بعد انفجار بيروت.. ماذا حدث لمركز سرطان الأطفال القريب من الميناء؟
كتبت-رنا الجميعي:
بحلول السادسة، يوم الثلاثاء الماضي، كان مركز سرطان الأطفال في لبنان قد أنهى علاج الأطفال في العيادات الخارجية بالمركز "كانوا مشيوا الحمدلله"، لكن بقي ستة عشر طفلاً يتلقون علاجهم اليومي داخل غرفهم في القسم الداخلي للمستشفى، كما تقول لارا تمساح، أحد المسئولين بالطاقم الإداري ومشرفة جمع التبرعات، حين حصل الانفجار تأذى المركز، كان خوف الصغار بلغ آخره، كذلك أهاليهم الذين يسكنون معهم، الدمار ملأ سبع غرف من أصل ستة عشر، الزجاج تناثر على أجسادهم، وحجارة المبنى وقعت عليهم، كما تضررت منطقة العلاج الخارجي التي غادرها الأطفال منذ وقت قصير "كان الوقت ما عم يمرق بهاديك الليلة".
لم تكن لارا بالمركز وقت حدوث الانفجار، كانت بمنزلها في منطقة الجبل التي تبعد عن بيروت 30 كيلومتر، "فكرت إن اسرائيل عم تقصف المنطقة"، هذا ماتعودت عليه طيلة حياتها التي عاشتها بين الانفجارات والحروب، ملأ الذعر قلب لارا على صغارها التي سارعت لحمايتهم ما إن سمعت بالهزة العنيفة، بعدما استوعبت ما حصل بدأت تتصل بأسرتها والمركز للاطمئنان، علمت حينها ما جرى من دمار للمركز الذي تضرر ماديًا، كما أصيب بعض الأطفال بإصابات طفيفة "فيه عنا إم انصابت بضهرها، كذلك الفريق الطبي بعضه اتصاب".
ما إن هدأ الانفجار راح الفريق الطبي أولًا بالاطمئنان على الأطفال وأهلهم، بلغ الدمار مبلغ كبير من المركز، كذلك داخل غرف الأطفال، أول خطوة تمّت كانت نقل المرضى إلى غرف أخرى داخل الطابق المخصص لعلاجهم الذي يتبع مستشفى الجامعة الأمريكية، الواقع بشارع الحمرا في بيروت. حتى في حال الانفجار لا يمكن أن يتوقف علاج مرضى السرطان يوم واحد، كان الصغار في حالة صعبة حتى أن بعضهم حكى لأهله أنهم يرغبون بالعودة لمنازلهم، تهدئتهم كانت أمر واجب، خاصة أن الحالة النفسية للصغار هي من الأمور التي يهتم بها المركز بالأساس.
بعدها بدأ الجميع في التنظيف وإعادة الترميم، لكنّ المركز أضيفت لمسئولياته مسئولية أخرى كبيرة، هي استيعاب عدد من الأطفال مرضى السرطان القادمين من مستشفيات تدمرت بالكامل، ورغم الخوف التي لازالت تشعر به لارا إلى الآن، لكنها تحمد الله كثيرًا، لا تتصور حجم الدمار في حالة وجود الأطفال القادمين للعلاج الخارجي، حيث يقوم المركز بعلاج حوالي 300 طفل سنويًا، كذلك تمتن لأن صناديق التبرعات رغم الدمار الذي حولها لم يتضرر نهائيََا.
منذ 2002 قام المركز على تأمين العلاج المجاني للأطفال المصابة بالسرطان، والذي يعتمد بالأساس على التبرعات من لبنان وخارجها، منذ اليوم التالي للانفجار صارت نداءات المركز أعلى عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي "نحنا بدنا العالم يوقف بجانب المركز"، حيث تبلغ تكلفة علاج الطفل الواحد سنويًا 55 ألف دولار "والعلاج بيكون لمدة تلات سنين"، أي أن ميزانية المركز في العام الواحد تبلغ حوالي 15 مليون دولار، كما تقول لارا.
لازال المركز يُحاول التعافي مما حصل، لكن الفاجعة كبيرة، فمنذ بداية العام يمرّ مركز السرطان بأوقات ثقيلة، من أزمة اقتصادية مع بداية السنة ثم مرض الكورونا الذي اضطر حينها الأطفال للانتقال من مبنى لمبنى آخر "فالمبنى الأصل يستقبل حالات كورونا"، ثم انفجار بيروت الذي جاء ليُثقل كاهل المركز، ومعه كاهل كل المهتمين بالمركز "لسة عايشين بصدمة نفسية"، خاصة مع محاولة تخفيف الوضع على المرضى الصغار.
رغم كل شيء فإن لارا تجد العزاء وسط هذا الدمار، فنداءات التبرع تجد طريقها لأصحاب الأيدي البيضاء كما تصفهم، كذلك فهي ترى الحب الذي يتلقاه من المركز من الجميع، خاصة من الأطفال الذين تلقوا العلاج سابقًا بالمركز "بيتصلوا فينا بيسألونا كيف نساعدكم"، كل ذلك يخفف على لارا وطاقم المركز الفاجعة "المهم إن أرواح الأطفال بخير، واحنا واقفين بجانبهم ما بنتركهم أبدًا".
فيديو قد يعجبك: