إعلان

فقدت 22 شخصا من عائلتها.. زينب نجت من القصف الإسرائيلي وتشبثت بالتعليم

08:10 م الأحد 19 ديسمبر 2021

تكريم الجامعة الإسلامية بغزة لزينب القولق

كتبت-دعاء الفولي:

الخامس عشر من مايو 2021. الظلام دامس، أنفاس زينب القولق ثقيلة، يدُ شقيقتها هناء تُمسك بها، أصوات بعيدة لبقية أفراد العائلة تأتي، تُطمئن الأطفال الخائفين بينما الوقت لا يمر. فجأة تسقط قذيفة إسرائيلية على منزل آل "القولق" ويحل الصمت.

في تلك الليلة، اسُتشهد 22 شخصا من عائلة القولق، تتذكر الشابة الفلسطينية ما حدث يومها بالتفاصيل، تُطاردها الكوابيس وصورة أسرتها الراحلة؛ والدتها وأشقائها الثلاثة وأبناء عمومتها وبقية أقاربها. نجت زينب وشقيقها أسامة ووالدها من القصف بأعجوبة، ولم ينج أحدهم من الحزن، لكنهم قرروا أن استمرار الحياة حتمي إذا ما أرادوا مقاومة الاحتلال "وهادا ما راح يحصل إلا بالتعليم أولًا".. تقول زينب لمصراوي.
1

في نهاية نوفمبر الماضي، تلقت زينب اتصالا من عميد كلية الآداب الشعبة الإنجليزية بالجامعة الإسلامية في غزة، يستأذنها في حضوره مع لفيف من الأساتذة لإعطائها شهادة التخرج في منزلها، تكريما لجهودها وتضامنا معها بعد ما حدث، إذ أصرت الفتاة على دخول امتحانات السنة النهائية بكلية الآداب "كنت ممتنة لتكلفهم العناء وزيارتي"، طرقت السعادة بابها قليلا جين رأتهم مرتدين روب التخرج وأعطوها واحدا لترتديه، إذ لم يتسن لها حضور حفل التخرج في الكلية.

أثلجت الزيارة السريعة قلب الشابة وأبيها، خاصة وأنها المرة الأولى التي تقوم الجامعة بتكريم طالبة داخل المنزل "تحدثنا أيضا عن تفوقي وترحمنا على روح الشهداء وسلموني درع التكريم".
D3hEx

لا تعلم زينب كيف مرت السبعة أشهر الماضية "أعتقد أنها مرت برحمة الله وستره". منذ اليوم الأول لاستشهاد الأسرة، اتفق الأب وولديه على "هدف واحد وهو الوصول لنقطة تسلّم شهادتنا كما وعدنا ماما وأهلنا رحمهم الله ولأن العلم نقطة البداية للنهوض مجدداً"، إذ كان شقيقها أسامة يُجري الاختبارات النهائية أيضا في دبلوم هندسة ديكور تصميم داخلي من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية.

أربعة عشر شخصا من عائلة زينب كانوا معها بالمنزل، فيما كان 8 آخرون بالعمارة المجاورة. لا تتذكر زينب التفاصيل كأنما حجبها العقل "لأنه ما قادرين نستوعب حتى الآن". تظهر أمامها صور الساعات الأخيرة سريعا كومضات ثم تنطفئ، تستعيد محاولاتها الاتصال بالحماية المدنية بعد القصف "كنت بس بقدر بالكاد حرّك صوابعي وضليت حاول اتصل فيهم 3 ساعات وفصل الجوال بعدها ووقع من يدي تحت الأنقاض".

حين غطى التراب كل شيء، لم تستطع الشابة تحديد الأحياء من أسرتها من الراحلين، تُنادي أختها ووالديها وأشقائها فلا يجيب أحد، تعلمت زينب التمسك بالحياة، ظلت 12 ساعة أسفل الأنقاض، وحيدة مع الخوف والهواء شبه المنعدم بالمكان "كنت عم بتنفس تراب ورماد"، إلى أن تم إخراجها في اليوم التالي بكسور ورضوض رفقة والدها وأسامة.
3

كانت زينب تعلم دائما أن القصف ملازم لقطاع غزة، لكن منزلهم المكوّن أغلبه من أطفال وسيدات وكبار سن ذاق مرار الاحتلال الإسرائيلي دفعة واحدة "كأنهم بينتقموا من عائلتنا فقط"، في 11 يوما هي زمن القصف الإسرائيلي على غزة والرد من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قُتل 243 فلسطينيا بينهم 66 طفلا وأُصيب حوالي 2000 شخص في القطاع، حسب الأرقام الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، فيما نزح أكثر من 75 ألف فلسطيني هربًا من صواريخ الاحتلال، وفق وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

لم يتبقَ شيء من منزلي آل القولق "صار رماد.. الحماية المدنية طلعولي من تحت الأنقاض بعض متعلقاتهم الممزقة لأحتفظ بأي شيء لهم". داخل منزل زينب الجديد تحاول الشابة استيعاب المُصاب "بابا دايماً كان قادر يهون عليا، على قد منقدر حاولنا نساند بعض.. دائماً بيحكيلي انا واخويا إنه ايش عاوزين أكتر من انه كل عيلتنا متجمعين بالجنة".

2

تُحب ابنة عائلة "القولق" الرسم، طالما كان لسانها حينما يغلبها الحزن، لكنها منذ رحيل الأحبّة "ما بقدر أرسم وعبّر عن اللي حدث.. الأمر أكبر بكثير من قدرتي"، لا تُعاند الفتاة القدر "بس بحشد كل قوتي سواء بمجال دراستي أو بموهبتي لأفضح أعمال الاحتلال القذرة وجرائمهم.. وبكل طريقة تسنح لي سأستغلها لهذا الهدف".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان