"عرايس" الفراعنة.. حكايات الأجداد تُرحب بكم (قصة مصورة)
كتابة وتصوير- محمود بكار:
تتداخل أصوات البائعين منذ لحظة خروجك من محطة مترو العتبة، ثم تجد نفسك في ممر ضيق مؤدي لسور الأزبكية وعلى بعد خطوات من بوابة مسرح القاهرة للعرائس. حين دخولك لمبنى المسرح، تتلاشى الأصوات رويدًا، تخفت الإضاءة، ويتبدل الصخب بحركات هادئة داخل المسرح الذي يفوق عمره الستين عاما.
كان محمد شبراوي أحد أبطال عرض "رحلة عبر الزمن" يتُمم على كل شيء.. "دا من أهم عروض التاريخ الفرعوني، بنحكى فيه عن أهم أحداث العصر الفرعوني.. زي ما يكون مغامرة للأطفال".. يقول شبراوي الذي يشارك ضمن 33 فنانًا في العرض.
الماريونيت المستخدم في العرض لا يسهل التعامل معه؛ تكمن الصعوبة في التحريك وتصديق المشاهد بأنها مجرد دمية تتحرك وتتكلم لتأخذ الحضور معها لزمن آخر.
عام 1959 تم تكوين فرقة المسرح، حينها كان العرض الأول هو "الشاطر حسن وبنت السلطان"، الذي تم عرضه في معهد الموسيقى العربية، قبل بناء المسرح في العتبة عام 1963، بين تفاصيل المكان يستعيد محمد نور؛ مدير المسرح حكاياته مع كِبار مجال العرائس في مصر والوطن العربي "قمت بالعمل مع العديد من رواد مسرح العرائس فى مصر منهم صلاح جاهين والمخرج صلاح السقا والدكتور ناجى شاكر"، تدرج نور في العمل حتى بات مديرًا للمسرح ومخرجًا للعديد من العروض.
على مر الزمن، كان المسرح جاذبًا للجماهير، أجيال تتابعت على عروضه، ضمنهم أحمد عبد الفتاح، الذي يواظب على القدوم منذ سنوات، حتى أن أطفاله باتوا يرافقونه مؤخرًا "المسرح مش ترفيه وبس.. دوره التثقيفي مهم جدا للأطفال". يتذكر عبد الفتاح كيف استطاع عرض "محطة مصر" الذي يتحدث عن الإرهاب أن ينقل الفكرة بوضوح وسلالة لأولاده.
قبل بداية العرض الفرعوني بدقائق؛ تشعر وكأنك داخل خلية نحل، يقوم كل فنان بدوره كي يخرج العرض مكتملًا "هو عرض مختلف لأنه بيحكي عن فترة تاريخية مهمة جدا مش فى مصر فقط بل للبشرية كلها وهى العصر الفرعوني"، يقول مدير المسرح مؤكدًا أن "العرض بيرصد العصر الفرعوني والحياة فيه كيف كانت من الزراعة والبردى والتحنيط في صورة فانتازيا بسيطة".
شارك فريق المسرح بعروض في معظم مسارح العالم، حتى "عرض الليلة الكبيرة نفسه كان معمول عشان مهرجان بوخارست سنة 1963"، رغم ذلك يُلاقي المكان عدة أزمات، آخرها كان جائحة كورونا "قل عدد الحضور بسبب اتباع الإجراءات الاحترازية وتخفيض العدد"، كما مازالت برامج المسرح وعروضه لا يتم التنويه عنها بصورة كبيرة.
يبدأ العرض، لا ضوء سوى الموجود على المسرح، الوجوه مشدوهة قبالة العرائس المزدانة بالزي المصري القديم، بين حين وآخر يعلو تصفيق الحضور، ضحكة طفل أو كلمات التفاعل مع الدُمى والممثلين.
بين الجماهير جلست مريم صاحبة الـ11 عامًا رفقة أسرتها "أكتر حاجة عجبتني كان شكل العرايس وتمثال أبو الهول.. عرفت حاجات كتيرة عن الحضارة الفرعونية وفهمت كل اللي اتقال ومكنش صعب"، فيما تأمل الصغيرة أن تكرر التجربة مرة أخرى.
فيديو قد يعجبك: