المونديال في المخيمات: "الكرة تُنسي الموت والدمار أحيانًا"
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
- مارينا ميلاد:
قبل بداية بطولة كأس العالم الجارية بأيام، كان عمار سليمان الذي يعشق كرة القدم، يفكر "كيف وأين سيشاهدها؟". فالرجل يعيش في مخيم بعد أن نزح من مدينته "دمشق" جراء الدمار الذي شهدته سوريا لسنوات، لا يملك فيه تلفزيونًا من الأساس، كما أن راتبه الضعيف لا يسمح له بالذهاب إلى المقاهي والمطاعم كل يوم للمشاهدة.
وذات يوم، حين كان يمر بالطريق إلى مسكنه بمخيم المحمدية، جاءه الحل، والذي بدا له للوهلة الأولى كأنه غير حقيقي، حيث إنه لم يتوقعه.
صادف "عمار" لافتة تحمل إعلانًا عن مبادرة جديدة ستوفر له ولغيره ممن يشغلهم الأمر خيمة لمشاهدة كل مباريات المونديال من خلال شاشة عملاقة ومجانًا.
المبادرة التي يرعاها ويمولها قطريون؛ أخذت اسم "يالا حيهم ارحبو"، وتزامنت مع إعلان مؤسسة قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري انطلاق مبادرة "فيفا قطر 2022 للجميع"، بهدف إتاحة فرصة المشاهدة المجانية للاجئين والنازحين داخل المخيمات في 7 دول منها (سوريا وإقليم دارفور السوداني وكينيا وبنغلاديش).
الأجواء تزداد برودة على مخيم المحمدية بمدينة عفرين السورية، وتحمل لأهله مزيدًا من المشقة. فتفرض على "عمار" (42 سنة)، والذي يعمل مندوبًا للمبيعات، أن يهتم بتوفير أغطية وتدفئة لأسرته وأبنائه الثلاثة بدلا من شراء شاشة تلفزيون والإشتراك في خدمة بث مباريات كأس العالم باهظة الثمن.
كان "عمار" ينوي أن يشاهد مباريات المونديال الهامة فقط بالمقاهي، والتي يقول إنها ستجبره على دفع نحو 3 دولارات أمريكية في كل واحدة منها، وهو ما سيسبب قسمة هائلة لراتبه الذي يبلغ نحو خمسة دولارات في اليوم الواحد.
لكن الخيمة التي جَرت إقامتها داخل المخيم جعلته يحضر أغلب المباريات مع أصدقائه دون أعباء إضافية أو انتظار تحميلها على الإنترنت. فيقول: "كنت في السابق أنتظر مشاهدة المباراة بعد انتهائها على يوتيوب، لكن المبادرة مكّنتنا من مشاهدتها مباشرة والتفاعل مثل الجمهور الموجود هناك بنفس اللحظة".
مخيم المحمدية، الذي يضم نحو 1000 عائلة، ضمن 4 نقاط عرض جُهزت في محافظة حلب، غير نقطة بمدينة الدانا بمحافظة إدلب. وكرمية الكرة في مناطق مستهدفة، فقصدت تلك النقاط الأماكن ذات التواجد الأكبر للنازحين، وهو المطلوب، بحسب عبد الملك عبود (منسق المبادرة في الداخل السوري) لأن- كما يقول- "أوضاعهم الاقتصادية سيئة إلى جانب الضغوطات النفسية عليهم".
عبد الملك، الذي يعمل مديرًا لوكالة إعلامية، تعاون مع قطريين مسؤولين عن الملف السوري لتنفيذ هذا العمل ضمن المناطق المحررة. ذلك العمل الذي يشعر بمدى أهميته حين يجد العشرات من أعمار وطبقات إجتماعية مختلفة يقبلون بسعادة بالغة على الصالات الجديدة، حسبما يحكي.
وفي نقطة عرض أخرى بمدينة عفرين تبعد عن مُخيم "عمار" نحو 30 كم، لم يفوّت أبو كرم الأسمر، صاحب الـ25 عامًا، أي مباراة. أبو أكرم مُهجّر مثل "عمار" من ريف دمشق لكنه يسكن المدينة. ولدى الشاب، الذي يعمل في مجال الإعلام، تليفزيون لكنه غير قادر على دفع الاشتراك في خدمة البث التي يقول إن سعرها يصل إلى 500 دولار.
يظل هدف سالم الدوسري أكثر اللحظات انفعالًا وإبهارًا لـ"أبو كرم"، حين سدد اللاعب السعودي كرة الهدف الثاني لمنتخبه بطريقة رائعة في مرمى الأرجنتين باستاد لوسيل خارج الدوحة، ليصنع إحدى المفاجآت في تاريخ كأس العالم بفوز السعودية على "راقصي التانغو".
عَزز ذلك تشجيع "أبو كرم" للسعودية لتصل إلى مرحلة أكثر تقدمًا. ليس وحده، بل لاحظ "الحضور القوي في أوقات مباريات الفرق العربية حتى من أشخاص لم يتابعوا كرة القدم أبدًا". كذلك "عمار"، الذي أذهله أداء السعودية وحارسها محمد العويس، وبات يدعم المنتخبات العربية على حساب فريقه المفضل "البرازيل".
وفي وقت تتجه الأنظار إلى البلد الصغير "قطر"، التي تشهد نسخة استثنائية لأول مونديال في بلد عربي؛ يتمنى "عمار" أن يصل أحد المنتخبات العربية للنهائي لسبب يلخصه في "كسر الصورة النمطية التي شكلها الإعلام الغربي عن الشعوب العربية".
وفي مجمع رام الله في فلسطين، صارت مي حسين (29 سنة) تتابع بعض مباريات المونديال شبه يومي على غير عادتها. لكنها وجدت في ذلك المكان الجديد الذي عرفته من خلال منصات التواصل الاجتماعي مساحة جيدة ومناسبة لحضورها مع عائلتها أو صديقتها خاصة في أوقات النهار.
هذا المجمع وصالة الشهيد سعد صايل الواقعة وسط غزة هي مناطق المشجعين التي عملت عليها سفارة قطر بفلسطين. وفقًا لمحمد جبر (أحد مسؤولي الشركة الفلسطينية المنظمة في رام الله).
وطوال شهر عملت شركة "جبر" لتنفيذ الفكرة بتمويل من سفارة قطر. فاختاروا مكانًا عبارة عن ملعب رياضي متعدد الاستخدامات، يتسع لألف شخص. وكان الأهم بالنسبة لهم أن يكون صالة مغطاة ليناسب الطقس الشتوي، الذي يقام فيه المونديال لأول مرة منذ انطلاقه عام 1930 ليتماشى مع مناخ قطر.
وفي المرحلة التالية، كان تجهيز الطاولات والكراسي والشاشة (8 متر في 4 متر)، وتعليق أعلام الدول المشاركة، وتقسيم الأماكن؛ جزءًا للشباب وجزءًا للعائلات. يقول "جبر": "لدينا مقاهي، مطاعم، ونوادي، لكن مكان مثل هذا بهذه الجودة وهذا الاتساع ومجاني، لم يكن موجودًا من قبل".
ورغم أن "مي"، التي تعمل في مؤسسة أهلية، لديها اشتراك في خدمة البث ببيتها، إلا أنها رأت في هذه الصالة فرصة أكثر إمتاعًا لها، فتقول: "الأجواء والتجمع هنا هي الأهم، فالكرة بالنسبة للفلسطينيين من الأشياء الترفيهية القليلة المتاحة".
ما تحدثت عنه "مي".. أمر يعتبره نواف عبد الله الحمادي (مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات والبرامج الدولية في قطر الخيرية) "هدفهم الأساسي الذي يتحقق من خلال إشراك النازحين واللاجئين والمجتمعات الضعيفة في فرحة البطولة، وتسليط الضوء على قضيتهم".
ويضيف عليه عبد الملك عبود (منسق المبادرة في الداخل السوري) أن "الصالات كانت فرصة رائعة لتجميع وتشبيك أناس مختلفة"، ثم يتحدث بنوع من الامتنان لدولة قطر لفعل ذلك رغم انشغالها في أعمال التنظيم، حيث يتوقع- حسب إحصائياته- أن يستفيد من ذلك نحو 50 ألف شخص بنهاية أيام المونديال.
عوّضت تلك المبادرة أبو كرم الأسمر- إلى حد ما- أمنيته للسفر إلى قطر. ويرى فيها عمار سليمان منفذًا لهم كسوريين للخروج من أجواء الحرب والمعاناة ولو لمدة شهر واحد. ستنحرف حياة المخيمات عن نمطها وبؤسها قليلا. إحساس تشعر به "مي" أيضًا في رام الله، فتصف هذه الأيام بـ"استراحة محارب" لهم، وتقول: "هي مناسبة تحدث كل أربع سنوات نستغلها لنخرج من أجوائنا السياسية المشحونة طوال الوقت".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- الصور من موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" - صفحة الهلال الأحمر القطري
- اقرأ أيضًا: أول بطولة صديقة للبيئة.. خطة قطر لـ"حماية الكوكب" في المونديال
فيديو قد يعجبك: