«شعرنا بالحزن لوفاة المصريين الأربعة».. صاحبة أبرز صورة في حرائق قبرص تروي مشاهد الكارثة
كتب- عبدالله عويس:
كان لون السماء يجمع ما بين حمرة وصفرة ومزيج بينهما، حين التقطت أندريا أنستاسيو، صورة تظهر حرائق قبرص الأخيرة، وقد امتدت إلى قرية مجاورة لقريتها. نشرت الصورة بملاحظة اعتبرتها مهمة «لم تمر الصورة على تعديلات أو مرشحات». لتتناقل الصورة وكالات الأنباء وكثير من المواقع العالمية. فيما يظل التساؤل على لسان أندريا، التي وثقت بصورتها طفلا يتابع ما يحدث: «ما الإرث الذي نتركه خلفنا للأجيال القادمة؟».
ظهر أمس، السبت، اندلع حريق لم تعرف أسبابه بعد، في جنوب جبال ترودوس، التي تغطيها أشجار كثيفة الخضرة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تخطت الـ40 درجة مئوية. ولحقت أضرار بعشرات المباني، وانقطعت الكهرباء في عدة مناطق، جراء الحرائق التي تعد الأسوأ منذ عقود، وأخلت السلطات القبرصية عددا من القرى، وطلبت المساعدة من الاتحاد الأوروبي للمساهمة في إخماد الحريق، وكانت أندريا ذات الـ37 عاما تتابع ذلك كله.
تقول الشابة التي تعيش في قرية أورا بمقاطعة لارنكا في قبرص، إنها لم تتخيل ذلك الانتشار الكبير للصورة التي التقطتها، في تمام الساعة الـ4 مساء أمس (الثالثة عصرا بتوقيت مصر)، وكانت الحرائق قد اقتربت من قريتها، حين شاهدت ابن صديقها واقفا يشاهد ألسنة اللهب، ولون السماء الذي تغير بفعل الأدخنة والنيران: «عرفت في تلك اللحظة أنها صورة قوية، فالتقطتها على الفور». تحكي أندريا التي عادة ما تعيش بمفردها في كاتماندو عاصمة نيبال، أو في إمارة دبي، متأرجحة بين هنا وهناك، لكن وباء كورونا أعادها لمسقط رأسها من جديد.
تعمل أندريا صحفية مستقلة، تكتب وتصور، وتقيم حاليا رفقة أسرتها بقرية أورا، التي تبعد نحو ربع ساعة بالسيارة عن قرية أودو، والتي توفي بها 4 مصريين، نتيجة الحريق الهائل. وكان الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسيادس، قد كتب عبر حسابه على تويتر، أن «هذا يوم صعب للغاية على قبرص، الدولة في تأهب، والأولوية لنا عدم خسارة الأرواح» معتبرا أن الحريق هو الأسوا منذ عام 1974، على أن خسارة الأرواح قد وقعت، وإن لم تكن الوفيات تحمل الجنسية القبرصية، ففي تصريحات صحفية مساء الأحد، قال وزير الداخلية القبرصي، إنه تم العثور على أربع جثث قرب قرية أودو في منطقة لارنكا لجثث كان يجري البحث عن أصحابها منذ مساء أمس، السبت: «شعرت وعائلتي بالحزن الشديد لما أصاب المصريين العاملين هناك، فقدان الأرواح أسوأ جزء في أي مأساة، أعرف جيدا الألم والتضحيات التي يقدمها الناس لمغادرة وطنهم لكسب لقمة العيش، بصفتي حفيدة مهاجرين» تحكي أندريا.
تقول أندريا والتي تركت مسقط رأسها، حين اقترب الحريق من قريتها، وسافرت مع أسرتها إلى مدينة أخرى يعيش فيها شقيقها، تبعد نحو 45 دقيقة بالسيارة، إنها لا تصدق ما يحدث: «لقد كنا نشهد حرائق خطرة، لكنها صارت أكثر شيوعا خلال الـ10 سنوات الماضية، لكنها لم تسبب كل هذا الدمار، وفي طفولتي لم يكن شيء من هذا يحدث». تقرأ الشابة كثيرا مما يكتب عن التغيير المناخي، وكيف سيقود العالم إلى الجحيم، وتحمل المسؤولية للمتكاسلين عن التصرف إزاء ذلك التغيير: «عندما رأيت الصبي ينظهر فزعا إلى النيران، شعرت بأنه يلخص كل شيء، ويلخص ما أشعر به حيال الأمر».
نشرت الشابة الصورة على تويتر، وتقول إن وكالة رويترز، طلبت منها أن تسمح لهم بنشر الصورة، فوافقت على الأمر، لتنتشر الصورة بشكل كبير. وعلى حسابها الشخصي بموقع انستجرام نشرت الصورة أيضا، وأرفقت معها نصا طويلا، قالت فيه «أرتجف وأنا أكتب هذا، لكنني بحاجة لكتابته، لا أريد أن أنسى ما أشعر به في تلك اللحظة (...) شاهدت بعض الأشخاص يبكون، والبعض ينظرون للسماء في صدمة، كنا بلا حول ولا قوة، تحول غضبي إلى خوف في تلك اللحظات». واعتبر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الصورة التي التقطتها الشابة أيقونية، تجسد المأساة، وتنذر بخطورة التغير المناخي.
وكانت السفارة المصرية في قبرص قد أعربت عن «بالغ حزنها وأسفها لوقوع 4 حالات وفاة بين أبناء الجالية المصرية في قبرص، نتيجة الحرائق الهائلة في بعض القرى القبرصية». وبحسب منشور للسفارة على صفحتها بموقع فيسبوك، فقد توجه السفير عمرو حمزة وطاقم من السفارة صباح اليوم، الأحد، إلى المنطقة التي وقعت بها الحرائق. لتصدر وزارة الخارجية المصرية بيانا بعد ذلك المنشور بنحو ساعة، مقدمة فيه التعازي والمواساة لأسر المتوفين. ولم تعلن أي جهة رسمية بعد أسماء المتوفين في ذلك الحريق. فيما قالت وزيرة الهجرة المصرية، نبيلة مكرم، في تصريحات صحفية، إن السفارة المصرية بقبرص تتابع مع السلطات القبرصية للوصول إلى معلومات تفصيلية والتنسيق لعودة رفات المصريين الأربعة، ضحايا الحادث. والأربعة جثث عثر عليها على بعد 400 متر من مركبة متفحمة، كان العاملون المصريين يستقلونها هربا من الحرائق. فيما تقول وسائل إعلام محلية في قبرص، إن العمال لم يستطيعوا الهرب بسبب دخان الحرائق، ولجهلهم بجغرافيا المكان.
فيديو قد يعجبك: