حكايات العنف ضد المرأة الفلسطينية في معرض متنقل
كتبت-هبة خميس:
حافلة متنقلة لن يستقلها الناس تلك المرة للتنقل بين الأماكن لكنهم سيدخلونها ليشهدوا تجارب وحكايات ويخرجون منها بوجهات نظر مختلفة، انطلقت الحافلة من مدينة سبسطية الفلسطينية ليتنقل بين ثمان مناطق في الضفة الغربية بفلسطين، وثمان مناطق مختلفة في قطاع غزة.
عام كامل قضته "شيماء حمد" المحامية الفلسطينية في العمل في قسم الدعم النفسي والاستشارات القانونية بالأمم المتحدة بالإضافة لكونها عضو في منتدى أجورا المهتم بقضايا النوع الاجتماعي.
عام من سماع شتى أنواع القصص عن العنف الذي تتعرض له النساء الفلسطينيات، وبسبب كونها محامية نظامية وشرعية عايشت "حمد" الكثير من القصص الصادمة كانت فيها المرأة هي الضحية "كنت بشوف حالات لنساء عليهم شيكات لأزواجهم، وفي عملي في خط المساعدة كانت بتجيلي حالات عنف كتيرة وشكاوى في عام واحد بس.. انا متأكدة اننا كنساء تعرضنا جميعاً للعنف سواء اللفظي والأسري أو في الشارع".
في إطار حملة تنظمها الأمم المتحدة لمدة 16 يوم تحت شعار "نساء آمنات في البيت والشارع" كانت تفكر "حمد" في شيء مختلف تستطيع تنفيذه مع الفريق الذي تعمل معه، كانت تسترجع كل ردود الأفعال من الناس حول حكاياتها عن العنف التي تسمعها والشكاوى لكنها كانت تجد الإجابة الصادمة التي تبرر العنف ضد النساء أو تستنكره.
"كنت بتعرض لسماع قصص عن كل أشكال العنف اللي هو ممكن يكون أسري واقتصادي وجنسي وعمالي فجاءتني فكرة المعرض اللي الناس يدخلوه ويخرجوا بتجربة مختلفة ويسمعوا القصص الحقيقية اللي تصدمهم لكن تعطيهم رؤية مختلفة"، كما تقول المحامية لمصراوي.
استطاعت "حمد" تجميع الكثير من القصص عن العنف وفي خلال فترة التجهيز للمعرض اهتزت مدينتها لحادثتي قتل لنساء أمام أطفالهن ودون أن يدافع أحد عنهن لتشعر بأنها تمشي في الطريق الصحيح.
جمعت "حمد" أيضاً متعلقات رمزية من الضحايا المعنفات لتمس مشاعر الناس التي تدخل المعرض للدرجة التي جعلت الناس تُصدم لكون القصص حقيقية ومروية.
مع "حمد" عمل "أحمد ياسين" كقائم على المعرض حيث تولى تحويل الفكرة من نصوص مكتوبة لمعرض حسي وملموس.
في طفولته عايش "ياسين" تعنيف أمه السيدة الفلاحة الفلسطينية التي تعرضت لكم هائل من العنف السياسي لدرجة أنها لوحقت وهددت لسنوات، فعاش "ياسين" وفي قلبه كل تلك المشاعر لمتعلقة بهزيمة المرأة والضغط عليها وتعنيفها "أتذكر وجه أمي بعدما أطلق الاحتلال النيران على بيتنا لاستهدافها ونجاتها بأعجوبة، أتذكر حتى الآن ابتسامتها القوية بذلك اليوم".
استوحى "ياسين" اسم المعرض "كولونيا" من إحدى القصص التي تتحدث عن تحرش أستاذ بطالبة وربط الفتاة الحادثة برائحة الكولونيا ليصبح ذلك هو اسم المعرض المتنقل، فـ"وقت التجهيز للمعرض كنا بنفكر نعمل حاجة تخلي الناس تشعر بسوداوية عيش تجربة عنف ولو لدقائق، وكنا محتاجين نشر الفكرة لأكتر من منطقة لذا جاءت فكرة الحافلة المتنقلة بستائر سوداء وظلمة تجعل الشعور خانقاً وضاغطاً على زواره".
في فريق تنظيم المعرض عملت "هديل عبده" التي تحمل شهادة بعلم الاجتماع فتحاول أن تجعل الأفكار واضحة وتنقل القصص للناس، ومع افتتاح المعرض منذ أيام عرض فيلمين قصيرين وبعدهما نقاش طويل مع الناس من زوار المعرض رجالاً ونساء.
"القصص الموجعة أثرت على الناس وقليل منهم كانوا بينكروا هالقصص وينكروا كونها حقيقية لكن الأغلب طلبوا توفير حماية للنساء من العنف وأهمية وجود قانون يحمي الأسرة الفلسطينية".. تقول "عبده" إنها تابعت كيفية تفاعل زوار المعرض معه خاصة من الرجال لأنهم الشريحة المستهدفة للتوعية بالعنف ضد المرأة.
حاول المعرض إعطاء صورة عما يحدث للمرأة الفلسطينية التي كانت ومازالت شريكة نضال دائم لآلاف العائلات من الأسرى والجرحى والشهداء، مازالت تعاني نسبة كبيرة منهن من استقوا الرجال عليهن كأن العنف السياسي عليها لم يكن كافيًا.
فيديو قد يعجبك: