"مكان للبدء" مولد أبي الحسن الشاذلي على أرض الإسكندرية في معرض فني
كتبت- هبة خميس:
في عام 2016، اتجه المصور "محمد مهدي" إلى مولد أبي الحسن الشاذلي مؤسس الطريقة الشاذلية في وادي حميثرة بمدينة مرسى علم، كانت المرة الأولى التي يزور فيها المولد وذلك المكان الذي حينما ارتحل إليه "أبي الحسن الشاذلي" أخبر تلميذه "أبي العباس المرسى" عنه بجملة شهيرة وهي "في حميثرة سوف ترى" وحينما ذهب لحميثرة توفى ودفن بها.
بتلك القصة عن "أبي الحسن الشاذلي" قرر أن يرى المصور بعينه ما يوجد في مولده في حميثرة. "المعرض اسمه مبني على رحلتي الذاتية وقصة أبو الحسن الشاذلي نفسها، في أول مرة رحت حميثرة اكتشفت طاقة غريبة للمكان وبعد كام سنة من ذهابي لحميثرة للمرة الأولى وكل سنة تقريباً عملت المعرض ده".
"مكان للبدء" هو اسم المعرض المقام في جاليري شلتر بالإسكندرية والمستمر حتى نهاية العام الحالي، المعرض من تنظيم المنسق "برتان سليم" وتم افتتاحه في منتصف نوفمبر الماضي. بناء على زيارته للمولد بنى الفنان "محمد مهدي" معرضه .
أثنا رحلته لحميثرة تعلم "مهدي" التدبر ورؤية الآخرين بعين قلبه فيتذكر شخصاً بسيط الحال يوزع طعامه على البسطاء من حوله ليصبح بصفة من صفات الله وهي الرحمن، اكتشف "مهدي" أن المولد هو نموذج مصر من الدنيا فكانت فكرته الأولى عن المولد هو الرقص والاحتفال ليكتشف ان كل شخص يتجه للمولد بمسألة في نفسه.
"كل واحد بيختار هيشوف ايه اللي عايز يشوف الحب بيشوفه حواليه، اتعلمت ان كل انسان عنده عينين بيشوف بيها وقلب بيشوف بيه واللي بتدور عليه هتشوفه في الناس".
"مكان للبدء" هي حميثرة التي كانت المكان المثالي لبداية رحلة "مهدي" للبحث عن الله والتي قرر أن يخلدها بمعرضه الذي يؤرخ تلك الرحلة التي خاضها للبحث والرؤية الحقيقية ، في بداية المعرض وعقب الدخول وضعت مرآة كبيرة وكتب عليها "انت ما ترى" لتكون الرؤية الداخلية للإنسان هي النقطة المناسبة لبداية رحلة الإنسان .
فكرة الانعكاس التي كررها "مهدي" خلال معرضه هي فكرة صوفية فما بداخل الإنسان ينعكس على ما حوله "لو إنسان جواه حقد وكراهية هيشوفها حواليه والعكس لو إنسان جواه سلام نفسي وراحة هينعكس اللي جواه على اللي حواليه".
الغرض من وجود إطار للمرآة هو تحقيق فكرة تفاعل الجمهور من المعرض حيث أراد "مهدي" و"سليم" منسق معرضه أن يشعر الجمهور أنه جز من المعرض وأن تلك الرحلة هي رحلتهم أيضاً، عقب المرآة وضعت صور الأشخاص بمراعاة نظرات عيونهم وأيضاً ترتيب الصور في شكل قمم وقيعان كأنها جبال مثل حياة الانسان في طلوع ونزول مستمر.
وضع "مهدي" الكتابات بجوار الصور والتي تحمل الطابع الصوفي لتكمل جو المعرض، كما طبع بعض الصور على مرايات لتحقيق فكرة الانعكاس.
"كنا عايزين نلعب بفكرة الانعكاس وإن لما تروح مولد هتشوف نفسك لوحدك ولا وسط الناس ولا هتكون جز من الصورة وكنا قاصدين عدم وضوح الصور في الجزء ده ليحقق غرض تفاعل الجمهور مع المعرض والحالة".
في ركن المعرض صورة كبيرة للجبل في حميثرة كتمثيل لرحلة الصعود له، وهناك بعض الصور مطبوعة على القماش كي تخلص نوع من الحركة في المعرض كما توحى بالشفافية والسمو الروحي المرتبط بالمولد كما رآه "مهدي"، تلك الصور المطبوعة على القماش وضعت في أماكن مميزة لخلص تكوينات صور مختلفة لزائري المعرض كأن يرى من خلالها باقي الصور وتخلق تلك الحالة من التداخل فلا تصبح فكرة المعرض الفردانية لكل شخص في كل صورة ولكن الجماعية فتتفاعل الناس معها.
في منتصف المعرض معروض فيلم قصير مدته خمس دقائق للمصور "محمد مهدي" والفنان "سيف عبد الله"، وهو توثيق لرحتلهم الأولى للمولد وأدراكهما لعلامات رحلتهما.
عن أنس ابن مالك وأبي هريردة رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله عز وجل في الحديث القدسي قال "إذا تقرب العبد لى شبراً تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب لى ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة".
من روح ذلك الحديث القدسي تم عمل الفيلم القصير في عام 2017 في زيارة المولد بالهواتف بتعديلات بسيطة وبإحساس الفنانين وقتها مع تداخل الموسيقى الصوفية والترانيم القبطية .
وفي فيديو قصيرآخر يظهر مداح المولد ومن حوله الناس مجتمعين كل واحد منهم لغاية في نفسه والمداح في المركز تماماً وكل فرد تعكس نظرته سبب مجيئه وقطعه مسافة كبيرة لذلك المكان.
قرب نهاية المعرض لوحة بالخط العربي حول صورة، لوحة الخط العربي بيد الخطاط "علي" وهو أحد الشخصيات التي قابلها "مهدي" في المولد.
في نهاية المعرض ركن لنزول الجبل والعودة ثم مكان خاص ليشاهد الجمهور بتعليقاتهم عن المعرض وكيف شعروا بالتجربة.
تكامل التجربة للمعرض جات من التركيز على الجانب الحسي للصور والمعاني اللتي تحملها وأيضاً الصوت الذي يشدو في الخلفية للمداح "سيد عسر" لتتكامل التجربة وتعتبر انتقال لحظي لمولد أبي الحسن الشاذلي في حمثيرة على أرض مدينة الإسكندرية.
"المعرض مكانش تجربة فردية كل الناس شاركت من المنظمين للجمهور اللي اتفاعل معاه، أنا بحب التوثيق اللي له علاقة بالهوية والثقافة وتوثيق ده زي المولد اللي هو حالة من التصوف اللي بعتبره أسلوب حياة".
عقب الافتتاح فوجيء "مهدي" بعدد من الحضور يصل إلى مائتي فرد مع الكثير من التعليقات الإيجابية حول المعرض وتفاعل الجمهور معه ليصبح المجهود الذي بذله مع المنظمين يشعره بالرضى عن معرضه وعن الأفكار التي ود أن يوصلها من خلاله .
ينوي "مهدي" أن يجمع تعليقات الجمهور المعلقة لتصبح جزءاً من المعرض بعد انتقاله لمدن أوروبية وعرضه بالقاهرة قريباً.
فيديو قد يعجبك: