سناء شافع.. رحيل "حكيم المسرح" (بروفايل)
كتبت- رنا الجميعي:
رحل فنان من طراز رفيع، عن عمر يناهز الـ77، لم يكن سناء شافع مُجرد ممثل عادي، بل كان مثقفًا ذا رأي ومسرحي وهب حياته للفن، عاش حياته عن آخرها، اختبر قسوة الحياة ولحظاتها السعيدة، فامتلأت جعبته بخبرة رجل حكيم رأى الكثير.
كانت لتربية والده أثر بالغ عليه، الأب الأزهري الذي أحب أن يعيش في رحاب الأزهر الشريف، فانتقل للإقامة بحي الجمالية، حينها كان سناء في عمر الثامنة، كان والده الشيخ حازمًا ذا كلمات قليلة، حتى أن سناء يذكر في إحدى حواراته أن مدرسًا ضربه ضربًا مُبرحًا، واكتشفت الأم ذلك حين رأت علامات الضرب على جسده، فأخذه والده للمدرس قائلًا له "أنا عارف إنك بتربيه بس ده ابني الوحيد، عايزه لحم وعضم"، لم يقل الوالد سوى تلك الكلمات القليلة، لكنه أثبت بها موقفه من فعلة المدرس.
حزم والده اختبره سناء كثيرًا، فقد رفض الأب رغبته في التمثيل، حيث انجذب سناء إلى الفن؛ فالتحق بفرق هواة المسرح بشارع "عماد الدين"، وبعدها درس بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لكن الأب رغم إصرار ابنه لم يقتنع، إلا بعد سفر ابنه لمنحة دراسية إلى ألمانيا الشرقية عام 1959، وقتها "بدأ يحس إن فيه جدوى من اللي بعمله، وممكن أدّرس بعد كدا في الجامعة".
في ألمانيا التحق سناء بالمعهد العالي للمسرح "هانز بول"، وأنهى دراسته ببحث عن مسرحية "كوريولانوس"، وتأثير "برتولد بريخت" في المسرح المصري، كما حصل بعد ذلك على منحة من وزارة الثقافة الألمانية لدراسة الإخراج المسرحي والدراماتورج.
كرّس سناء حياته للمسرح، صار متعبدًا في محرابه، بعد عودته من البعثة؛ أخرج سناء مسرحية "اللي رقصوا على السلم"، عام 1972، وفي نفس العام عين بالمسرح القومي، ثم مديرًا لمسرح الطليعة خلال الفترة من 1974-1975، وعين مدرسًا لمادة التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1977، كما وصل لمنصب العميد خلال الفترة 1987-1990.
لم يترك سناء المسرح لحظة واحدة، وخلال تلك السنوات كان يحصل على حقه في الحياة أيضًا، حيث تزوج لتسع مرات، في كل مرة كان يأمل أن يكون زواجًا سعيدًا، لكنه نتيجة لظروف الحياة، وأحيانًا لأخطائه يحدث الانفصال، ورغم كثرة محطاته الزوجية لكنه يرى أن زواجه من الممثلة ناهد جبر كان الأفضل، حتى اعتبرها الزوجة المثالية في كل شيء، بحسب أحد حواراته التليفزيونية، لكن بسبب خيانته لها تم الطلاق.
بجانب المسرح مثل سناء أيضًا للتليفزيون والإذاعة، لا ينسى أحد دوره في فيلم "فوزية البرجوازية"، ولا دور "إبراهيم" في فيلم "حتى لا يطير الدخان"، كما شارك في العديد من الدراما التليفزيونية مثل مسلسل "الزيني بركات"، و"حضرة المتهم أبي" و"الجماعة".
لا يندم سناء على شيء، يُغامر في الحياة، ويُخلص للمسرح ولآرائه الاشتراكية، كذلك يُحب الدين؛ تمنى الحج لمدة عشر سنوات، حتى جاءه في لحظة غير متوقعة؛ وفي عام 2013 غيّر سناء جلده تمامًا، ذهب إلى بيت الله؛ ليعود منه إنسانًا جديدًا، ربما أكثر سعة للصدر -هو يعرف عن نفسه عصبيته-، وشوقًا لا ينتهي للعودة لبيت الله الحرام، واتساقًا مع الذات أكثر، وحكمة أكبر لتجارب الحياة.
حتى آخر لحظة في حياته كان سناء شافع أستاذًا ومعلمًا لكثيرين، تخرج تحت يديه العديد من الممثلين الموجودين على الساحة، لم يكفر سناء للحظة بأهمية المسرح، ولا بقيمة تدريسه، آمن بالمستقبل، وبأن الأجيال التالية من الشباب دومًا هي الأفضل من الحالية، وكما قال في لحظة ساخرة "وإلا نبطل الشغلانة اللي إحنا بنشتغلها".
فيديو قد يعجبك: