إعلان

"كنا في آخر عربية".. ناجون يروون تفاصيل رحلة "قطار الموت" من الأقصر لمستشفى سوهاج

03:06 م السبت 27 مارس 2021

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبد الرحمن:

صوت سارينة القطار الذي يُدوي في محيط محطة القطارات بالأقصر، يدفع عادل حلمي إلى الهرولة للحاق بالقطار المميز، فعلى رصيف المحطة يلمح الشاب تحرك القطار تدريجيا مع تجاوز عقارب الساعة الـ7.30 صباحا، يُسرع الجري، يلحق بالعربة الأخيرة بالقطار الذي انطلق من الأقصر متجها إلى الإسكندرية، ورغم المقاعد الخالية من الركاب، يصعد عادل إلى الشبكة المخصصة لوضع الحقائب، يضع رأسه فوق شنطته التي حولها لـ"وسادة"، ومدد جسده بطول الشبكة الحديدية، لينام عدة ساعات خلال رحلته التي تستغرق 14 ساعة حتى يصل إلى القاهرة.

بعد ساعة، وصل القطار 157 المميز، كما تعرفه تذاكر ركابه إلى محطة دشنا بقنا، صعد منها خالد أحمد إلى العربة الأخيرة بالقطار، يختار مقعدا بجوار الشباك من بين المقاعد الخالية، يستكمل القطار رحلته، ويتوقف بمحطات 7 مراكز بمحافظتي قنا وسوهاج، كما هو معتاد يصعد ركاب وينزل آخرون، حيث كان يفترض أن يتوقف بمراكز المحافظات التي يمر بها حتى يصل لأسيوط، وبعدها يقتصر وقوفه على عواصم المحافظات حتى نهاية رحلته بالإسكندرية.

الأولي نصف ساعة مرت بعد تحرك القطار من محطة سوهاج، كان القطار خلالها "يهدي شوية ويشد تاني" يقول عادل حلمي، ويؤكد كلامه خالد أحمد، وتوقف القطار على غير عادته، بمحطة قرية الصوامعة الفرعية؛ فيفترض ألا يتوقف بها، وتحرك بعدها ليتوقف مجددا بالقرب من أحد المزلقانات بين محطتي المراغة وطهطا، وأرجع بيان هيئة السكة الحديد التوقف إلى "فتح بلف الخطر لبعض عربات القطار بمعرفة مجهولين"، ليصطدم قطار 2011 المكيف "أسوان_القاهرة" بمؤخرة آخر عربة بالقطار المميز.

"كان فيه 4 ركاب قاعدين أسفل الشبكة التي ينام فوقها عادل حلمي واتنين على المقاعد بالناحية المقابلة دول بعد الحادثة بقوا تحت الكراسي، والعربية اتعجنت في بعضها والناس شدوني من الشباك"، يقول عادل الذي لم تغفل عينه رغم محاولته النوم.

الثانية ويحكي أحمد خالد أن توقف القطار أمر يمكن أن يحدث بسبب أي عطل والقطار يقف تماما، كما حدث في مرات سفره السابقة، لكن في هذه الحالة "القطر العادي بتاعنا وقف والقطر المكيف جه بأقصى سرعته دخل فينا"، وتولى عملية الإنقاذ الأهالي الذين تجمعوا على صوت ارتطام القطارين.

"بلف الخطر" موجود بكل عربة من عربات القطارات، ويستخدم لتعطيل حركة القطار حال وجود خطر، كما أكد عبد الفتاح فكري، رئيس نقابة العاملين بهيئة السكة الحديد، في تصريحات خاصة لمصراوي أمس الجمعة، ولكن بعض الركاب يستخدمونه بطريقة خاطئة، نتيجة للجهل بخطورته وعدم الوعي.

ويقول مساعد سائق قطار يعمل على خط الصعيد، على مدار السنوات الثلاث الماضية، في بعض الأحيان يسحب بعض الركاب بلف الخطر من أجل إجبار سائق القطار على الوقوف، ليتمكنوا من النزول أمام قراهم التي لا يتوقف فيها القطار، بدلا من الذهاب إلى المحطة المركزية والعودة إلى قريتهم في سيارة أجرة.

يحدث ذلك في القطارات المميزة والعادية، ويستغرق القطار وقتا لكي يتحرك مجددا، بوصول مساعد القطار من كابينة القيادة إلى مكان "البلف المسحوب" يستغرق وقتا قد يمتد إلى 15 دقيقة حتى يعود الأمر لما كان عليه، موضحا أن حادث قطاري سوهاج لا أحد يعلم ما حدث وننتظر انتهاء تحقيقات النيابة العامة واللجان الأمنية والفنية المتخصصة لمعرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع الحادث.

داخل مستشفى سوهاج الجامعي، الذي نُقل إليه عادل حلمي وخالد أحمد ضمن 38 آخرين بحسب أحمد حسن مسؤول الطوارئ، من بين 185 مصابا، وزعوا على 12 مستشفى، حالتهم ما بين شديدة ومتوسطة، تقول الدكتورة آية العطيفي "الحالات مش مستقرة وتحتاج إلى دم بشكل مستمر"، موضحة أن هناك حالة تعاني من غيبوبة وأخرى من بتر فوق الركبة، تردد المئات من أهالي الضحايا على مدار 24 ساعة الماضية على المستشفى للبحث عن ذويهم، ودعمت وزارة الصحة مستشفيات المحافظة بـ52 طاقما جراحيا، للمساعدة في إسعاف المصابين، حسبما أعلنت وزارة الصحة.

وداخل قسم الاستقبال والطوارئ بالمستشفى التعليمي، خضع عادل حلمي للإسعافات الأولية؛ حيث كان يعاني من كسور في الذراع والكتف اليسري وكدمات متفرقة في جسده، واستمرت متابعة الأطباء لحالته الصحية، خوفا من حدوث مضاعفات مفاجئة، وفقا لما يقول أحد الأطباء بالقسم "فيه 3 حالات وصلوا المستشفى من المصابين وبعد فترة دخلوا في غيبوبة"، هو ما حدث مع خالد أحمد، الذي حدثت له مضاعفات، ليوفر له المستشفى الرعاية اللازمة، وفقا للطبيب.

بجوار سرير خالد، جلست حلاوتهم السيد، التي وصلت إلى المستشفى "كعب داير" ما بين موقع الحادث والمستشفى العام وطهطا المركزي، ليأتي اتصال لشقيق خالد الأكبر، يخبره المتصل بأن شقيقه نقل ضمن المصابين إلى مستشفى سوهاج التعليمي، ليتحرك بصحبة والدته إلى المستشفى، قبل الاتصال سمعنا من ناس في البلد "قالوا في قطر فات في قطر وناس ماتت" يقول شقيقه خالد، لكن لم نعرف مصيره حتى وصلنا إلى المستشفى، خاصة أنه لم يكن يرد على محاولات الاتصال به تليفونيا، وتقول والدته "كان فاضل له أربع شهور ويتجوز أهو بيموت"، يعاني خالد من كسور متفرقة بجميع أنحاء جسده بحسب تقرير الطبيب.

الثالثة_2مع تدهور صحة خالد نقل إلى العناية المركزة برفقة 3 حالات أخرى خطيرة، كان من بينهم أمين الشرطة محمود عبدالوهاب "كان نازل أجازة" كما تقول زوجته أم شهاب التي سافرت من المنيا إلى سوهاج من أجل الاطمئنان على زوجها "قبل ساعة واحد من الحادث اتصل بينا وأكد لنا إنه ركب القطر"، لتتفاجأ الزوجة بأحد جيرانها يخبرها بتعرض زوجها لحادث ونقله إلى المستشفى، لتصطحب ابنها وشقيقها معها إلى المستشفى، تقول الزوجة "روحت مستشفى طهطا قالوا تم تحويله إلى مستشفى الجامعة". ويعاني محمود من نزيف حاد نتيجة بتر في القدمين، بحسب الدكتورة آية العطيفي الطبيبة المقيمة بالمستشفى.

واحتشد العشرات من الأهالي واللجان الشعبية، للمساعدة في إسعاف المصابين، حيث اصطف العديد أمام بنك الدم للتبرع بالدم، ويقدم آخرون عصائر لكل شخص يتبرع، وشاركت لجنة من الهلال الأحمر ومؤسسة صناع الخير للتنمية في تقديم الدعم للضحايا وذويهم، كما يروي عمر رسلان، أحد المتطوعين بمؤسسة صناع الخير للتنمية "لما عرفنا بالحادث جينا على طول، لأن الحادث كبير ويحتاج إلى المشاركة المجتمعية"، بينما يقول حازم جمال، أحد أعضاء جمعية الهلال الأحمر، تحركنا بسيارة من محافظة قنا، تضم تخصصات مختلفة من فريق التدخل السريع والنفسي وفريق الاستجابة، وشاركنا في إسعاف المصابين ورفع الأشلاء من موقع الحادث.

الرابعة_1

الصورة الأخيرة

لمتابعة كل ما يتعلق بحادث قطاري سوهاج في تغطية خاصة (اضغط هنا)

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان