لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أصحاب المقامات العالية (13).. "الطرطوشي" فقيه الإسكندرية الذي حافظ على المذهب السني لمصر

01:26 م الخميس 13 مايو 2021

مسجد أبي بكر الطرطوشي

كتبت- هبة خميس:

بين شوارع حي الجمرك بالإسكندرية يبدو مسجد أبي بكر الطرطوشي مختبئاً لا يتأثر بعوامل الزمن من حوله، بالقرب من الباب الغربي للجمرك يتبدى لنا المسجد الذي يحمل فيه داخله الضريح به مقبرة الطرطوشي ومقبرة تلميذه محمد الأسعد.

يصف الإمام السيوطي المسجد في إحدى رسائله مسجد الطرطوشي، بأنه كان مسجداً ومدرسة لتعليم العلوم الفقه والعلوم الشرعية، المسجد يتكون من بناء مستطيل به ثلاثة صفوف من الأعمدة مقسمة لأربع أروقة وله دور ثاني للسيدات، والضريح خلف القبلة يحتوي على مقبرته ومقبرة تلميذه.

في الأندلس في مدينة طرطوشة ولد أبو بكر محمد الأندلسي عام 451 هجرياً ليكبر وينشأ في المدينة يدرس بها وينهل من علومها يحفظ القرآن ويدرس ثم يتلقى الأدب على يد أبي محمد بن حزم بمدينة أشبيلية ليصحب الفقهاء والعلماء في الأندلس يتلقى على يدهم العلوم، يُقال أنه كان يمر على الفقهاء نيام ثم يضع لهم الدنانير لأنه ولد لعائلة ميسورة الحال تؤمن بأهمية العلم.

في عام 476 هجرياً قرر الطرطوشي الرحيل للشرق والحج ليزور بعدها مدينة البصرة يقعد فيها يكمل دراسته في المعاهد النظامية سنوات ليرتحل إلى الشام، ومن الشام لبيت المقدس إلى نهاية المطاف مصر التي كانت تحت الحكم الفاطمي وقتها. ولما وصل إلى مصر استقبله وقتها وزير الخليفة الفاطمي "بدر الدين الجمالي" لما ذاع صيته في الشام وزادت شهرته.

وحينما قتل الوزير الأفضل كان الطرطوشي ينهي كتابه الشهير "سراج الملوك" ليهديه للوزير الجديد المأمون وكاتباً عليه:

الناس يهدون على قدرهم لكنني أهدي على قدري

يهدون ما يفنى وأهدي الذي يبقى على الأيام والدهر

في عهد الخليفة المستنصر حينما استقر الطرطوشي بمدينة رشيد المجاورة للإسكندرية ووقتها كانت مصر خارجة للتو من الشدة المستنصرية التي كانت مجاعة صعبة أتت على معظم أنحاء البلاد، وحينما مات المستنصر اختلف أولاده من بعده ورحل ابن المستنصر للإسكندرية لتقوم حملة عسكرية تفتك بالمدينة بسبب إيوائها له، وعقب كل تلك الأزمات قرر أهل المدينة الذهاب في وفد للطرطوشي حينما سمعوا عن علمه ليقنعوه بالمجيء للإسكندرية ليعلم أهلها المذهب المالكي السني لتظل المدينة على مذهبها.

وبتلك المدينة تزوج الطرطوشي سيدة من أهل الإسكندرية ذات مال ونفوذ وهي ابنة خال تلميذه أبي الطاهر وهبته منزلاً فقرر تحويله لمدرسة لتلقين الناس العلوم الشرعية والفقهية. وأثناء إقامته في الإسكندرية لم يستطع أن يحابي رجال الدولة ليتم اعتقاله وتحديد إقامته بمسجد الرصد بالفسطاط، لكن بعد وفاة الوزير الأفضل بعد شهر أفرج عنه ليعود للإسكندرية يستكمل مسيرته في التعليم والتأليف.

عرف عن الطرطوشي نظمه للشعر وكتابته للأدب لكن مؤلفاته ركزت على الفقه والتفسير وفن الحكم والسياسة وأشهرها كتاب "سراج الملوك" و"بدع الأمور ومحدثاتها"، "كتاب الفتن" و"الكتاب الكبير في مسائل الخلاف".

يُقال عن الطرطوشي أنه من حفظ للإسكندرية ثباتها على المذهب المالكي السني على خلاف من السلطة التي كانت تنتمي للمذهب الشيعي، وعاش الطرطوشي باقي حياته بالمدينة لا يفارقها إلى وفاته عام 520 هجرياً ليظل مسجده شاهداً على علمه ومعلماً مخفياً من معالم المدينة التي كانت منارة لتعليم الفقه والشريعة.

المصادر:

كتاب "سراج الملوك " للطرطوشي

كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان