"الحَكمة" نهى العيسوي.. محاربة السرطان التي تحلم بتمثيل مصر بالأولمبياد (حوار)

كتب- محمد مهدي:

تخوض نهى العيسوي، الحكم الدولي برياضة الرماية، حرب شرسة ضد مرض السرطان اللعين منذ أكتوبر الماضي، تقاتل بكل ما تملك من طاقة متخذة من عملها سلاحا لمواجهة الإصابة "بشهادة الأطباء أصبحت الرماية هي الشيء الأساسي اللي عن طريقه أقدر اتغلب على مرضي وأرجع أحسن من الأول" تقولها العيسوي بإيمان شديد في حوارها مع مصراوي.

اعتادت العيسوي على الصعاب منذ ممارسة الرماية في طفولتها "والدي كان بيحب اللعبة ولقيت نفسي مشدودة ليها بالوراثة، وأول ما مرة مسكت بندقية حسيت إني عايزة أكمل في مجال" كان في منتصف التسعينيات حكرا على الرجال لكنها لم تكترث لذلك "كنت عايز أقول إن السيدات يقدروا يحققوا إنجازات". تفوقت كلاعبة لتحصد العديد من البطولات المحلية والقارية والدولية قبل أن تُعلن اعتزالها في 2013 وهي بطلة الجمهورية لتنضم سريعا إلى عالم التحكيم.

قبل الاعتزال مباشرة حصلت العيسوي على ورشة تحكيم تابعة للاتحاد الدولي للرماية "فكرت إن شغلي في التحكيم هيخليني قريبة من السلاح والذخيرة وجو الرماية بشكل أكبر" لديها شغف خاص باللعبة، لا ترغب في ترك ميادين الرماية، هناك خيط قوي يربطها بهذا المجال "وخبرتي كلاعبة فادتني في تجربتي الجديدة، لأني عارفة القواعد بدرجة كبيرة وبشوف كل التفاصيل بعيون اللاعب ودا بيسعدني كحكمة" انخرطت في العمل لتظهر بأداء جيد للغاية خلال فترة وجيزة.

يعتمد التحكيم في لعبة الرماية على تواجد لجنة حكام مكونة من 3 أشخاص "حكم رئيسي واتنين مساعدين، بيبقى كل واحد فيهم معاه علم عشان ينبه على أي خطأ واحتساب النقاط، وفي لعبة (السكيت) بيكون فيه علمين" يظهرون بصورة مميزة في ميادين الرماية حيث يرتدي كلا منهم "واقي للعين عشان البارود أو الأطباق اللي بتتكسر، وسماعات كبيرة عشان صوت الخرطوش" تؤكد على صعوبة مهمتهم "وظيفة صعبة لأنه مهمتنا هي السيطرة على عدد من اللاعبين اللي معاهم سلاح وذخيرة".

يسعى المحكمون والمحكمات في المقام الأول إلى التأكد من الالتزام بكافة عوامل الأمان خلال ممارسة اللعبة "طبقا لقواعد الاتحاد الدولي لازم يتم تطبيقها وأي لاعب يتهاون بيتم طرده" عُرفت العيسوي بصرامتها خلال عملها وحرصها على خروج كافة المباريات على أفضل ما يكون وهو ما ساهم في مشاركتها بعدد من البطولات الدولية العامة مثل "كأس العالم بألمانيا في 2016، والبطولة الآسيوية المؤهلة لأولمبياد الهند، وكأس العالم بتايلاند في 2017 وكأس العالم بالصين عام 2019 وكأس العالم بالقاهرة السنة الحالية".

نظرا لموهبتها الشديدة سطع نجم السيدة الثلاثينية في سماء التحكيم المصري بالرماية، حيث جرى اختيارها في مارس الماضي كأول سيدة مصرية تشارك في تحكيم نهائيات بطولة العالم للرماية مع الإشادة بها من قِبل الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة عن طريق بيان رسمي صادر عن الوزارة "النهائيات بتكون حاجة صعبة لأن اللعب بيكون على الميداليات الذهب والفضة والبرونز بعكس المشاركة في تحكيم التصفيات الأولية" تنوه إلى أنها أصغر مُحكمة من مصر تشارك في العديد من المحافل الرياضية الكبرى.

تعلم أسرتها مدى تعلقها بالرماية، دفع ذلك زوجها إلى مساندتها لاستكمال مسيرتها والوقوف إلى جوارها في كافة المواقف "لقيت دعم كبير وتفهم منهم لمدى عشقي للرماية" انتقل هذا الحُب إلى ابنها يوسف الذي يبلغ من العمر 8 أعوام "بيجي معايا المباريات، بيقعد على ترابيزة التحكيم" كانت الأمور تسير على أفضل ما يرام قبل أن يهاجمها المرض دون سابق إنذار "أصبحت محاربة سرطان، لكن حلمي تجاه الرماية موقفش أبدا" خضعت لعملية جراحية دقيقة انتهت بالنجاح على أن تستكمل باقي المراحل العلاجية في الفترة القادمة.

منذ الوهلة الأولى أدركت العيسوي مرورها بـ "منحة من الله وليست محنة" على حد وصفها، أدركت قيمة ما زرعته طوال مسيرتها الطويلة في الرماية "كم الدعم والرسايل اللي وصلني وتعبير الناس عن محبتهم كان كبير" تتمسك بتحقيق أهدافها في اللعبة والوصول إلى أفضل مكانة رغم التحديات الصعبة التي تقف عقبة في طريقها "عملي في التحكيم هيكون هو الدافع القوي في تمسكي بطموحاتي" كان لديها أمل كبير في التواجد في أولمبياد طوكيو لكن لم تسنح لها الفرصة.

في مفاجأة غير متوقعة تلقت العيسوي خبر سار تبددت معه وحشة المرض وأيام "اللواء حازم حسني، رئيس الاتحادين المصري والأفريقي للرماية رشحني للمشاركة ضمن طاقم تحكيم كأس العالم في ميادين المدينة الأولمبية بالعاصمة الإدارية" تلقت الأمر بسعادة كبيرة مثمنة تلك اللفتة الطيبة من الرجل الذي يقود اللعبة بمصر، انتابها شعور بالبهجة لعودتها إلى الملاعب مرة ثانية في مطلع العام القادم بينما تشدد على استمرارها في السعي لأن تكون "أول حكم مصرية في طاقم تحكيم الرماية بالأولمبياد القادم".