من الوظيفة للحياة البرية.. قصة عبدالرحمن مع مطاردة شغفه في كينيا
كتبت-دعاء الفولي:
تصوير-عبدالرحمن حسنين:
3 سنوات غيّرت في شخصية عبدالرحمن حسنين الكثير. قرار مصيري اتخذه صاحب الـ36 عاما حينما تخلى عن عمله كموظف براتب مرتفع، خاطر بمستقبله ليسافر إلى إفريقيا، عزم العيش بجانب الحيوانات البرية، بعيدا عن صخب المدينة، شارك صديقا له في إدارة مخيم بمحمية ماساي مارا في كينيا، خاض التجربة دون انزعاج من العواقب، والآن يُدرك حسنين يوميا أنه اتخذ الخطوة الأفضل في حياته.
كان حسنين مستقرا في عمله "كنت شغال إتش آر ومستريح جدا"، اعتاد منذ تخرجه في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية السفر كلما سنحت الفرصة، زار 21 دولة في أربع قارات "بس إفريقيا فضلت الأقرب لي"، تمنّى الشاب وقتها لو يعيش في تنزانيا "بس بعدها بكام سنة جت لي فرصة الانتقال لمحمية ماساي مارا في كينيا واللي تعتبر امتداد طبيعي لتنزانيا" كما يقول.
منذ صغر حسنين، مسّه الولع بكل ما يتعلق بالطبيعة، كان الرسم هوايته الأولى "اكتر مواضيع رسمتها هي الحيوانات والطبيعة المحيطة او اللي بتفرج عليها"، لم تخلُ مكتبته دائما من قصص الحيوانات ومغامرات "تان تان"، قبل أن يبدأ بجمع أعداد مجلة ناشيونال جيوجرافيك بصورة دائمة.
القفزة التي قام بها حسنين لم تكن يسيرة "أغلب الأهل والأصدقاء كانوا ضد الفكرة.. مكنش في حد مقتنع إن عاقل يسيب حاجة مستقرة ويروح للمجهول"، لكنه لم ينتقل لكينيا فجأة، فقبل العمل في المخيم استقر لفترة في ماليزيا "ودا خفف الصدمة شوية على المحيطين".
قبل ترك مصر، عاش حسنين في محافظة الفيوم، أحب الطبيعة والصحراء، نشأت علاقة بينه والكاميرا "حبيت التصوير وبدأت أدرب إيدي عليه"، قرأ الشاب كثيرا عن الحيوانات المتواجدة في المحافظة، تمنّى لو تُتاح له فرصة البقاء في تلك الأجواء، حتى عرض عليه صديقه مصطفى البرلسي المشاركة في إدارة المخيم في كينيا "مترددتش لحظة واحدة إني أروح هناك".
داخل المخيم، يعيش حسنين أياما مليئة بالتفاصيل والمغامرات، يبدأ يومه عقب شروق الشمس، ينحصر دوره بين تنظيم الرحلات لزائري المحمية، الخروج معهم لتعريفهم بمعالمها ووضع برامج لتلك الرحلات، وحينما تُتاح له الفرصة يُمارس هوايته الأهم؛ التصوير.
"المخيم غيّر فيا كتير.. مراقبة سلوك الحيوان في بيئته الطبيعية ممتع، فيهم مجتمعات وحياة مثيرة للاهتمام والدراسة"، بات حسنين لا يطيق ازدحام المُدن، جعلته البيئة أهدأ "أصوات الطيور والحيوانات بدون شك ألطف من كلاكسات العربيات والمايكروفونات"، يشعر أحيانا وكأنه يعيش داخل فيلم "حتى لو مطلعتش سفاري فالكائنات الموجودة حوالين الكامب بتبهرني"، لم يحتج حسنين جهدا ليعتاد الحياة البرية، تتوفر الأساسيات داخل القرية القريبة "سوبر ماركت وفيه انترنت وكهرباء"، لكن الحياة في المخيم لا تخلو من مخاطر ولو طفيفة.
يتذكر حسنين ذلك الموقف جيدا، حينما كان مارا من منطقة "وعدى جنبي نمر (مرقط) ومكنش معتاد أشوفه في المكان دا"، للحظ الجيد أنه كان داخل السيارة، فيما يحكي عن موقف آخر، عندما كان يتجول ليلا، ولسعته حشرة، فعاد للمخيم ليطمئن على نفسه "وفجأة أول ما اتحركت من المكان عدى من ورايا فرس نهر بيجري بسرعة"، كاد الشاب أن يصبح ضحيته "لأنه رغم إنه حيوان نباتي لكنه من أكتر الحيوانات فتكا في إفريقيا عشان بيضرب بقوة ويجري".
تلك المخاطر وأخرى لم تمنع حسنين من امتنان يحمله للمكان "لأنه انا موجود في بيئة غنية جدا، ناس من كل العالم بييجوا يزوروها، وانا عايش فيها وبشتغل حاجة بحبها"، حين يروي صاحب الـ36 عاما قصته أمام الآخرين، تلمع أعينهم "كتير بيبقوا عايزين يعملوا زيي بس طول الوقت فيه عوائق اجتماعية ومادية وخوف بيقابلهم"، لكنه يوصيهم بالتجربة، يأخذهم في جولة عبر الصور المنشورة في صفحته، يسعد بالحكي عن الحيوانات وأنواعها، يتمنّى لو يرى الجميع ما يشاهده من زخم في الحياة البرية.
فيديو قد يعجبك: