إعلان

مهجور (1).. السينما تكره الظلام لأول مرة (بروفايل)

10:43 م الخميس 18 يونيو 2020

صورة رئيسية- السينما في زمن فيروس كورونا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

ثلاثة أشهر بالتمام والكمال انقضوا على نفس الحال؛ لا أحد يطأ المكان، في عالم ما قبل انتشار وباء عالمي، كانت العتمة مصدر للحماس، حين تُطفئ الأنوار ينبض المكان بالحياة، تكون إشارة بداية العرض على الشاشة الكبيرة التي تتوسط المكان، سكون يحّل على قاعة السينما لبداية الفيلم، تنقطع الهمهمات، في ثواني يُصبح الهدوء فريضة وطقس مُحبب إلى النفس، أما الآن فقد انقلب الوضع، لأول مُرة يُكره الظلام، الصمت صار موحش ينهش في تفاصيل المكان، بعدما أٌغلقت أبواب السينما.

لربما تشعر مقاعد السينما الآن بالضجر، تشتاق لمن يتفقدها ويرفع عنها سُباتها مع رفع الغطاء الضاغط فتصبح هي الأخرى شاهدة على التجربة، تستشعر لحظات الفرح ونوبات الضحك الجماعية، والدموع التي تنفرط في صمت.في تجربة الفقد يصبح لأصغر التفاصيل قيمة لا تُعوّض، حتى أكثرها إزعاجًا، ربما تفتقد أيضًا قفزات الأطفال المُزعجة والموجعة لجنباتها، تناثر حبات الفشار الممزوجة بملح لاذع على فرشها.

لم يكن ذلك شكل السينما على مر الزمان، كانت أبسط كثيرًا من وضعها الحالي، لا قاعات مُغلقة ولا إمكانات عالية الجودة للعروض، خُلقِت على أيدي الأخوة لوميير في فرنسا عام 1895 حينما صنعوا أول آلة عرض سينمائي، لتبدأ حالة حلوة المذاق حتى في أشّد الأفلام الدرامية، جولة سحرية تأخذ الناس ليعيشوا مئات الحيوات فوق حياتهم، حتى لو كان فيلمًا صامتًا مثلما كان أول عرض في باريس، حين عرض الأخوين 10 أفلام قصيرة في باريس لمدة 50 ثانية فقط، لكنها مدة كافية أن تسحب كل ضغوط الحياة ويخرج بعدها الناس من العرض أكثر خفة وانبساط.

ظلت السينما قِبلة للارتواء، بعد يوم عمل ثقيل ومحاولة للانفصال عن العالم، لـ"حبيبة" يروون فيها العالم المنشود، لـ"شلة" أصدقاء تجتمع سويًا في نخب فيلم جديد، خُلقت السينما لكي تجمع طوائف مختلفة في مكان واحد، يمرون بالمشاعر نفسها، لكن تلك التفاصيل تلاشت مع انتشار فيروس كورونا المستجد عابرًا للقارات، مُغيرًا من خريطة البشر وطقوسهم، سالبًا منهم الحياة المعتادة ليُشكل أخرى بدون العديد من الأنشطة، من بينها السينما، التي لا تزال أبوابها موصدة تجنبًا للتباعد الاجتماعي، عداد التذاكر يكسوه التراب، لافتات الأفلام تشتاق لمن يتفقدها، حبات الذرة تنتظر لحظة إعادة تدوير الماكينة لتنضج، أما البشر فيلتمسون عودة سريعة.

تابع موضوعات الملف:

مهجور (2).. المقاهي وأيام الملل الكبرى (بروفايل)

مهجور (3)- حيوانات الجنينة بدون ونيس (بروفايل)

مهجور (4).. فرح واتفض (بروفايل)

مهجور (5)..لما كان البحر أزرق (بروفايل)

مهجور (6).. مشاعر محجوبة (بروفايل)

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان