المقدسي.
أوقف الإحتلال حارسين للمسجد الأقصى للتحقيق معهم، وشهدت ساحات الأقصى اقتحام عشرات المستوطنين،بعد نحو أسبوع من عودة المصلين، وتكرر الأمر في صباح 14 يونيو الجاري.
10 أسابيع حُرم فيها المقدسيون من قبلتهم، لذا كانت الجمعة الأولى عامرة بالمحبة؛ شد الكثير الرحال من داخل وخارج القدس، قدر العدد بنحو 50 ألف مصليًا "الناس كانت مشتاقة. الأعداد كانت أكبر من أي جمعة في العام"، وتكفل موظفو الأقصى والشباب المتطوع -حتى اليوم-بتشكيل لجان لتنظيم المصلين والحفاظ على التباعد الإجتماعي قدر المستطاع، وتطبيق الإجراءات الوقائية، لمواجهة انتشار فيروس "كورونا" المستجد.
للأسبوع الثالث يهنأ المقدسيون بأقصاهم، يعوضون أيام الفقد، يعودون لرباطهم وصمودهم، يقاومون بيد تفشي المرض، وبالأخرى يدفعون "الوباء" التاريخي، يوقن المصور المقدسي أن سعادة مصلين "الأقصى" بعودة مسجدهم حالة خاصة لن تتشابه في أي مكان، فمسرى النبي محمد لأهل القدس ليس مكان للصلاة فحسب كما يقول بسام "هو بالنسبة إلنا حياة كاملة.تعريف للحق والباطل، للوطن والدين. التاريخ والهوية. هو حب نورثه لأطفالنا جيل بعد جيل".
تابع موضوعات الملف:
العالم يقيم الصلاة.. حكايات عودة المساجد في زمن "كورونا" (ملف خاص)
صدى لم ينقطع.. صلوات العمال ونس المسجد الحرام في الإغلاق
ليلة عيد للمصلين.. كواليس فتح المسجد النبوي بعد إغلاقه بسبب "كورونا"
عبر الإذاعة المصرية.. كيف نَقل"مدني" أجواء أول صلاة جمعة منذ إغلاق المساجد؟
أحلام المصريين بعودة الصلاة في الحرم.. التعلق بأستار الكعبة عبر التليفزيون (تقرير)
عودة مُفعمة بالألم.. حكاية فتح أول مسجد بألمانيا بعد 60 يومًا من إغلاقه
إعادة فتح مساجد إيطاليا.. إمام "ميلانو" من المنبر إلى دفن موتى "كورونا"
صلاة خلف الأبواب الموصدة.. أئمة وعُمال في حضرة المسجد رغم الإغلاق
"ونس في بلاد الغربة".. حكايات العرب مع فتح المساجد في أمريكا
المسجد "بيت" وصُحبة.. عودة أكبر مركز إسلامي في "فينيكس" الأمريكية
"غدًا يلتقي الأحبة".. مصريون يتلهفون للعودة إلى المساجد في زمن الكورونا
بقرارات صارمة.. أول العائدين إلى صلاة الجماعة في العالم رغم "كورونا" (تقرير)
"كالخروج من السجن".. حال عودة المساجد الأردنية خلال أزمة "كورونا"
فيديو قد يعجبك: