عاملات منتصف الليل.. سيرة سيدات يعملن بمصنع طوب لتوفير قوت يومهن (حوار)
حوار- محمد مهدي:
على مدار أشهر، ظلت المصورة الشابة "رفيدة جمال" تبحث عن نموذج لسيدات مصريات يعملن في مصنع طوب، رغبة في توثيق تلك التجربة، حتى عثرت في نهاية المطاف على سيدتين من قرية مطوبس بكفر الشيخ في شمال مصر، وقررت السفر إليهما لتصوير فيلم عن رحلتهما للعمل يوميًا من الساعة الثالثة فجرًا حتى الثامنة صباحًا، رفقة زميلها المصور "محمد الشويخ" ليقتنص الفيلم الجائزة الأولى بمهرجان غوتنبرغ للفيلم العربي منذ أيام.
منذ اللحظة الأولى أدركت "رفيدة" التي تعمل بمجال التصوير منذ 5 أعوام، أنها أمام قصة مختلفة تحتاج إلى تحضير جيد "قسمنا المهام بيني وبين (الشويخ)" التواصل مع نماذج فريدة لنساء يخرجن من أجل توفير مصدر رزق ثابت لأطفالهن "واحدة منهن أرملة والتانية مطلقة" التنسيق الكامل للسفر وتحضير المعدات اللازمة والاتفاق مع أهالي مطوبس وأصحاب مصنع الطوب على التصوير بينهم منعا لوقوع أي صعوبات خلال تنفيذ الفيلم.
أراد المصوران "رفيدة والشويخ" التعبير عن بطولة تلك السيدات في العمل وسط الرجال في ساعة متأخرة من الليل "رغم العادات الصعبة في مجتمعنا" ورصد السبل التي تتخذها كل واحدة في التعامل مع تلك التجربة الصعبة "كانوا بيستغنوا عن ملامحهم الأنثوية، بيخفوها بشكل كلي، من خلال اللبس والكاب، متقدرش تفرقهم وسط الشغال عن غيرهم" يعملن طوال الليل وعند العودة إلى بيوتهن مرة أخرى تستعيد كل سيدة نفسها من جديد.
من البداية كان الخيار واضحًا لــ"رفيدة والشويخ"، سيتوليان مهمة توفير المعدات وتكاليف السفر من أجل تنفيذ العمل بأفضل صورة ممكنة، أما عن المعوقات التي واجهتهما خلال التصوير هو بُعد المسافة والتصوير ليلًا "في مكان جديد علينا كان مصدر قليل شوية" فضلًا عن رفض البعض لاستخدامهم الكاميرا "فيه سيدة منهم قالت بلاش نصور في البيت قبل ما نقنعها، وريس العمال اعترض شوية إننا نطلع كاميرا في المكان بس وافق في الأخر" كما تقول رفيدة لمصراوي.
عايش "الشويخ" رفقة "رفيدة" حياة سيدات القرية منذ خروجهن من بيوتهن مرورا بوسيلة التنقل في سيارة صغيرة حتى انهمك الجميع في العمل داخل المصنع "كل واحدة فيهم بتشيل أكتر من 30 ألف طوبة" تلتقط الكاميرات تلك اللحظات، الطاقة التي تخرج من النساء خلال نقل الطوب، الغبار الذي لا يؤثر على حركتهن في المكان رغم انتشاره، رغبتهم في الانتهاء سريعًا للعودة إلى ذويهن "واكتشفنا إنهم بياخدوا يوميات بسيطة جدًا على حجم الشغل الكبير اللي بيعملوه" لكنهم لا يملكون سوى الرضا والقبول.
انتهت التجربة على خير، عادت "رفيدة" بصحبة "الشويخ" إلى القاهرة، وانهمك الأخير في عملية المونتاج، وخلال تلك الخطوة رأى الاثنان ضرورة الحصول على رأي مختص في شؤون النساء بمصر "كنا محتاجين نفهم أكتر ليه مفيش مؤسسة بتدعم الستات دي، وإزاي نقدر نقدم لهم الدعم اللازم" وقع اختيارهما على المحامية نهاد أبوالقمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، التي أضافت للعمل بوجودها.
لم تكن هناك نية لتقديم الفيلم في مهرجانات الأفلام "لكن أصدقائنا شجعونا نقوم بالخطوة دي" ليفوز العمل بالجائزة الأولى في مهرجان رؤى للأفلام القصيرة في إبريل الماضي، ويقتنص أيضًا المركز الأول في مهرجان غوتنبرغ للفيلم العربي عن فئة الأفلام الوثائقية "سعداء جدًا بالفوز خاصة إن الأفلام اللي كانت موجود معانا قوية ولطيفة جدًا".
مايزال الفيلم في طريقه للعرض بعدد من المهرجانات من بينهم صندانس السينمائي المقام في الولايات المتحدة، فيما تطمح "رفيدة" في الفترة القادمة إلى تصوير مزيد من الأعمال الوثائقية "دا الأقرب ليا، لأنها حكايات من لحم ودم وحقيقية" لذلك تعكف خلال الشهور الأخيرة على تنفيذ فيلمها الجديد متمنية أن يصل لأكبر عدد ممكن من الجمهور.
فيديو قد يعجبك: