لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الحنين للأسرة| أول "رمضان" بعيدا عن الأهل.. حكايات نزلاء دار الرعاية الجدد

02:55 م الإثنين 10 مايو 2021

حكايات نزلاء دار الرعاية الجدد

كتب- محمود عبد الرحمن:

لا يزال "ياسر محب" يتذكر الفترة التي قضاها، وهو يتجول بالشوارع من مكان لآخر رمضان الماضي، بحثا عن مأكله ومشربه ومكان يؤويه نهاية اليوم، بعدما فقد عمله "كسائق" بإحدى الشركات الخاصة، بسبب إصابته بقصر في نظره، وعلى أثرها تركته أسرته "زوجته وأطفاله"، ليجد نفسه في الشارع بعدما عجز عن دفع إيجار الشقة التي كان يسكنها.

"صاحب الشقة كان عاوز الإيجار وأنا مش شغال"، يقول ياسر، صاحب الـ48 عاما، الذي قضى سبعة أشهر دون مأوى، يقيم في شوارع منطقة الأردنية بالعاشر من رمضان، يتدبر نومه ما بين حديقة أو موقف سيارات، ليتفاجأ في إحدى الليالي أثناء نومه بمجموعة من الشباب يرتدون زيا موحدا يطالبونه بالذهاب معهم إلى إحدى دور المسنين كمكان أفضل: "خفت منهم في الأول بس مكنش في حل قدامي".

الأولي

داخل مجمع رعاية الأطفال والكبار فاقدي الرعاية، بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، المسند إلى جمعية بسمة للإيواء، أقام "ياسر" وشهر رمضان على الأبواب، وكان ياسر معتادا على أن يقضيه كل عام وسط أسرته، يجتمعون فيه على طاولة واحدة قبل أذان المغرب يتناولون الطعام ويتبادلون الأحاديث الأسرية المعتادة.

لكن هذا العام اختلفت تلك التفاصيل وبقي الرجل وحيدا: "أول رمضان لي بعيدا عن أولادي"، يتذكر رمضان الماضي، عندما كان يداعب ابنه على مائدة الإفطار "الوحدة أوحش حاجة تمر على الواحد في الدنيا".

تحاول مؤسسة بسمة للإيواء التي تضم "أطفالا وكبارا بلا مأوى" تعويض ذلك المشهد الأسري المألوف في رمضان الذي يفتقده "ياسر" المقيم بالمؤسسة مع ‏200 آخرين من كبار السن "رجالا وسيدات"، خلال شهر رمضان.

"المؤسسة كل يوم تقوم بعمل إفطار جماعي بين الأطفال وكبار السن عشان يبقى في جو أسري"، تقول زينب زقزوق، مدير العلاقات العامة بالمؤسسة.

مع اقتراب أذان المغرب يوميا وعلى طاولات متعددة في الساحة الخارجية التي تتوسط المؤسسة يجتمع الكبار والأطفال، تقول زينب، التي توضح أن تطبيق الدمج بين الأطفال والكبار- المسنين آباء والمسنات أمهات والأطفال أبناء- لتوفير الأجواء العائلية والأسرية التي يفتقدونها "المسنين بيكونوا مفتقدين أولادهم والأطفال محتاجين آباء وأمهات"، فعقب الإفطار يقوم الكبار والأطفال معا بالذهاب إلى المسجد لصلاة التراويح، بجانب ممارسة العديد من الأنشطة "الاجتماعية والرياضية والترفيهية: كـالرسم، وعمل المشغولات اليدوية".

الثالثة

"في أول أيامي هنا كنت مخنوق بس حاليا أفضل"، يقولها محمد عبد الصادق الذي كان يقيم بالشارع قبل 3 أشهر، وجاء إلى الدار عن طريق فرق الإنقاذ التي تجوب الشوارع للبحث عن المشردين، ما حدث مع ياسر محب تكرر مع محمد عبد الصادق، تخلت عنه أسرته إثر خلافات عائلية قرر بعدها مغادرة منزله بمنطقة غمرة بالقاهرة: "كل شوية مشاكل وخناقات لحد ما طفشت منهم".

يعمل محمد، منذ سنوات، سمكري ثلاجات بإحدى الورش، لكن كبر السن وحالته الصحية التي كانت تزداد سوءا يوما بعد يوم لم تمكنه من الاستمرار في عمله "تعبت من الشغل قعدت في البيت"، وخلال إقامته سرعان ما تغيرت معاملة زوجته وأولاده الثلاثة له، ليقرر مغادرة المنزل تجنبا للخلافات وبحثا عن مأوى آخر له "قعدة الشارع أحسن من إني أعيش وسطهم وأنا تقيل".

"مشتاق لقعدتي بين أولادي في رمضان"، يستكمل صاحب الـ68 عاما، يتذكر لمة ما قبل الإفطار انتظار أذان المغرب "رمضان وحش جدا من غيرهم"، وعلى الرغم من حنين الرجل لهم، لا يريد أن يعلم أولاده الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما مكان إقامته، تجنبا لحدوث صدام بينه وبينهم مرة أخرى لإقامته في دار مسنين دون علمهم: "هيفضلوا يقولوا إيه اللي جابك هنا"، موضحا أنه لو كان يعلم أن أحدا منهم يريده ما ترك المنزل وتجول في الشوارع.

"نفسي أشوف إخواتي البنات زي الأول"، قالها يوسف علي، 9 سنوات، الذي يقضي هو وشقيقه محمد، 7 سنوات، رمضان لأول مرة بالمؤسسة، بعدما جاءت بهما إحدى الوحدات المتنقلة إلى المؤسسة لإقامتهما في الشارع عقب انفصال والديهما، وتزوج كل منهما من آخر "أغلب الأطفال هنا نتيجة التفكك الأسري"، وذلك بحسب ما يقول محمود محمد، مدير الرعاية بمبنى الفتيان بالمؤسسة.

مع بداية شهر رمضان استضافة المؤسسة 40 أسرة من المتبرعين الدائمين للجمعية؛ لمشاركة نزلائها الأجواء الرمضانية، ويرى حسن جبر؛ أحد المتبرعين الذين جاءوا إلى الدار، بصحبة بعض أفراد من أسرته، أن مشاركة المقيمين بالدار والتعايش معهم يعطيهم ثقة بأنفسهم، ويسهم في إعادة دمجهم بالمجتمع.

ويتمنى "جبر" المهندس الزراعي بالمعاش؛ تكرار تجربة الإفطار مع النزلاء كدعم نفسي ومعنوي لهم، وألا تقتصر المساعدة على الدعم المادي "الناس دي ملهاش حد يحن عليها".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان