بين طمأنة أهله والخوف على طفله.. كيف مر «خميس الحرب» على مصري بأوكرانيا؟
كتب- عبدالله عويس:
متنقلا بين دولة وأخرى، باحثا عن لقمة عيش، خارج حدود بلاده، ترك عماد حمدي مصر في 2014، حتى استقر في أوكرانيا منذ بداية 2019 وإلى الآن. وبين مصر وأوكرانيا محطات كثيرة في حياة الشاب، الذي بات بين ليلة وضحاها يعايش حربا لا يد له فيها، آملا فقط في النجاة وابنه من تداعياتها، وراجيا ألا يصيب الذعر والخوف أهله في مصر.
تخرج عماد في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وفي رحلة بحث عن عمل، اضطر للسفر غير مرة، منذ 2014، كانت البداية من نيكاراجوا في أمريكا الوسطى، ومنها إلى قطر، قبل أن يبدأ العمل في مجال استيراد الفاكهة، مسافرا إلى بريطانيا ثم إيطاليا، ومن هناك إلى أوكرانيا منذ 2019.
كان التجاذب الروسي الأوكراني يشغله، والمفاوضات التي يعقدها مسؤولون في دول عدة مع رجل الكرملين، لا تنبئ إلا بالسوء، لكن خيار الحرب وشن عمليات عسكرية، لم يكون متوقعا للشاب المصري ذو الـ36 عاما، الذي يعيش في أوكرانيا مع ابنه ذو الـ3 سنوات.
ومع إعلان بوتين الاعتراف بسيادة لوهانسك ودونيتسك، حسب الشاب المصري أن هذه أكبر خطوات التصعيد، لكن صباح اليوم الخميس، قامت روسيا بتنفيذ عملية عسكرية في إقليم دونباس، شرقي أوكرانيا، فيما تشير الوقائع على الأرض ومشاهدات المراسلين، امتداد العملية خارج الإقليم، وهو أكثر ما يخشاه عماد.
كان عماد يعيش في العاصمة الأوكرانية، مدينة كييف، وانتقل منذ 6 أشهر إلى مدينة أوديسا، التي تطل على البحر الأسود، وبها ميناء أوديسا، الذي يعد الأكبر على البحر الأسود، وله أهمية استراتيجية كبيرة. يقول الشاب لمصراوي إنه يستمع لأصوات طائرات منخفضة، ويخشى على نفسه وابنه تبعات ما يحدث.
«أوديسا بعيدة عن دونباس، لكن لا شيء مستبعد هنا، أنا أعيش بالقرب من الميناء، وإلى جواري أماكن استراتيجية، ومن المحتمل حدوث أي شيء» يحكي الشاب، الذي عانى أول ما عانى، ارتفاع الأسعار بشكل كبير. أسعار الطعام والشراب والبنزين زادت بشكل متسارع: «من لا يملك مالا كافيا سيكون أكثر عرضة لويلات تلك الحرب، يحدث ارتفاع كبير في الأسعار، اليوم اضطررت لدخول مكان لشراء بعض احتياجات البيت وانتظرت ساعتين لأدفع الحساب».
تنبيهات كثيرة بعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى. تحذيرات من أمور عدة كان الشاب يفعلها الأيام الماضية بكل أريحية، لكن ذلك صار مختلفا الآن. ولا سبيل للعثور على مكان آمن بحسب عماد: «ذهبت في الصباح لإحدى محطات البنزين، انتظرت دوري لثلاث ساعات قبل أن أصاب بالملل فعدت للمنزل، أين سأذهب؟ هذا أمر صعب في هذه الأجواء».
يحاول عماد التواصل مع إخوته وأهله في مصر، يطمئنهم عن حاله، ويخبرهم بأن نار الحرب بعيدة عنه، لكنه يخشى من لحظات انقطاع الإنترنت، ففي تلك الحالة سيفقد التواصل مع أسرته، ما سيسبب لهم قلقا كبيرا: «لكنني أخبرتهم أن هذا قد يحدث في أي وقت وعليهم ألا يقلقوا».
لا يعرف الشاب ما الذي ستؤول إليه الأحداث في الأيام المقبلة. يقبع بالمنزل، لا يخرج لعمل، لا يفعل سوى مشاهدة التلفاز ومتابعة كل ما يحدث حوله. يتمنى أن تتوقف العملية العسكرية، دون أن يعرف حلا لذلك: «الحرب ليست مزحة، هذا أمر خطير، وتداعياته كبيرة على سكان البلاد، فما بالك بمغترب يعيش هناك؟».
فيديو قد يعجبك: