لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وُلد كفيفًا وحفظ القرآن في السادسة.. "الشيخ محمد" على خطى الكبار

09:03 م الأحد 28 فبراير 2021

الشيخ محمد عبد الكريم صاحب ثاني أفضل صوت للقرآن 20


كتبت-إشراق أحمد:

ما إن بلغ محمد عبد الكريم الخامسة حتى حملته والدته إلى الكتّاب، نذرت الأم صغيرها كفيف البصر لحفظ القرآن، شملته بالمحبة والدعاء "ربنا يرضيك ببركة كتاب ربنا". رافقت الدعوة عبد الكريم أينما يخطو، لمسها طفلاً تأتيه إذاعة القرآن الكريم لتسجيل تلاوته، واحتضنها شابًا بينما يحصل على المركز الثاني في فئة الصوت الحسن بالتلاوة المجودة في مسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم.

تقام مسابقة بورسعيد منذ 4 سنوات تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بعد تصفيات محلية بمختلف محافظات مصر ليتم اختيار عشرات المتسابقين من بين ألفين متقدم بجانب المشاركين من 21 دولة أخرى.



لم يكن وقوف خريج أصول الدين على مسرح للتكريم شيئًا جديدًا. 374 مسابقة شارك فيها عبد الكريم، يحصيها صاحب السابعة والعشرين ربيعًا عددًا، ففي ذكرها تكريمًا لصاحب الفضل عليه بعد والديه كما يقول "شيخ قريتي مشتول القاضي وشيخ الكتّاب عثمان المسلمي إمام وخطيب الأوقاف".

خلال عام واحد أتم عبد الكريم حفظ القرآن كاملاً، كان في عمر السادسة، إنجاز لم يسبقه فيه أحد من أبناء قريته الثمانية والخمسين ممن ختموا الحفظ على يد شيخه، لكنه لولا والدته ما تحقق "كانت تحملني ميهماش الجو مطر ولا حر"، 365 يومًا ظلت تردد الأم "في سبيل القرآن" بينما تنتظر صغيرها حتى يحفظ اللوح على يد شيخه ثم تعود به إلى المنزل، لتبدأ رحلة جديدة مع آيات الذكر الحكيم "كنت أؤكد على الحفظ من خلال أشرطة الكاسيت وكنت حابب الشيخ محمد صديق المنشاوي". ظل المنشاوي رفيق القارئ الشاب وتأثر به في تلاوته.

1

كان يوم خميس وقت أن اختبر الشيخ عثمان التلميذ النجيب عبد الكريم. ظن الصغير أن الأمر انتهى "ومش عدنا نروح للشيخ والكتّاب ولا ننضرب"، يبتسم الشاب بينما يحكي عن مفاجأته بكلمات معلمه "قال لي إنها البداية" ثم طلب منه الحضور اليوم التالي ليُختبر مرة أخرى أمام جمع المصلين بعد صلاة الجمعة.

رغم صغر عمره حينها لكن عبد الكريم يتذكر ما حدث باللفتة "الشيخ قال في موهبة صغيرة ختمت القرآن من هنا واللي كان على الباب خارج رجع وقعد". في ذلك اليوم اختبر للمرة الأولى معنى أن "كف البصر نعمة"، حلق الصبي بعيدًا عن الجمع "مكنتش شايف حد. كنت مع ربنا". اجتاز القاريء الصغير اختبار شيخ الكتّاب ولاقى يومها مِداد حفاوة لم ينقطع.
عرف عبد الكريم طريق التلاوة مبكرًا؛ في الثامنة شارك للمرة الأولى بمسابقة تابعة لبنك فيصل لحفظ القرآن الكريم، وفي حفل بهيج أعلن فوزه بالمركز الأول على الجمهورية. تجددت الفرحة في بيت "الشيخ محمد" وهذه المرة مضاعفة "قالوا اللي طالع الأول مايمشيش عشان إذاعة القرآن الكريم جاية تسجل معاه".

لم يلتفت عبد الكريم للمبلغ المالي الذي حصده من المسابقة، انصبت سعادته على مجيء طاقم الإذاعة من أجله، ووقتها استشعر الصبي معنى دعوة أمه "إحساس إن القرآن هو اللي بيجيب الشهد"، فما زال يحفظ القارئ حديثه وتلاوته في برنامج براعم الإيمان، وما أسره في نفسه من عهد "قررت أكون أفضل قارئ في العالم".

2

ظل القرآن دافع لتفوق عبد الكريم، فيما تحيطه دعوة الأم بمباركة كتاب الله لطريقه. في كل مراحل الدراسة ينضم اسم حامل كتاب الله لقائمة الأوائل على الجمهورية حتى الثانوية الأزهرية، كان الأول على أبناء دفعته وكرمه شيخ الأزهر أحمد الطيب كما يحكي الفائز بالمسابقة الدولية لمصراوي.
لا يذكر عبد الكريم موضع قدم في مسيرته إلا ويحضر اسم معلمه الأول، بسببه التحق بالتعليم الأزهري، وحتى المسابقة الأخيرة التي فاز فيها كان شيخه دليلاً "عرفت بمسابقة بورسعيد من خلال الشيخ عثمان كانت محلية وتقدمت إليها عام 2007"، ينشرح صوت ابن الشرقية بينما يتذكر أنه كان الوحيد الذي قُدر له التوفيق بالفوز حينها من بين 5 تلاميذ لشيخه تقدموا للمسابقة، تلك المرة كانت بمثابة "الفتح العظيم" حد وصفه.

3

ما كان الفوز في مسابقة بورسعيد قبل 13 عامًا السبب الوحيد لفرحة عبد الكريم وأسرته، بل ما تبعه من تكريم بالذهاب إلى رحلة عمرة رفقة والديه هذا العام أفضل ما حدث للقاريء الشاب؛ في الحرم النبوي مُنح الفائزون في المسابقة هدية لا ينساها الشيخ محمد "قرأنا القرآن أمام المصلين في مسجد النبي". إلى الآن يستشعر أنه لو ما لاقى سوى تلك اللحظات لكفته طيلة عمره، لكن دعوة والدته لا تتركه، تمنحه دومًا أكثر مما يكفيه.

أمام الكعبة المشرفة، تنهمر الدموع شوقًا وفرحًا، تتزلزل مشاعر والدا عبد الكريم، في النظرة الأولى لبيت الله الحرام دعوة مستجابة، ود الوالدان لو كان ابنهما يرى، لكنهما يوقنا في وعد الرحمن، فألحوا بالدعاء "اللهم رد على ابننا محمد بصره"، يسمعهما الابن ليردد من ورائهم "اللهم لا تستجب". لدى الشاب يقين آخر "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه (عينيه) فصبر عوضته منهما بالجنة"، يتذكر القارئ الحديث القدسي بينما يُمني نفسه "الجنة أجمل وأحلى"، وقد أتاه ما يؤكد حسن ظنه.

"رأيت الكعبة في المنام وقت العمرة. أراني الله إياها هي والحجر الأسود ومقام سيدنا إبراهيم". اهتز عبد الكريم للعوض العاجل، لكن هذا عهده مع خالقه، طالما يحمد القاريء الشاب الله على فقد بصره، يتذكر حينما تقدم للزواج من ابنة عمه، راوده السؤال عن شكلها، كاد أن يسأل أسرته لكن شيئًا في نفسه أبى أن يفعل، ليمن الله عليه مرة أخرى في الحلم "أراني الله إياها كأنما يريد أن يعلمني لا تسأل أحد اسأل الواحد الأحد أريك ما تتمنى".

4

في كل وقت تحاوط "بركة القرآن" عبد الكريم كما يصف. ما تخيل ابن الشرقية أن يصبح قارئًا يستحسن الناس صوته، لكن مع السنة الأولى له بالجامعة التقى القارئ الشهير الشيخ عبد الفتاح الطاروطي، ليكون أول من يلتفت لموهبة "الشيخ محمد" الصوتية، ومن حينها انتبه خريج أصول الدين لأهمية دراسة المقامات، لذا التحق قبل عامين بمعهد الطاروطي للقراءات خاصة وقد أتم الحفظ بالقراءات العشر.

سافر عبد الكريم لعدد من الدول للتلاوة، آخرها الإمارات للقراءة في حفل جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، لكن لم تخرج مشاركاته في المسابقات عن الطابع المحلي باستثناء هذا العام "مكنش ينفع أشارك في مسابقة بورسعيد تاني لأني فزت فيها"، ولولا اكتشاف موهبته الصوتية ليشترك في فئة مختلفة "الصوت الحسن" ما كان الشيخ محمد بين الفائزين في مسابقة بورسعيد.

WhatsApp Image 2021-02-27 at 7.08.49 AM

يدين عبد الكريم دومًا لمعلمه الشيخ عثمان ومن بعده الشيخ الطاروطي، فيما يتذكر فضل أبويه عليه في كل صلاة أو خطبه له في مسجده الحبيب المصطفى بمشتول القاضي "والدي هو اللي بنى لي المسجد اللي بقيت إمامه في 2015 بعد نجاحي في مسابقة الأئمة". خشي الأب أن يرى أحدهم ابنه أقل مما ينظرون إليه، فـ"الشيخ محمد" حامل كتاب الله الوحيد في أسرته، بنى والد "الشيخ محمد" المسجد من كده، وهبه صنعته في النجارة ومحبة تفيض على الابن ليستكمل مسيرة القرآن بتحفيظ أهل قريته وتستمر "بركة كتاب الله" كما دعت الأم قبل 22 عامًا.

اقرأ أيضًا:

بالصور والفيديو- صوت ملائكي.. حكاية أفضل قارئ للقرآن في 2021
القارئ محمود وحيد يستلم شهادة فوزه بالمركز الأول كأفضل صوت حسن في تلاوة القرآن

صاحب المركز الثاني.. مصري يبهر لجان التحكيم بمسابقة دولية للقرآن (فيديو)

محمود سويد الفائز بالمركز الثاني في مسابقة بورسعيد لحفظ القرآن الكريم

زينب والشيماء.. بنات مصر في مقدمة حافظات القرآن دوليًا

مسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان