إعلان

خطة الخروج من "الحرب".. طبيب مصري يساهم في إجلاء 500 شخص من أوكرانيا

07:16 م الثلاثاء 01 مارس 2022

وصول الطلاب المصريين من أوكرانيا إلى رومانيا

كتبت- شروق غنيم:

على الحدود الرومانية تنفس أحمد الأقطع بالأمس الصعداء، أخيرًا وصل الشاب المصري برفقة حوالي خمسمائة شخص أغلبهم من المصريين والعرب إلى بر الأمان، يحاول تدبير إجراءاتهم بسلاسة مع الشرطة الرومانية، يشعر بارتياح بعدما نجحت مهمته بسلام لإنقاذ الطلاب، وفيما يستعد لاجتياز البلد تأتيه مكالمة هاتفية فيأبى العبور.

شاب ووالده وصديقة لهما عالقين على بُعد 250 كيلو مترًا، تعطلت العربة منهم في الطريق، يحاولون إصلاح العطب بها لكن دون جدوى، الظلام يُخيم على المكان، يقطع سكون الليل أصوات القصف، يستغيث الشاب بالأقطع ليقرر الأخير "مش همشي من هنا إلا لما تيجوا"، يحاول التواصل مع أصحاب حافلات لنقلهم لكن الجميع يرفض الذهاب لهم "عرضنا مبالغ كبيرة لكن الكل كان خايف".

1

ظل متابعًا معهم على الهاتف، يعاودون استخدام العربة الخاصة حتى دارت وأكملت معهم الطريق بشكل مُتقطع "لكن وصلوا بسلام، وكنت مرتب مع واحد مصري من رومانيا عنده بيوت للاستضافة عشان يستقبلهم يقيموا فيها بعد الرحلة الصعبة".

الخميس الماضي لم يستوعب أحمد الأقطع ما حدث بعد؛ انقلب حال البلد الذي يقيم فيه منذ عام 2013 في لحظة، انطفأ نور الحياة في أعين سُكان مدينة أوديسا الأوكرانية منذ بدأ القصف الروسي، لم تتضرر المدينة في الأيام الأولى، غير أن الفزع مّس كل من فيها، هرع الطالب المصري إلى رفاقه المصريين والعرب بالجامعة الطبية، لترتيب خطة الخروج من المدينة المجروحة.

وطالبت السفارة المصرية في كييف، الجمعة الماضية، مواطنيها في مدينة أوديسا الأوكرانية، بالتوجه إلى نقطة الحدود الرومانية في مدينة isaccea، للعبور من خلالها إلى الأراضي الرومانية ومن ثم العودة إلى مصر.

وقالت سفارة مصر في كييف، عبر تدوينة على حسابها الرسمي بموقع "فيس بوك"، إنه "بالتنسيق مع السفارة المصرية في رومانيا يمكن الآن للمواطنين المصريين المتواجدين في أوديسا التوجه إلى نقطة الحدود الرومانية في مدينة isaccea والدخول إلى رومانيا ومنها إلى مصر وفقًا للتعليمات السابق إرسالها".

2

عام 2013 سافر الأقطع لدراسة الطب البشري في الجامعة الطبية بمدينة أوديسا جنوب أوكرانيا، والتي تُعد رابع أكبر مدينة أوكرانية ويقطن بها قرابة مليون نسمة بحسب أخر إحصائيات، ويكثر بها الطلاب الوافدين للدراسة.

تولى الشاب المصري مسئولية إتمام عقود الطلاب الأجانب في الجامعة مع حلول عام 2014، صار مسئولًا عن ترتيبات إقامتهم، وبعدها أصبح رئيس اتحاد الطلاب المصريين بالجامعة نفسها ونائب رئيس اتحاد الطلاب العرب، جعلته تلك المهام المتتالية قريبًا من الطلاب ومشتبكًا مع كل تفاصيلهم "أنا بكون أول واحد يستقبلهم في البلد الغريبة عنهم، وربطتنا علاقة قوية وبقينا بالنسبة لبعض عيلة واحدة".

قبل عامين حين وصل الأقطع إلى مرحلته الدراسية النهائية، وأصبح على بُعد خطوات من التخرج، توفى والده في مصر مما اضطره إلى العودة إلى وطنه وترك الدراسة لمدة عامين تقريبًا، انغمس في أعمال والده، لكن قبل عشرين يومًا عاد إلى أوكرانيا بتفائل وثقة بأنه سيتم عامه الدراسي لنيل شهادة التخرج، لكن القصف الروسي حال دون ذلك.

شبكة علاقات كُبرى مع الطلاب الوافدين، لاسيما المصريين والعرب، كونها الأقطع خلال فترة عمله في الجامعة مسئولًا عنهم، لذا أول ما فكر فيه حينما دبت الحرب أوكرانيا هو مساعدتهم في الخروج من مدينة أوديسا "تعاونت مع دكتور عبدالرحمن، هو من سوريا وكان رئيس اتحاد المصريين العرب في الجامعة معايا وبدأنا نرتب إزاي نُجلي الطلاب".

3

بحكم خلفية عمل الشاب المصري استطاع تدبر الأمر "عندي شركة نقل ورحلات في مصر"، لذا بدأ بالتواصل مع سائقي حافلات في أوكرانيا لترتيب إجلاء الطلاب المصريين والعرب، تمكن الجمعة الماضية من إتمام رحلتين بسلام "خرج أتوبيسين كل واحد كان في 50 طالب وقتها كان أغلبهم من مصر، المغرب، تونس والجزائر".

رفض الأقطع المغادرة حتى يطمأن على باقي الطلاب ومن أجل استكمال مهمة ترتيب الحافلات لإجلائهم "وقتها الوضع بدأ يسوء في أوديسا، حصل قصف بالطيران من كل اتجاه، والدبابات الأوكرانية كانت تحت بيتي، وقتها انتشر رقمي وأني بظبط رحلات للحدود الرومانية، كنت بستقبل التليفونات والقصف جنب الميناء وكأنه في ودني، الدولاب كان بيتهز لدرجة مش سامع التليفون".

ظل الطبيب المصري على نفس الحال حتى تمكن من التواصل مع سائقي حافلات أكثر لإتمام مزيد من الرحلات حتى وصلت الأمس إلى ثماني حافلات أقّلت قرابة خمسمائة شخصًا "وبدأ يبقى في طلاب من تركيا وباكستان بينضموا للرحلات".

4

كانت تكلفة الرحلة في أول حافلتين قرابة 450 جنيهًا مصريًا للفرد (حوالي 30 دولار)، لكن مع تصاعد الأوضاع، ارتفعت تكلفة الحجز للشخص الواحد وصارت قرابة 1500 جنيهًا (حوالي 100 دولار)، وحينما كان يهاتف الأقطع أحدًا بأنه لا يملك ثمن التذكرة "تحملتها على نفقتي الشخصية".

الخروج من أوكرانيا لم يكن يسيرًا، زحام كثيف في الطريق فضلًا عن مخاطر القصف والتعرض للحافلات "أول رحلة وصلت الحدود الرومانية بعد 10 ساعات، الطريق في العادي مدته 4 ساعات، وفي أخر رحلات اضطرينا لتغيير المسار لأن الوضع مكنش أمان".

قبل الوصول إلى الحدود الرومانية، كان الأقطع قد تواصل مع مصريين هناك "كان في متطوعين وأتوبيسات مستنيانا هناك على الجانب الروماني عشان نخرج، وفي ناس وفروا لنا أماكن استضافة في بيوتهم غير المنظمات الإنسانية اللي وفرت أماكن".

بعد الوصول مساء أمس، ذهب الأقطع للسفارة المصرية في رومانيا والتقى بمسئولين بارزين "السفارة وفرت أتوبيسات للمصريين الجايين على الحدود، وفي غرفة عمليات لأربع نقط على الحدود".

وبينما يتحضر الشاب المصري للعودة إلى وطنه، حيث تُقلع طائرته في العاشرة من مساء اليوم، تأتيه الأخبار من مدينة أوديسا، حيث تدوي صفارات الإنذار في المدينة الجنوبي إنذارًا بالخطر الوشيك "لكن الحمدلله، 90% من الطلاب في أوديسا وصلوا رومانيا"، فيما لا يصمت رنين هاتف الأقطع، تأتيه استغاثة من طلاب بمدينتي كييف وخاركوف "كل اللي بقدر أقوله لهم أنه يحتموا بالملاجئ".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان