هل تحمي الإجراءات الأمنية لـ"فيسبوك" الأفغان من قبضة طالبان؟
كتب- محمد زكريا:
عندما خسرت حركة طالبان السلطة في أفغانستان بالعام 2001، بعدما أطاح بها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر الدامية، لم تكن أجهزة الكمبيوتر شائعة في دولة آسيا الوسطى الحبيسة جغرافيا. لكن 20 عاما مرت، ومعها تأقلم الأفغان ببطء مع عصر التحول الرقمي والإلكتروني. ومع سقوط العاصمة الأفغانية كابول بأيدي طالبان في الأسابيع الأخيرة، سارعت وسائل التواصل الاجتماعي وفي القلب منهم "فيسبوك" لمواكبة ذاك التغير الجديد.
في الوقت الذي أحكمت طالبان قبضتها على السلطة في كابول، كررت شركة فيسبوك تأكيدها على حظر الحسابات التي تشيد بالحركة أو تدعمها أو تمثلها عبر منصاتها، بما في ذلك "واتساب" و"إنستغرام"، مشددة على أنها ستلغي "الحسابات التي تديرها طالبان أو تدار بالنيابة عنها".
وقال متحدث باسم الشركة إن "طالبان تخضع للعقوبات كمنظمة إرهابية بموجب القانون الأمريكي، وقد حظرناها من الحصول على خدماتنا بموجب سياساتنا تجاه المنظمات الخطيرة".
وبينما لم تُصنف أمريكا طالبان رسميا كمنظمة إرهابية أجنبية، وأدرجتها على قائمة وزارة الخزانة الأمريكية للإرهابيين العالميين، تصنفها فيسبوك في المستوى الأول من ثلاثة مستويات موضوعة بحسب درجة الخطورة، والذي يشمل المنظمات الإرهابية والمنظمات التي تدعو إلى الكراهية أو الجريمة.
حينما وصلت الحركة إلى السلطة منتصف التسعينات، عقب انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي السابق من أفغانستان، فرضت نظام حكم متشدد يتستر بمرجعيات إسلامية تراثية عنيفة، فلم تسمح للناس بالعمل وطبقت عقوبات مثل الرجم والجلد، وساد في دولتها القتل.
ومع استعادتها السيطرة على البلاد، عقب الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان، بعد عشرين عاما من اجتياحها، وجدت طرقا لنشر رسائلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالرغم من حظرها من قبل يوتيوب وفيسبوك.
ليعلن فيسبوك في الأيام الأخيرة أنه بصدد توظيف "فريق متخصص من الخبراء الأفغانيين، وينطقون باللغتين الدارية والبشتو، كما لديهم معرفة بالمجتمع المحلي، لمعالجة القضايا المستجدة".
لم يخف أفغانيون تمردهم على إحكام الحركة سيطرتها على البلاد، وعبروا عن ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع فيسبوك لإدخال إجراءات أمان جديدة للمستخدمين القلقين على سلامتهم في أفغانستان.
وقال رئيس السياسية الأمنية في "فيسبوك"، ناثانيال غليشر، عبر حسابه على موقع "تويتر": "الشركة أجرت التغييرات بناءً على تعليقات من النشطاء والصحفيين وجماعات المجتمع المدني".
ومن إجراءات الأمان التي أدخلها فيسبوك، إخفاء قوائم "الأصدقاء" التابعة للحسابات في أفغانستان، بغرض حمايتهم من الاستهداف من جانب الحركة.
وأضاف أداة لإغلاق الحسابات سريعا، والتي تمكن الأشخاص في أفغانستان الآن من الوصول إليها بنقرة واحدة.
كما أنه أضاف تنبيهات تظهر داخل أفغانستان، وتتضمن خطوات لحماية الحسابات على موقع الصور والفيديوهات "إنستغرام" المملوك لـ"فيسبوك".
وحث الأشخاص الذين لديهم أصدقاء وعائلة في أفغانستان على تشديد إعدادات الرؤية الخاصة بهم.
وقام بتعيين مركز عمليات خاص "للرد على التهديدات الجديدة فور ظهورها".
يقول استشاري الإعلام الرقمي والتسويق الإلكتروني محمد الحارثي، إن "فيسبوك أرادت بالإسراع في تطبيق تلك الإجراءات استباق الأحداث، والتي يتوقع أن تتجه نحو التضييق الأمني والرقمي في مقبل الأيام، لطمأنة مستخدميها في أفغانستان والحفاظ على قاعدتها هناك، وتدعيم صورتها كمنصة فاعلة ومؤثرة في كل بؤرة بالعالم".
وعن الأخيرة، يضيف الحارثي، في حديثه لـ"مصراوي"، أن "فيسبوك لم يعد عالما افتراضيا كما كنا نطلق عليه، بل عالما حقيقيا ومجتمعا حقيقيا، وواقع نعيشه، ويؤثر فينا وفي مستقبلنا".
ويردف الحارثي، في حديثه لـ"مصراوي"، أن "تلك الإجراءات جديدة، ولم يسبق أن طبقتها الشبكة من قبل"، ومع تقديره لها واعتقاده بقدر فعاليتها في حماية بعض الأفغان، يتصور أن "فيسبوك لن يكون وسيلة آمنة للاستخدام تحت حكم طالبان، ولن يكون خيار أغلب الأفغان في بيئة وثقافة كتلك التي يتوقع إرثائها هناك، وبخاصة أنه يقوم في الأصل على حرية تبادل الآراء والنقاشات والانفتاح على الثقافات المختلفة، وهو ما لن تتساهل فيه الحركة المتشددة".
فيديو قد يعجبك: