إعلان

كوميديانات مصر (5)| سعاد نصر.. أجمل ظهور واختفاء حزين (بروفايل)

10:50 م السبت 25 يوليه 2020

الفنانة سعاد نصر

كتب-محمد مهدي:

في نهاية ديسمبر عام 2005، دلفت الفنانة "سعاد نصر" إلى أحد المستشفيات باقاهرة، بينما ابتسامة تعلو وجهها، إذ قدمت إلى المكان لإتمام عملية "شفط" دهون لإزالة الوزن الزائد، لم يتسرب القلق إليها، اعتقدت أنها ستمضي ساعات قليلة وتخرج من هناك لتملأ الدنيا بالضحك كما عودت جمهورها على مدار عقود، غير أن جرعة مخدر زائدة اختطفتها في غيبوبة طويلة، بينما ينتظر الجميع إفاقتها مرة أخرى وسط اهتمام شعبي وحكومي بالسيدة التي منحت الفن الكثير من الموهبة والبهجة والأمل.

صورة 1قبل تلك الواقعة بنحو 50 عامًا، جاءت "نصر" إلى الحياة لأسرة متوسطة في منطقة شُبرا، بدا على الطفلة الصغيرة فرط الحركة والحماس وحُب التقليد، تعشق الفتاة الموهوبة مشاهدة الأفلام السينمائية ومحاكاة المشاهد التي تقع أمام عيناها، فضلًا عن خفة ظلها وتحويل المواقف الجادة إلى أخرى هزلية حتى بات دخولها إلى المعهد العالي للفنون المسرحية مسألة وقت، قبل أن تتقدم إليها في مطلع السبعينيات لتلقى هناك الفنان الكبير محمد صبحي "أول ما دخلت المعهد قابلت (صبحي) هو اللي عملي المشهد اللي قدمت بيه" لتصبح واحدة من طلاب المعهد.

سريعًا شقت "نصر" طريقها داخل معهد الفنون المسرحية، بأدوار مُتعددة وشخصيات مختلفة وأداء له صوت وطعم ورائحة مميزة، لم تكن تلك الفتاة-حينها- تشبه أحد، تُجيد كافة صنوف الفن "بس كنت فاكرة وقتها إني هأعمل تراجيدي بس، وأستاذ جلال الشرقاوي كانت معجب بأدائي" تركت نفسها للشخصيات المُركبة والأداء الغارق في الميلودراما قبل أن يتغير مسارها بغتة "الأساتذة كرم مطاوع وسمير العصفوري هما اللي اكتشفوا الجانب الكوميدي فيا" كما ذكرت في لقاء تلفزيوني، لتذهب معهم وتبدأ انطلاقتها في المسرح "هما اللي فتحولي السكة".

صورة 2في السينما تنوعت أدوارها في بداية مسيرتها، منذ مشاركتها في فيلم "شقة وسط البلد" 1975، ثم حصولها على دور في "الغيرة القاتلة" الفيلم الأول للمخرج الكبير عاطف الطيب 1982، وبعدها بعامين شاركت "صبحي" بطولة مسلسل "رحلة المليون" تحت مظلة وإخراج أحمد بدر الدين وتأليف أحمد عوض.

لم تأتي الشخصية على طبق من ذهب، رفضت أغلب الفنانات تقديم شخصية "دلال" لأنها تظهر بمساحة أكبر بعد مرور 15 حلقة من المسلسل غير أنها تحمست للأمر فور العرض عليها "لما قريت الدور عجبي، عرفت إن (دلال) بتتسلل بشويش للجمهور، وفيه نقلة بتحصل في نهاية المسلسل" شعرت أنها أمام تحدي جديد، رغبت في تقديم أفضل ما لديها أمام الكاميرا حتى تحول هذا العمل إلى أيقونة في مسيرتها "بعتبره نقطة تحول مهمة بالنسبالي".

صورة 3في العام التالي بدت الفنانة الكوميدية في أبهى حالاتها في فيلم "هنا القاهرة" من إخراج عمرو عبدالعزيز ، هناك "كميا" تشتعل بينها و"صبحي" كلما دارت الكاميرا، وهو ما تم استثماره في أعمال فنية عديدة أبرزها "يوميات ونيس"، حيث قدمت 5 أجزاء بشخصية الزوجة والأم "مايسة" لمناقشة مشاكل الأسر وعدد من القضايا المجتمعية فضلًا عن مشاركته في عدد من المسرحيات من أبرزها "انتهى الدرس يا غبي" و"الهمجي".

اعتمدت "نصر" في تقديم الكوميديا خلال أعمالها على التلقائية "فاكرة مرة المسرح كان لسه مدهون ورنيش، واتزحلقت وقعت وأنا بمثل في(الهمجي)، كملت كأنها جزء من العرض"، اعتقد الجمهور أنها تدربت على تلك الحركة لتقديمها في العرض، كما تأثرت أدوارها بروح السخرية التي طالما لازمتها في حياتها، يقول زوجها الأول أحمد عبدالوارث "أوقات وأحنا بنتخانق تقول تعليق يضحكني والموضوع يخلص في ساعتها" وذات مرة سُئِلت عن النجومية فأجابت ضاحكة "الناس لما بينادوا عليا ويتصوروا معايا، بيقولولي حاسين إننا شوفناكي قبل كدا.. إنتي شغالة في المطار؟".

صورة 4أمام الكاميرا اختصت "نصر" نفسها بشخصية واضحة للكوميديا، حركة يدها المنفعلة دائمًا، تعبيرات الوجه القريبة من "ريأكشنات" الأم في البيوت، طريقة إلقاء "الافيه" والحميمية التي يشعر بها الجمهور كأنها أحد أفراد أسرته، فباتت نجمة لسنوات طويلة، استعان بها كبار المخرجين مثل يوسف شاهين في "حدوتة مصرية" و"إسكندرية نيويورك" وصلاح أبو سيف في فيلم "البداية" بشخصية "عدولة".

صورة 5خلال بداية الألفينات دعمت "نصر" الموجة الجديدة من السينما والنُجوم الشابة في أفلام عديدة من بينها "قرار بجواز جمهوري" و"صايع بحر" و"علي سبايسي" بجانب أعمال تلفزيونية رفيعة المستوى مثل "الليل و آخره" للفنان يحيى الفخراني، و"أحلام عادية" مع النجمة يسرا، لكن الغيبوبة التي استمرت لنحو عامين أوقفت رحلتها الفنية الكبيرة، وظلت الدعوات قائمة لشفائها حتى غيبها الموت في يناير ٢٠٠٧ لكن فنها باقي في وجدان الناس.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان