كيف أنقذت الموهبة طالب أزهري من عُزلة التوحد؟ (حوار)
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت- شروق غنيم:
رويدًا رويدًا تُبصر هالة الشافعي كيف يتبدل صغيرها، كأنما الراديو صار العصا السحرية بالنسبة له، يُخرجه من انطوائه، يصير أداة للتعلم وتغيير مسار حياته فيما بعد.
منذ الصغر لاحظت هالة أمارات الاختلاف على محمد مجدي، ابنها الوحيد، فسر من حولها تصرفاته بأنه لازال طفلًا يكتشف ما حوله "لكن كأم كان لدي مشاعر أخرى، شعرت أنه لا مُنفصل عنا ويصمت مدة طويلة، وأحيانًا أخرى يُصبح فرط الحركة دون توقف".
كان ذلك قبل حوالي 17 عامًا، حين اكتشفت الأم بعد رحلة على عدد من الأطباء أن صغيرها مُصاب بالتوحد "لم أكن أفهم معنى الكلمة، نصحتني الطبيبة بالقراءة أكثر عن الموضوع لمعرفة كيفية التعامل مع صغيري".
في بلدة صغيرة في محافظة بورسعيد، حيث تقطن هالة، وفي وقت لم يكن قد وصل الإنترنت إلى معرفتها، بدأت رحلتها على المكتبات المحلية تتقصى عن المرض، فيما ساعدتها الطبيبة لمزيد من المعرفة "منحتني رسالة الماجستير الخاصة بها عن التوحد، وكانت مُفتاحي لمعرفة كيف أتعامل مع صغيري".
ثمة تحديات مرت في طريق الأم، بدأت رحلة إلى القاهرة حيث يوجد مراكز التخاطب فيما اعتمدت على نفسها في المنزل "كنت أحاول الدخول إلى العالم الخاص به، أتعرف على ما يحب وأفعله معه". خلال تلك المُدة ظل المنزل الجنة الخاصة بالأم وطفلها "كُنا مرفوضين من المجتمع، نظرات اللوم كانت توجه لي إذا لم يُحسن التصرف وكأنني قد أهملت تربيته.. لم يعد يذهب للمدرسة لأن لم يستوعب أحد بأنه طفل مُختلف".
لاحظت هالة كيف يتأثر محمد بالراديو وما يُذاع، سحر يطغى على شعوره حينما يأتي الصوت من داخل "الكاسيت" كما يُحب أن يسميه، تنبسط ملامحه حين يُديره حتى تنطلق إذاعة القرأن الكريم، فيما بعد صارت تتفاجأ الأم كيف يُردد ما يسمعه، صار يُتقن تقليد أصوات الشيوخ المُختلفة، يحفظ الدروس الدينية المُذاعة.
لم يكن محمد قد أكمل سنواته العشر بعد حين أبهر حُكام مسابقات محلية في بورسعيد بصوته "في البداية كُنت مترددة أن أشارك له في أي منافسات خوفًا عليه من نظرات من حوله، لكن سعادته بالأمر جعلتني أُصر على التقديم في المسابقة لثلاث مرات مختلفة حتى يتم قبوله".
كانت الطاقة تتجدد داخل محمد كلما وقف أمام جمهور يتلو عليهم ما حفظه من القرآن الكريم وحده، دون مُعلِم، لكن الأم قررت أن تسلك معه مسارًا علميًا حتى يُثقِل موهبته وحتى لا يستخف بها أحدًا، وتم قبوله قبل ثلاث سنوات في معهد علم القراءات التابع للأزهر "هو الوحيد بين رفاقه المُصاب بالتوحد، باقي الإعاقات حركية أو بصرية".
صار محمد في عُمر الواحد والعشرين حاليًا، لا تُصدق الأم بأن العمر مر سريعًا، لا تزال تتذكر الارتباك الأول حين سمعت عن اسم "التوحد"، ومشاعر القوة حاليًا لمساندة ابنها في رحلته مع قراءة القرأن الكريم والإنشاد، حتى صار مُشاركًا في فعاليات هامة يوجد بها لفيف من القُراء المُخضرمين، فضلًا عن فوزه بمراكز متقدمة في المسابقات على مستوى الجمهورية.
خرج الشاب العشريني من منزله في بورسعيد إلى عالم أوسع يحتضنه، لم تصدق الأم أن الخطوات الكُبرى وصلت إلى مقابلة صغيرها لفضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إذ كرّم محمد قبل أيام على موهبته في احتفال خاص "كان حلم عند محمد أن يُقابل الإمام، والحمد لله تحقق".
لا يزال في جُعبة الشاب ووالدته الكثير من الأحلام، يتمنى أن يتلو القرأن أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي "اهتمام سيادته بذوي القدرات الخاصة مُلهم لنا، يكفي أننا نرى عائلات تُشبهنا بجوار الرئيس على شاشات التلفزيون.. جعلنا مرئيين" تقول الأم.
الحُلم أيضًا بداخل هالة، تتمنى أن ترى ابنها مُنشدًا وقارئًا معروفًا، يكفيها أن ما فعله ألهم صغار يمرون بنفس التجربة في منطقته، تسعد حينما تراه على المسرح يُنشد فينسى ما معنى الإعاقة "كل أملي أن يستطيع العيش بشكل طبيعي ويصير مقبولًا في المجتمع حتى يستطيع شّق طريقه حتى لو بدوني".
تابع موضوعات الملف:
مواهب الأزهر.. طلاب ومعلمون على منصة التتويج (ملف خاص)
بعد غياب سنوات.. كيف أعاد مدرس الروح لمادة "التربية الفنية" في الأزهر؟
أحمد يُقاتل في الكاراتيه من الكُرسي المتحرك ويحصد الذهب (حوار)
فيديو قد يعجبك: