أحلام في المصنع.. كيف احتضنت "المستلزمات الطبية" حياة 30 سودانيًا في مصر؟
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتابة وتصوير- إشراق أحمد:
الآن يمكن لمحمد إبراهيم أن يلتقط أنفاسه. أصبح لديه سكن، وما عادت اللهجة المصرية تشكل عائقًا له. اليوم صار له رفيق يلجأ إليه، و"صنعة" يتكسب منها دخل يرسله لأسرته في السودان، وفضلاً عن كل ذلك، عاد الفتى ذو السابعة عشر عامًا ليحلم من جديد.
داخل المنطقة الصناعية في حي التجمع الثالث التابع لمدينة القاهرة الجديدة، يقع مصنع كابيتول. مبنى مكون من خمسة طوابق، رمادي اللون، اتخذه أصحابه لإنتاج المستلزمات الطبيبة من كمامات وملابس، بينما أصبح معروفًا بأنه قِبلة السودانيين الباحثين عن عمل، إذ بلغ المنضمين إليه نحو 30 سودانيًا من إجمالي العاملين فيه، يعملون جنبًا إلى جنب قرابة 80 مصريًا كما يقول حسام ربيع مدير المصنع.
ينتمي محمد إبراهيم للعاملين الجدد والأصغر عمرًا، التحق بالمصنع قبل ثلاثة أسابيع، سبقها أيام عصيبة؛ سكن الفتى "الخرابة"، مصنع مهجور في المنطقة يعرفه السودانيون بهذا الاسم، اضطر للإقامة فيه بعد وصوله مصر قبل ثلاثة أشهر، لكن حينما أتى عامل سوادني يخبره بأن بإمكانه العمل في تصنيع الكمامات. طرق إبراهيم أبواب المصنع دون علم بوجود سودانيين آخرين.
ما كان التحاق السودانيين بمصنع المستلزمات الطبية مخططًا له؛ تشارك 5 أصدقاء بينهم طبيبين في تنفيذ مشروع يضعون فيه بصمتهم ويخدم المجتمع في وقت حرج "بدأنا مع فترة كورونا شهر يوليو 2020"، لم يملك الرفاق سوى ماكينة واحدة وعامل لها، واثنين آخرين للنظافة والأمن. شيئًا فشيئًا زاد عدد العاملين بما لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة، غير أن الأمور تبدلت في ذلك اليوم.
بينما يجلس ربيع، المهندس الزراعي المتفرغ لإدارة المصنع في مكتبه بالطابق الأول، إذا بشاب أسمر اللون، لهجته غير مصرية، يسأله عن عمل يتوافر له، يتردد ربيع لكن ثمة أزمة تتعلق بتسليم طلبية إلى السودان، يسره قدر أن يكون الراغب بالعمل سوادني الجنسية، يوافق مدير المصنع "قلت له هجربك ونشوف"، لكنه تفاجيء بشرط للشاب "قالي اديني اروح آكل الأول عشان يبقى عندي طاقة اشتغل وللضمان خد باسبوري".
تعجب المصري للطلب إلا أنه استجاب، وخاب ظنه بعدم عودة الشاب السوداني "رجع وأدى شغل كويس أوي"، وكان الفتى الأسمر عصام، أول عامل سوداني يلتحق بالمصنع.
بعد انتهاء اليوم تحدث ربيع إلى عصام، عرف حكايته من السكن رفقة سودانيين آخرين في المصنع المهجور بالمنطقة، وما وراء طلبه لرهن جواز سفره حتى يأكل "عرفت أن في محلات ممكن تحجز باسبور واحد سوداني على ساندويتش جبنة". لم يصدق مدير مصنع المستلزمات الطبية ما سمع حتى ذهب ورفاقه للمكان المهجور، ومنه عزموا ألا يُغلق باب مصنعهم أمام لاجيء سوداني.
دخل إبراهيم المصنع مُحملاً بتجارب ليست الأفضل؛ عمل لمدة شهر في مصنع للأطعمة سريعة التحضير، تحمل المشقة ولولا أغلق أبوابه لاستمر مدة أطول"كنا نشيل 25 كيلو من العربية للطابق الثاني لكن نتحمل عشان في شغل وفلوس"، ثم التحق بمطعم وغادره بعد أسبوع "كان التعامل سيء يختلف بين مصري وسوداني"، لكن كل شيء ذاب بعد اليوم الأول له بين المستلزمات الطبية.
ذهب القلق عن إبراهيم حين علم أن بإمكانه الإقامة في سكن بالمصنع، وتضاعفت فرحته للقائه بمن يتحدثون بلسانه "تفاجأت بأن في سودانيين تانيين بالمصنع. كانت حاجة حلوة واطمنت بعد ما لقيت أن كله هنا واحد بيتعامل زي بعضه".
منذ وصل الفتى ذو السابعة عشر عامًا مصر وهو يعاني؛ لا يفهم الكثير لكنته السودانية واستغرق طويلاً لمعرفة اللهجة المصرية، فيما كاد يخيب أمله بأن يجتمع وأسرته ويعود للدراسة مرة أخرى.
كان إبراهيم في الصف الثالث الثانوي حينما غادر السودان. عقد الآمال أن يجتهد للحصول على مجموع جيد يُضاف إلى الـ80% في الصف الثاني الثانوي للالتحاق بكلية الهندسة، غير أن جائحة كورونا بددت مخططات الطالب.
توقفت الدراسة، تأزمت أحوال أسرته المادية، ووجد المخرج لمساعدتهم بالسفر إلى مصر، دفعه أهله للتراجع "أنا أول حد أسافر بره السودان. قالوا لي مش هتمشي لوحدك"، لكن إقدام صديق له على الترحال هون الأمر، وكان سببًا في نجاة إبراهيم "كنت المفروض انزل على أسوان بس الحد اللي كان هيستلمني رقمه مجاش على الخط، ما عرفت أوصله"، فأكمل مع صاحبه طريقه إلى القاهرة.
ملامح إبراهيم تُظهره في عمر أصغر بين رفاقه، لكن في المصنع لا فرق بين كبير وصغير إلا بالإتقان. تحدى الفتى مخاوفه في ساعات العمل "كنت مبعرفش اشتغل وبطيء"، انضم لفريق الفرز والتعبئة، المحطة الأولى لحديثي الاشتغال، علبة تلو الآخرى وأصبح يجيد الأمر بل ويحصي ما يفعل "كنت بعمل علبة كل 3 دقايق. دلوقت 5 علب" مبتسمًا يحكي الفتى.
ترك إبراهيم طموحاته على أعتاب مصر. كانت أقصى رغباته أن يعمل ليرسل جنيهات إلى أسرته لتعينهم على الحياة، وربما تعيد بناء منزلهم والمساهمة في زواج شقيقته، أما اليوم يستشعر الراحة للسكن بين رفاقه حتى لو كانت حجرة صغيرة تتسع لأربعة أشخاص، عادت لابن مدينة أم درمان خططه وأحلامه "قلت لعيلتي نيجي نستقر هنا نشتغل كلنا ولما المدارس تفتح لو في فرصة هدخل المدرسة تاني وأكمل تعليمي وأدخل الجامعة".
لا يستطيع المصنع توفير مكان إقامة لجميع العاملين نظرًا لمساحة المكان، يضطر ربيع ورفاقه لإعطاء أولوية لأصحاب الظروف الأصعب. يبلغ عدد المقيمين نحو 15 شخصًا بحسب قول المدير.
مازالت خطى إبراهيم مترددة داخل العمل، ينكمش الفتى حينما يتغير مكانه من الطابق الأول للثاني لفرز الملابس الطبية، وحده رفيقه الأكبر عمرًا مهدي حامد القادر على استيعابه وكسر خجله وإعادته للاندماج، يشاركه العمل ويتحدث إليه، وهذا أصبح دور مهدي بعدما صار ركنًا أساسيًا بالمكان، وكبير العاملين السودانيين في المصنع، رغم أن رحلته فيه لا تتجاوز ثمانية أشهر.
مهدي من الجيل الأول للمصنع كما يلقبه المدير، كان بين 15 عاملًا التحقوا بالمكان، كثير منهم تحررت جوازات سفرهم من المرهونية مقابل الطعام.
يحفظ مهدي تاريخ وصوله لمصر؛ 19 سبتمبر 2020. لم يكن يعرف الشاب العشريني في الحياة سوى حلمه "ابقى مغني مشهور وأعرف الناس بالأغاني السودانية". توقف مهدى عن الدراسة قبل المرحلة الجامعية، تفرغ لمشواره في الغناء "كنت أغني في الحفلات والأفراح"، تقدم بخطى جيدة لكن تدهور الأوضاع الاقتصادية في السودان وتأزمها بعد كورونا دفعته لقرار الهجرة لتحقيق حلمه.
رغم الظروف والحاجة للمال إلا أن مهدي تنازل عن العديد من الأشغال مقابل التعامل. تعرض الشاب كثيرًا للخذلان "كنت أروح العمل ألاقي حاجة غير اللي اتحكى لي عنها". تخبطت خطاه حتى وصل مصنع المستلزمات الطبية بعد ثلاثة أشهر من تواجده في مصر.
ما إن لمس مهدي حُسن التعامل في المصنع حتى استقر، عايش بدايات العمل وصعوباته، محاولات أصحاب المكان لتكييف العمال السودانيين وتعليمهم، فلم يجلسوا على الماكينات مع المصريين من اليوم الأول. وجد ربيع ورفاقه أن يهيئوا الأجواء كما يقول لمصراوي "عملنا ورديات ليل للسودانيين من الساعة 8 والمصريين في النهار".
لنحو 5 أشهر لا يعرف عامل مصري بوجود أخرين من بلد شقيق، حتى بدأ يخرج إنتاج جيد، حينها اتبعوا مبدأ التنافس "كنا نقول لهم عندنا ناس سودانيين بيطلعوا أحلى شغل"، استمر الوضع إلى أن طالب العمال المصريين برؤية زملائهم من السودان.
رويدًا انضم السودانيون لورديات النهار، كان منهم مهدي. أثبت صاحب الرابعة والعشرين ربيعًا كفاءة يتحاكى بها من بالمصنع. سريعًا تعلم "الصنعة"، انتقل من الفرز إلى العمل على المكن. لم يتوقف الشاب عن الغناء، واصل الدندنة بين نفسه ورفقاه، وما كان أحد يعلم بشأن موهبته سواهم، لكن بعد 15 يومًا له في المكان انكشف أمره.
يهوى العمال السودانيين تشغيل أغاني وطنهم أثناء العمل، وإذا بوردية في الليل يمر عمرو عبد الحكيم، عضو مجلس إدارة المصنع بصحبة أحد الزائرين، يخبرهم المدير أن يعلو من صوت الأغنية لمحبته الفن السوداني، فيخبره صديق لمهدي "الولا ده بيغني". يستمع صاحب العمل للشاب في جلسة أمام المصنع ويعجب بصوته، ومن وقتها يلقى الدعم، فلا يتوقف الشاب عن الغناء بالمصنع.
يدخل مهدي صالة "التنبيط" –تثبيت الأشرطة في الكمامة-، يطالبه أحد العمال بأن يدندن لهم فيستجيب سريعًا. يعرف مدير المصنع الأغاني السودانية التي سمعها من مهدي، يخبره بأن هذه لم يغنها من قبل وتلك سمعها سابقًا. أصبح الشاب على عتبه حلمه بأن ينقل الفن السوداني لغير السودانيين.
على خطين متوازين يسير مهدي داخل المصنع؛ يطور نفسه في الغناء "بعتبر نفسي غيرت في الخامة بتاعة صوتي. بعمل تمارين صوت وأدندن عشان ما انساش إحساسي بالغنا"، فيما يجتهد ليتعلم المزيد عن "صنعة" المستلزمات الطبية. كسر رهبة العمل في قص الأقمشة، يدين بالفضل لـ"عم أحمد عمارة" المصري الذي سقاه العمل حتى تمكن منه بعد أسبوع واحد وصار بعد فترة قصيرة "مقص دار"، وهي رتبة مهمة في دائرة الإنتاج بالمصنع.
8 أشهر انقضت على مهدي في مصر، تغيرت ملامح الحياة، أصبح أكثر تفاؤلاً وإيمانًا بدوره في انتشال أهل وطنه ممن مرورا بمثل ظروفه، وتفجرت طاقة أمل داخله لحظة علمه بأن الفنان تامر حسني سيزور المصنع في جولة بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالتزامن مع إحياء اليوم العالمي لللاجئين.
شعر مهدي أنه فرصة كبيرة تنتظره "عشان أوصل لتامر لازم أدخل مسابقة زي ذا فويس لكن هو جاي لغاية مكاني". كان استعداد جميع العاملين لاستقبال تامر في كفة، ومهدي في أخرى "حضرت أغنية ليه اسمها ارجع لي وأغنية سوداني". أراد أن يحظى بوقت يسمعه فيه صوته، وقد ناله؛ قدمه مدير المصنع كصاحب موهبة غنائية، استمع له تامر في أغنية سودانية، وشاركه الغناء في أخرى.
"قالي صوتك حلو بجد" ينام مهدي قرير العين منذ استمع لتعليق تامر حسني على موهبته. يزيد حماسه للقادم ومواصلة السعي كي يجد مكانه كفنان سوداني "هأواصل الغنا. نفسي الموسيقى السودانية تكون عالمية".
لم يستغرق وقتًا طويلاً حتى يتكيف العاملون السودانين والمصريين داخل المصنع. في اليوم الأول لأي عامل يخبره ربيع بتقاليد المكان من الاحترام لجميع العاملين، بينما لا تتوقف دعوات التجمع سويًا في جلسات للغداء، ينادي مشرفين العمال تامر ربيع وزوجته مريم كمال على مهدي ورفاقه، يخبرهم الأخير بـ"الأكل من غير أم وأبو يوسف مالوش طعم".
وشهد سطح المصنع العديد من اللقاءات، يتواجد أرباب العمل والمشرفون والعمال المقيمين، يتحدثون معًا "المصريين يتكلموا بالطريقة السودانية والسودانيين يتكلموا مصري" كما يقول مهدي، ويتسامرون بالغناء أيضًا.
بعد أسبوع انكسر حاجز الخوف لدى أم ندى، خشيت السيدة من عدم فهمها لحديث زملائها من السودان، استمرت في سؤالها للمشرفين "هتعامل معاهم إزاي هم بيتكلموا عربي زينا؟"، وحينما علمت أن اللغة لن تقف حائلاً زال عنها القلق.
راهن أصحاب المصنع على الألفة، ودعموها بوضع القواعد؛ منعوا لفظ "خرابة"، واشتغال أي عامل سوداني جديد من الاشتغال في أعمال النظافة أو الحراسة إلا بعد ثلاثة أشهر، يوضح مدير المكان السبب "السوداني طول الوقت فاكر أن المصري يشتغل في مكان مميز والسوداني مالوش غير شغل العتالة والحاجات الأقل". أراد القائمون على العمل منح الأمان للغرباء حتى يأنسوا لمن فيه، وبالفعل كسبوا الرهان "بقوا من نفسهم يمسكوا المقشات وينضفوا معانا من غير ما حد يطلب منهم".
اليوم يستشعر محمد كمال أنه بمنزله، يتجول بحرية، يستقبل الزائرين بترحاب ويُعرفهم بالمكان. حين قدم للمصنع لم يتخيل أن بإمكانه الحصول على إجازة والعودة للسودان، لكنه بعد عمل 7 شهور فعل هذا، أمضى شهرين في بلده ثم عاد لمكانه مرة أخرى.
غادر كمال السودان أواخر عام 2019، وهو بالفرقة الثانية لقسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب. جمد دراسته وكل شيء "كنت بلعب كرة قدم في نادي بالدرجة التانية".
لا تختلف ظروف كمال عن رفاقه، لكن معادلته للأمور بالورقة والقلم "العيشة صعبة في السودان إلا للي عنده ضهر وأبوه وزير وأنا أبويا مش وزير. الدولار يساوي 500 جنيه سوداني لكن في مصر المعيشة أرخص". يقول الشاب إن ما تحتاجه أسرة للطعام فقط يتراوح ما بين 40 و50 ألف جنيه سوداني.
يحسب راتب العمل في مصنع المستلزمات الطبية بالإنتاج، لذا يستمر كمال حتى اليوم "إيدي خفيفة على المكن واتعلمت بسرعة"، ما عاد يحمل صاحب الخامسة والعشرين ربيعًا همًا لإرسال ما يعين أسرته على الحياة وللإنفاق على شقيقه الأصغر، تراوده بين الحين والآخر فكرة استكمال الدراسة لكن تعرقله الحسبة مرة أخرى "عشان ادرس لازم رسوم الجامة والسكن عايز أقل حاجة ألفين دولار"، فيكتفي بتحقيق رغبته في مساعدة عائلته.
ما شعر به كمال من استقرار دفعه للعودة لما يحب، يجتمع ورفاقه للعب الكرة أمام المصنع بعد انتهاء العمل، احتفظ بحلمه لنفسه حتى استوقفه ربيع، مدير المصنع، متحديًا له أن يواصل "تنطيط" الكرة مقابل مقابل منحه 200 جنيهًا، فعلها كمال وإلى الآن يتندر ربيع بأنه عرقله كي لا يدفع المبلغ المراهن عليه، لكنه أصبح يدعمه وباتت موهبة كمال الكروية معروفة بين رفاقه، واستعاد رغبته "بحلم ألعب كورة".
كذلك تبدلت الأحوال بالنذير علي، لكن ابتسامته حاضرة. كان يملك الشاب العشريني حياة ميسورة؛ مصنع صغير للجبن افتتحه قبل خمسة أعوام، يعمل معه عمال، ويحتضن زوجته وابنتيه "كنت مكتفي لكن الظروف ساءت مبقاش في فلوس". قرر النذير اللحاق بشقيقيه إلى مصر قبل 5 أشهر.
لم يهتم النذير لشيء سوى أن يحصل على عمل للانفاق على أسرته المصاحبة له، التحق بالمصنع منذ ثلاثة أسابيع، اطمأن لوجود صحبة من السودان لكنه في نفسه لا يحمل الأمر وقعًا كبيرًا "لو كان مصري أو سوداني ما كان فرق.. المهم الرزق".
أحلام النذير مثل كل رب أسرة يضطره ضيق المعيشة للغربة "كل اللي أتمناه ألم فلوس وارتاح ضميريًا مع ابنتي ومرتي وارجع تاني للسودان".
تُقدر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عدد السودانين المسجلين لديها في مصر بنحو ٤٧،٧٦٣ألفًا، ومن جنوب السودان 19 ألفًا –حسب آخر إحصاء 2019، فيما داخل مصنع كابيتول، تردد 30 عاملاً سودانيًا، اشتغلوا في ورديات عمل، ومنهم مَن عاد لوطن لقضاء إجازة، ومَن وجد فرصة عمل أكبر.
لا تتوقف آلات المصنع، معها تدور أمنيات السودانيين، يحلم إبراهيم بيوم عودته للدراسة والالتحاق بكلية الهندسة، ويتخيل مهدي وقوفه أمام جمهور كبير فيزيد خطوات سعيه، بينما لا يتوقف بحث كمال عن نادي ينضم إليه للعب كرة القدم بشكل احترافي.
ويأمل ربيع أن يستقبل مصنعهم كل محتاج جديًا للعمل سواء من السودان أو جنسيات أخرى "أحنا بنعلم عشان نستفيد مش هنكر، لكن الناس دي لما تطلع بره وتقول أنا صنايعي غير لما يقول أنا عايز اشتغل وهو مش بيعرف يعمل حاجة". يعكف الجميع على الإنتاج لتوفير طلبات الكمامات والملابس التي زاد الإقبال عليها للعام الثاني من الجائحة، يوقنون أن بأيديهم ينتجون سبل الوقاية، ومنها ينجون بأنفسهم وأحلامهم.
فيديو قد يعجبك: