إعلان

فلسطيني عن قصف إسرائيل محل عمله بغزة: انهدم العمر في لحظة

09:47 م الثلاثاء 25 مايو 2021

كتب- محمد زكريا:

كان الاحتلال يكثف ضرباته الصاروخية على البنايات و"الأبراج" في غزة. داخل منزله بالقطاع المحاصر بالموت، ظل محمود الدريملي يتابع أخبار العدوان الإسرائيلي لحظة بلحظة، قبل أن يصدمه الخبر. قصفت إسرائيل بناية الأوقاف غربي غزة بصاروخ تحذيري، وهي مقر عمله شركة "مشارق"، بعد 10 دقائق من إنذار سكانها بضرورة إخلائها، قبل تدمير الطائرات الحربية الإسرائيلية لها بشكل كامل. لحظة أحس فيها الشاب أن العمر صار رُكاما، لكنه صمد.

1

ولد الدريملي في غزة، ولعائلته جذور في القطاع. انضم إلى فريق عمل شركة "مشارق" قبل 12 عاما كاملة، وهي مؤسسة تعمل بغزة في مجال الدعاية والإعلان والإنتاج الفني والموسيقي منذ عام 1999. بدأ الشاب كمحاسب، حتى أوصلته سنوات من الاجتهاد والتعب إلى أن يصبح مدير المبيعات بالشركة، بينما يعتبر نفسه واحد من مؤسسيها وأعمدتها، رجوعا إلى ما حققته الشركة من نجاحات في سنوات عمله، درجة تعاونها مع أكبر الشركات بالشرق الأوسط في المجال نفسه.

كان مشهد القصف قاسيا على فؤاد الدريملي، لم يتحمل البقاء بمنزله في تلك اللحظة، ارتدى ملابسه وحذائه بينما نسي ساعته ونظارته، وهرول بوجه شاحب حزين إلى مكان البناية أو لنقل ركامها. طابقين كاملين للشركة كل واحد يعادل 4 شقق لم يعد لهم أثر ولا وجود، اللهم إلا أجزاء متناثرة من معدات وأدوات ضخمة كانت تستخدم في تسجيل الصوت وخشب مكتبي وكراسي، كما الحال بالضبط بالنسبة لكل ما يتعلق بمركز الأوقاف الديني الفلسطيني بالبناية نفسها، وما يتعلق بمكتب محاسبة وصيدلية موجودين بأدوارها.

2021_5_25_21_46_21_396

أمام الخراب تحضر الذكريات، دائرة جهنمية. تذكر الدريملي المرة الأولى التي دخل فيها المبنى، توتره من ألا يوفق في يوم العمل الأول، ضحكاته مع زملائه الجدد وأصدقاء عمره بمرور السنوات، أول مرتب، وأول "عزومة" من مبلغه لأسرته، ساعات الضغط في العمل، وطعم النجاح الذي ذاقه لسنوات، المواقف العسيرة، وأيام الراحة. كل ركن في البناية يحمل للشاب ذكرى، بالأحرى كان يحمل له ذكرى، فلم يعد وجود الآن لأي ركن، حولهم الصاروخ لأحجار وتراب، تكوم في لحظة على الأرض ومعه تعب العمر. يقول مدير المبيعات إن خسائر الشركة تتعدى المليون دولار، علاوة على تهدد لقمة عيش ما يقرب من 60 موظفا بالشركة، غير أنه يعتقد بأن خسائره أكبر بكثير، وبتعبيره: "ما عاد لي بيت في وطني".

2021_5_25_21_45_33_36

كان العدوان الأخير على غزة، والذي استمر لـ11 يوما كاملة، شؤما على الدريملي منذ البداية. ثاني أيام القصف الإسرائيلي، كان الشاب على موعد مع عزاء عمه، وقد مات جراء سقوط صاروخين من الاحتلال. قُصفت سيارة على مقربة منه، فلحقته إصابة خفيفة، وبينما يطبب المسعفون جراحه بالشارع، أطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية صاروخا آخر بينهم، فمات في التو. بدأ العدوان بموت القريب، وانتهى بخراب مقر العمل.

لا تعرف إسرائيل إلا الخراب، هذا ما يعتقده الدريملي، وعاصره في 3 عدوانات سابقة على غزة. لا ينسى مشاهد الموت نهاية عام 2008، كان وابل الصواريخ يستهدف كل مكان، لم ينجُ رجل ولا امرأة وقُتِل مئات الأطفال، كان وجعا في كل مكان وعزاء أيضا. ولا يزال يتذكر عدوان 2012، الدمار واحد والقتل واحد والضحايا أبرياء، تخيل أن تفتقد فجأة صديقا للأبد، أن يلحق صاروخ بحبيب لك وهو غارق في النوم، أن تكون معرضا للموت في أي لحظة. بينما كان لقصف مركز المسحال الثقافي في غزة بالعام 2014، عظيم الأذى على نفس الدريملي، فداخل بنايته أحب الفن والمسرح وتكونت أجمل ذكرياته. العدوان الإسرائيلي يلاحق كل من يعيش في غزة، من الميلاد حتى الممات.

لم تكن "مشارق" مجرد وسيلة لكسب العيش بالنسبة للشاب، بل كانت كالأمل في مستقبل أفضل في ظل احتلال وحصار.

صورة 4

المعنى من موضع آخر عبر عنه مئات الحزنى على قصف الشركة في غزة.. استمع إلى نبضهم عبر الدريملي في المحتوى الصوتي التالي:

لم يوقف العدوان مساعي الدريملي، عاد وزملاؤه إلى العمل، استأجرت "مشارق" مقرا صغيرا، ومنها يدير الفريق العمل، لا يزال يحلم الشاب بأن يظل ضمن فريق يحتضن المبدعين، وقادر على أن يكون صوتا حقيقيا لفلسطين.

تابع باقي موضوعات الملف:

فلسطيني يروي دقائق الرعب والفزع في قصف إسرائيل لبنايته بغزة

1L

جار القصف الإسرائيلي على بنايات غزة: نعيش الموت مرات

2-

بين نارين.. كيف تعيش مصورة فلسطينية في غزة وسط القصف الإسرائيلي؟ (صور)

3-

قصف الاحتلال منزلها بعد 4 أشهر من الزواج.. رسالة سيدة من غزة إلى العالم

4-

فلسطينية تروي ذكرياتها مع بناية قصفتها إسرائيل: انخلع قلبي لكنه لا يزال ينبض

5-

كيف قصفت إسرائيل أسرة مكونة من 50 فردا في غزة؟ (فيديو)

7

في 11 يوما.. حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة (فيديوجراف)

8

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان