لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أخفت عن أسرتها و"اشتغلت" عاملة نظافة لتتعلم.. حكاية صعيدية مع محو الأمية

04:27 م الأحد 03 أكتوبر 2021

هيام أحمد متحررة من الأمية من الصعيد

كتبت- شروق غنيم:

حسرة تنتاب هيام أحمد كلما تعثرت في قراءة ما حولها؛ الكتب الدراسية لأطفالها، تعليمات مدونة على المُنتجات المنزلية، لحظات الخروج خوفًا من التيه، تأسى على عُمرها الذي انقضى دون أن تتعلم القراءة والكتابة، إذ نشأت السيدة الأربعينية في أسرة صعيدية فرضت عليها عدم التعلم "الناس حوالينا كانوا شايفين البنت متتعلمش، الولد بس، وإحنا حتى ملناش حق نقول رأينا".

الشوق للتعليم، كان يملأ قلب هيام وشقيقاتها الخمس "إحنا أسرة مكونة من 10 أفراد، خمس ولاد وخمس بنات، والولاد اللي اتعلموا بس". في المساء يأتي موعد متابعة الأب الدروس مع أشقائها، على إضاءة خافتة لمبة الكاز يقرأ ويُسمّع لهم الواجبات، تسترق الشقيقة الأكبر سناء السمع "وهو بيعلم أخواتي إزاي يشبكوا الحروف ويقرأوا".

صارت تلك الهواية المُفضلة بالنسبة لسناء، أن تجلس بالقرب من والدها بينما يُذاكر لأشقائها "حفظت الحروف الأبجدية وبقت بتعرف تقراها، لكن متعرفش إزاي تكتب"، فيما كانت تنتهز فرصة ذهابها برفقة شقيقها إلى المدرسة لمعرفة تفاصيل أكثر عن العلم "لأنها هي اللي كانت بتوديه وتجيبه من المدرسة".

ظلت هيام مُتعلقة بشقيقتها الأكبر، حتى مع انفصال كل منهن في بيت آخر بعد الزواج، كانت سناء بالنسبة لها المُلهمة، تستطيع القراءة دون أن تلتحق بالمدرسة أو دروس خاصة، تمتلك شغفًا بالكتب والعلم لا مثيل له، تمّنت لو استطاعت أن تُشبهها يومًا ما، وتسلك نفس مسارها.

في عُمر الثلاثين حدث فارق غيّر من حياة الشقيقة الكُبرى، حينما عرف أحد أهالي القرية التي تقطن بها في بني سويف عن حُبها للتعليم، ورغبتها في أن تُكلل ذلك بالدراسة والاستذكار "كان في فصل محو أمية فتح بس في قرية جنبنا بعيدة، واقترح على سناء تروح هناك".

في المساء كانت تذهب سناء سرًا، تتلقى أساسيات الكتابة والقراءة، فيما كانت تبوح لشقيقتها هيام بالتجربة "كأنه الفرق بين النور والضلمة"، كبر الحلم بداخل الأخيرة، أرادت أن تُكرر التجربة، فكانت الشقيقة الأكبر مصدر إلهام لها.

سارت هيام على أول خيوط التعليم، على أيدي شقيقتها الأكبر. انضمت لفصل محو أمية ولكن سِرًا، خشيت من المنع أو السخرية "خبيت على البلد كلها إلا سناء أختي"، وفيما لم يكن مُتاحًا اقتصاديًا أن تتعلم، قررت أن تخرج إلى ميدان العمل، بدأت في بيع مُنتجات مختلفة لتحصل على هامش ربحي يُمكنها من المساعدة في مصروفات المنزل فضلًا عن مستلزمات الدراسة "جوزي أرزقي، وممكن يقعد بالعشر أيام مفيش شغل".

حينما حصلت على شهادة محو الأمية؛ أباحت هيام بالسِر لأسرتها الصغيرة، لم تتوقع أن المساندة والترحيب سيكون ثمرة نجاحها، صار ابنها الأكبر مُدرسها الخاص الذي تلجأ له مع صعوبات مادة العلوم في المرحلة الإعدادية أو الرياضيات، فيما كان زوجها خير داعم "كان حائط صد بالنسبة لي قدام كل كلمة وحشة اتقالت عليا وأني كبرت على العلام".

لم تسلم هيام من بعض التعليقات السلبية في مُحيطها، ما بين سخرية من عمرها "أو أني كدة مش مهتمة بعيالي والبيت، لكن أنا اخترت الاثنين"، ما بين مهامها الدراسية والمنزلية باتت حياة هيام الجديدة، غير أن العقبة الاقتصادية عاودت الظهور مُجددًا "روحت اشتغلت عاملة نظافة في مدرسة، ومكنتش مكسوفة من ده، المهم أني أتعلم وأساعد بيتي".

تذكر السيدة الأربعينية كيف تتشابه حكايتها مع شقيقتها الكُبرى، إذ عملت الأخيرة أيضًا من أجل التمكن من استكمال مشوارها في التعليم "كانت بتبيع ورق بردي، ولما كانت في ثانوية عامة اشتغلت في مديرية التموين"، لذا لم تقهقر عزيمتها خلال الرحلة "كنت ببص عليها وأشوف إزاي نجحت، وأقول أنا كمان هعرف أنجح".

1

بعدما حصلت هيام على الدبلوم، ترقّت في وظيفتها داخل المدرسة الثانوية في بني سويف، صارت تعمل إدارية في المكان، فيما أكملت شقيقتها الكبرى حتى التحقت بكلية الحقوق وحصلت على الماجستير في القانون العام.

الآن تنظر السيدة الأربعينية للماضي دون ندم، تمتن لما وصلت له هي وشقيقتها، ترى الفرحة في عيون الأسرة، محاولات شقيقتها حاليًا لإدارة مشروع لتعليم فتيات القرية، فيما تشعر هيام بأنها قد امتلكت الدنيا "أنا حاسة أخيرًا أني بقيت حاجة".

"نعمة التعليم".. سيدة خمسينية تمحو أميتها: ساعدني لفهم متلازمة ابني

هزمت الأمية.. القلم سلاح سيدة فلسطينية أمام الاحتلال (حوار)

التعليم في الكِبر.. 4 شقيقات يصنعن المستحيل لمحو الأمية (صور)

الدراسة بجوار ابنها.. نصرة تعود للجامعة بعد 40 سنة

في أرقام.. معلومات عن محو الأمية حول العالم ومصر (انفوجراف)

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان