ذو القدم الذهبية.. حين صار أطفال "الدرب الأحمر" ملوك و أميرات (صور وفيديو)
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
-
عرض 25 صورة
كتابة وتصوير- شروق غنيم:
فيديو-نسيم عبدالفتاح ومحمود عبدالناصر:
في الصف الأول جلست منى فرج، بلهفة تنتظر بدء مسرحية "ذو القدم الذهبية"، ليس فقط لأن صلة قرابة تربطها بإحدى المُشاركات، لكن تتعجّل فرصة حصول صغيرتها على درسٍ مُهم؛ الاختلاف ليس عيبًا، وأن السماعة والنظارة الطبية التي ترتديهما يمُيزها لا العكس، هي فقط مختلفة عن باقي أقرانها، وعليهما تقبل ذلك الاختلاف، كما حدث في مُجريات العرض المسرحي.
على مدار يومين؛ قدم أطفال الدرب الأحمر عرضًا مسرحيًا في بيت يكن الأثري باسم "ذو القدم الذهبية"، من إعداد وإخراج هالة توكل. لم تكن الفكرة من وحي الخيال وحسب، لكن لمست المخرجة أثرها على صغار الحيّ، وكيف نفذت إلى قلوبهم، فأجادوا التعبير عنها.
في نهاية عام 2019 بدأت المخرجة المسرحية رحلة التدريب بشكل تطوعي مع الأطفال في بيت يكن الأثري، الذي يضم أنشطة يدوية مختلفة "أول مرة بالنسبة لهم يقفوا على مسرح ويعملوا استعراض، طول الوقت بيعملوا منتجات الناس بتشوف النتيجة النهائية، لكن محدش بيشوفهم وهما بيشتغلوا".
بشغف تشّجع الصغار على خوض التجربة؛ في البدء طغى التوتر على ملامحهما، غير أن رويدًا رويدًا أذابت هالة تلك الحالة، فتجلت روح الاكتشاف. قرابة 30 طفلًا يأتون مرتين في الأسبوع خلال ثلاثة أشهر، حُبًا في التعلم والتجريب والتمثيل.
في المسرحية التي لا تتمحور حول بطل واحد، بل بطولة جماعية أخذت المُخرجة تشرح لهم أهم ما في التجربة "مش أنهم يعملوا عرض مُبهر، أد ما يقدروا يقفوا بثقة يعبروا عن نفسهم، يتعلموا يعني إيه قدرة على المواجهة، ويفهموا تفاصيل المسرح ويعني إيه وقفة الممثل على المسرح وإزاي صوتي يوصل"، وقد كان.
كأنما ابتسم لها القدر؛ سارعت سلمى أنور صاحبة الإحدى عشر عامًا للمشاركة في المسرحية. منذ صغرها وأرادت التمثيل بشدّة، تقف أمام مرآة منزلها تؤدي أدوارًا خيالية أو من مسلسل شهير، تُشجعها والدتها على ذلك "بحب تطلع الموهبة اللي جواها"، لذا لم تكن لتفوت ورشة التمثيل في بيت يكن "عمري ما أمنعها عن حاجة عايزة تعملها". تقول أمل مبارك والدة الصغيرة.
شاركت سلمى في أنشطة مختلفة داخل بيت يكن، لكن لا شيئ أسعدها بقدر تجربة التمثيل، حين استمعت إلى الفكرة انتابها مشاعر مختلفة "لأنها بتتكلم عن التنمر، وأنا للأسف بتعرض لده بسبب نحافتي"، أُعجبت بالأمر وصممت على التدريب بإتقان حتى تصل الرسالة للمُشاهدين، لم يُزعجها تأدية دور رجل باسم "أبو الحسن"، عكس صديقاتها الأميرات "كنت متحمسة أني أعمل حد مختلف عني والناس تقتنع بيه".
قبل قرابة أربع سنوات، بدأت هالة توكل مسارها في تدريب الأطفال على التمثيل، بعد رحلة لها في عالم السينما والتلفزيون. نهج سارت عليه خلال تجاربها الفنية مع الصغار، أن تمنحهم أدوارًا غير التمثيل، تنتقي مواهبهم في الإضاءة، الديكور، الأزياء والمكياج، تحاول إشراكهم في كافة التفاصيل، فيصبحون جزءًا أصيلًا من التجربة، وهو ما حاولت فعله مع أطفال الدرب الأحمر، وأمهاتهم.
توزعت المهام على الأطفال، فضلًا عن مشاركة الأمهات في تفاصيل مختلفة مثل الملابس، صارت تلك المُهمة من نصيب السيدة سماح، المعروفة في المنطقة بقدرتها على التطريز وفن الحياكة. بخامات بسيطة صنعت فساتين الأميرات وأوعية الملوك وباقي المشاركين بالعرض المسرحي، فيما توّلت السيدة دينا مُهمة الديكور والإكسسوار.
من بين الصغار انتقت مخرجة العرض بعضهم لأداء أدوار قيادية، مثل نورا إبراهيم التي أصبحت ضمن مساعدين الإخراج، تتلمس الخطوة الأولى في دورها خلف الكواليس، وكيف تُشرف على الصغار وتوجههم في حال الخطأ. فجأة أصبحت الطالبة بالصف الثاني الثانوي في محل القيادة، ورغم بداية دروسها إلا أنها حرصت على التواجد في كافة التفاصيل، البروفات والعروض "دي حاجة حمستني أكثر قبل بداية الدراسة".
كأنما ترى نُسخة صغيرة منها، تذكرت ابتهال إمام شغفها بالتمثيل والمسرح حين التقت بأطفال الدرب الأحمر. أسرت الحُلم بداخلها منذ الصغر، وفي المرحلة الجامعية نالت مُرادها وانضمت إلى مسرح الجامعة لفصل دراسي واحد فقط، لكن عدم موافقة أهلها جعلتها تتراجع عن الخطوة، وتغيب عن أجوائه لسنوات.
لكن القدر منحها فرصة مُجددًا، حينما التقت بالمُخرجة هالة توكل، دفقة حماس عادت مُجددًا لها، انضمت إلى فريق الأخيرة وصارت مخرج مُساعد، شاركت في تدريب أطفال الدرب الأحمر، أفاضت بكل شغفها في التجربة، تنفست الصعداء مع نجاح العرض أخيرًا، وكما مُنِح الصغار فرصة للتعبير عن أنفسهم، نالت الأمر ذاته.
قبل قرابة ثلاث سنوات، أُعيد افتتاح بيت يكن التراثي، بعد إعادة ترميمه، صار براحًا لعائلات الدرب الأحمر، بداخله تُقام الفعاليات الفنية المختلفة للكبار والصغار، من خلال ورش عمل في حي الدرب الأحمر، غير أن المسرح لا يزال في خطوته الأولى.
الجمعة والسبت الماضيين، احتضن العرض الأول، تبدلت أضواء المكان، في الصفوف الأولى حضرت عائلات الأطفال المُشاركين بالمسرحية، بفخر يرفعون هواتفهم المحمولة لتوثيق اللحظة، الابتسامة لا تغادر الشفاه برؤية الصغار يبدعون على الخشبة الصغيرة، تنبع مواهبهم ومعها تتكون أحلامًا جديدة.
دعم الأمهات كان حاضرًا خلال العرض المسرحي في الجمعة الماضية، تجلس أسماء أحمد بينما تشاهد بناتها الاثنتين على المسرح، ترتسم أمارات البهجة والفخر على وجهها، تندهش من قدرة صغيرتها رُقية صاحبة الـ12 عامًا على التمثيل، وكسر حاجز القلق، تلمس التغير فيها بسبب التجربة "فرقت معاهم وخصوصًا رقية لأنها بتخاف من التعبير عن نفسها قدام ناس، وكفاية بالنسبة لي أنهم في قمة سعادتهم بالعرض ده".
على المسرح تحقق بعض أمال الأطفال، أصبحت ريتاج أميرة كما تمنت وهي صغيرة حينما تُشاهد التلفاز، أما مريم محمود صاحبة الثلاثة عشر عامًا كانت سعيدة بأنها استطاعت الخروج دون خوف أمام الجمهور برفقة أصدقائها "كل واحد كان عنده طاقة متكسفش يطلعها"، وفي دور الراوي سَعِد مصطفى وائل لأنه عّبر عن تجربة الاختلاف و"إن الناس مش لازم تبقى شبه بعضها وإننا نبقى شُجعان".
رغم العروض السابقة التي عملت عليها المخرجة، إلا أن "ذو القدم الذهبية" برفقة أطفال الدرب الأحمر، له مذاق خاص بالنسبة لها، ترك الصغار أثرًا لا يُنسى بداخلها، شعرت بالقُرب منهما سريعًا، وحين بدأ العرض المسرحي، على قدر الحماس كان الحُزن أيضًا لأنها ستفارقهم "الولاد هنا كانوا مميزين بالنسبة لي، امتنانهم لكل حاجة بيتعلموها، وفخرهم بكل تفصيلة بيعملوها بإيديهم".
لمسها شغفهم بالمسرح كما كانت صغيرة "كانت شايفة هالة الصغيرة في كل واحد فيهم، اللي بيتخانق مع مامته عشان ميتأخرش عن ميعاد البروفة، أو البنت اللي بتدفع من مصروفها ثمن فستان العرض"، تضحك إذ تذكر شعورهم خلال التدريبات "التمثيل ده طلع حاجة صعبة أوي"، إذ مرت بالخاطرة نفسها حينما بدأت المجال "لكن المُتعة والإحساس بالابتكار بينسي أي صعوبات".
حالة لن ينساها أهل الحي بعد "ذي القدم الذهبية"، حين خرج الصغار من بيت يكن، وجودوا رواد المقهى المُجاور للمكان، يُقدمون لهم التحية "الله عليك يا أبو الحسن"، يقول محسن زكريا للصغيرة سلمى بعدما أُعجب بأدائها على المسرح، قرر الدخول والمشاهدة رغم أنه لا يعرف أحدًا في العرض عكس باقي الحضور من أُسر الأطفال.
تمتن المُخرجة هالة توكل للتجربة، إذ تركت أثرًا داخلها كما الصغار، تتمنى أن يكون العرض المسرحي نواة لكل واحد منهما يحلم بالتمثيل، والمهم أن يكسر حاجز الخوف ويُعبر عن نفسه.
فيديو قد يعجبك: