كوميديانات مصر (7) عائشةالكيلاني.. النجاح من "نص" فُرصة (بروفايل)
كتب- محمد مهدي:
داخل مسرح الفنان فؤاد المهندس، دلفت من البوابة الفنانة الشابة حينها "عائشة الكيلاني" للقاء زملائها، لتجد حالة من الصمت بين نجم مسرحية "سك على بناتك" وأفراد الفرقة، بعد علمهم بسفر "سناء يونس" صاحبة دور رئيسي في العمل إلى خارج مصر، وقع اختيارهم على وقف العرض لفترة لحين الاستقرار على ممثلة بديلة، قبل أن يلتفت "أحمد راتب" إلى "الكيلاني" هامسًا للمهندس "إيه رأيك عائشة تعمل دور سناء" لمعت عين الأخير قبل أن يهتف "جهزوها للدور، هنعرض المسرحية بكرة".
مفاجأة لم تكن على بال أو خاطر الطالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، غير أنها وافقت على الفور، فُرصة كبيرة لا يمكن رفضها أو تعويضها "قعدوا معايا لحد تاني يوم، وأستاذ فؤاد وصى إن (الملقن) يبقى معايا بس على المسرح" قبل ساعات من الليلة الأولى لها في المسرحية عام 1980 التقت "المهندس" في الكواليس "قالي إنتي فتحتي بيوت ناس، لأننا كنا هنقفل" حاول دعمها قدر الإمكان، تنصت هي بدهشة إلى مدحه وكلمات المساندة، تتمنى أن تكون جديرة بتلك الثقة.
تجربة صعبة لا شك في ذلك، اضطرت "الكيلاني" إلى ضبط إيقاع الرجفة التي سرت في يديها "خدت مهدئات عشان أعرف أطلع على المسرح، كنت متوترة جدًا" الظهور الأول لشخصية فوزية ابنة الدكتور رأفت من خلال صراخ شديد بسبب تركها لبيتها "حمدت ربنا إن الشخصية بتصوت، فكنت بصوت فعلًا من كل قلبي عشان قلبي كان هيقف أول ما طلعت للجمهور" تقولها ضاحكة في لقاء تلفزيوني، بينما تشعر بالفخر لأنها حافظت على الفُرصة وظلت تعمل في الفرقة لنحو 3 أشهر "طول سيزون الصيف لحد ما سناء رجعت تاني".
اختبرت "الكيلاني" نفسها سريعًا بتلك المهمة، تأكدت من قدرتها على النجاح رغم بقائها في المعهد لسنوات طويلة "7 سنين، كنت بعيد عشان مادة الغنا، هو أنا بتاعة غنا؟! أنا جاية أمثل" قضت فترة طويلة في دنيا المسرح "كنت بعمل تراجيدي وبقدر أخلي الجمهور كله يبكي" قبل أن تتحول مسيرتها إلى الكوميدي بعد العمل مع فؤاد المهندس ونصيحته لها بالاستمرار في هذا الدرب لموهبتها الشديدة "ثم عملت أول فيلم ليا، الحب فوق هضبة الهرم مع المخرج عاطف الطيب".
لم تهتز في اللحظات الأولى لها أمام الكاميرا رغم آليات الصناعة المختلفة عليها "لقيت المخرج بيحط صباعه قدامي ويقول هتبصي عليه وتكلميه كأن فيه حد قدامك" لم تفهم سريعًا قبل أن تتدارك الأمر "لأني كنت عاملة نفسي عارفة كل حاجة" وسريعا قامت بأداء الحوار المطلوب رغم عدم وجود ممثل أمامها في المشهد، ثم توالت أعمالها التي وصلت لأكثر من 147 عملا بين السينما والتلفزيون والمسرح، حاولت من خلالهم إضافة لمسة خاصة بظهورها.
لسنوات طويلة حرصت "الكيلاني" على خلق مساحة لها في عالم الفن "محاولات مستمية عشان أقول أنا أهوه، موجودة، كنت بسعى من خلال أي جملة بعملها" تطل على الجمهور في مشاهد قليلة لذلك كان عليها إيجاد سبيل لكي يتعلق بها الناس "قررت وقتها أركز على الشكل، ممكن يلفت النظر ليا، بقيت بزود وردة أو أحط مكياج كتير، مع الأداء طبعًا" يبدو ذلك جليًا في مشاهدها المميزة بفيلم "الشيطانة التي أحبتني" في شخصية زوجة المقدم صلاح شوقي، حضور بأقل كلمات، خفة دم من النظرات فقط، لا يمكن نسيانها رغم أحداث الفيلم الكثيرة.
في عام 1990 حصلت "الكيلاني" على فرصة ذهبية بالمشاركة في فيلم "سيداتي آنساتي" من تأليف وإخراج الفنان الكبير "رأفت الميهي" وبطولة النجم "محمود عبدالعزيز" خرجت على المتفرجين بشخصية "كريمة" مساحة دور أكبر وطريقة أداء ناضجة وكوميديا الموقف تنتصر لموهبتها حتى أنها فازت بـ 3 جوائز عن دورها "من اتحاد الفنانين العرب، وجايزة من جمعية السينما، ومن جمعية الفيلم" كان من المفترض أن تتدفق عليها مزيد من الأدوار لكنه لم يحدث دون أسباب واضحة، غير أنها ظلت على العهد مع الضحك كلما ظهرت في أي عمل فني.
خلال الأعمال الهامة يبحث دائمًا المخرج عن الموهوبين لتسكينهم في الأدوار الثانوية، وجودهم يمنح الفيلم قيمة أكبر ويعطي للمشاهد الصغيرة مذاق مختلف، وهو ما جرى مع المخرج الكبير شريف عرفة حينما طلب "الكيلاني" في فيلم "الإرهاب والكباب" من تأليف الأستاذ وحيد حامد وإنتاج عام 1992 "أستاذ عادل إمام متعاون جدًا، وكمال الشناوي قال فيا شهادة جميلة خلال المشهد بتاعي" منحت شخصية والدة الطفل "محروس" طعم خاص أضفى البهجة على الجمهور، بينما كان عقلها منشغلًا بوالدها الذي تركته في المستشفى لأداء المشهد قبل أن تعود إليه.
على مدار سنوات بذلت "الكيلاني" الكثير لتضع نفسها في قلوب الجماهير، تملك موهبة طاغية غير مقدرة أحيانًا لكنها راضية، تبتسم حينما تسمع كلمة طيبة من أحد النجوم "الفنان صلاح السعدني في مسلسل أرابيسك قالي إنتي عندك كتير لسه، واخرجي من الكاركترات اللي بتعمليها لأدوار تانية" تقول إنها حافظت على ما تملك من خلال المذاكرة وبث روح الفكاهة في الشخصيات التي تقدمها "كان المخرجين بيسيبوني أعمل الميكياج بنفسي" لكنها ستجيد أيضًا في كافة الشخصيات الأخرى.
غابت "الكيلاني" لسنوات عن الشاشات "بعد فترة الثورة ثم المنتجين بطلوا يكلموني" عادت بـ "نيولوك" جديد أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، تغير شكلها قليلا لكن روحها المرحة مازالت باقية، الشابة الموهوبة التي تعشق التمثيل تقفز من عيناها وفي كلماتها، ماتزال تحتفظ بالشغف داخلها كما حافظت على "شيك بخمسة جنيه كسبته في أول مسرحية عملتها، مردتش أصرفه وفضلت شايلاه لحد دلوقتي، حسيت وسام ليا وشهادة على شطارتي".
فيديو قد يعجبك: