"طوابير وعروض وشقلباظات".. تطبيقات التقسيط تغزو الأسواق بعد ارتفاع الأسعار
- مارينا ميلاد:
احتشد المئات في طوابير، أمام فروع توكيل منتجات شركة أبل، يوم الجمعة الأولي من شهر مارس الجاري، للاستفادة من عروض تخفيضات الـ50% على جميع منتجات الشركة الأمريكية. تلك المنتجات قدمها الوكيل الأشهر من خلال فروعه المنتشرة بالمولات والأسواق التجارية بالتعاون مع إحدى شركات التمويل الاستهلاكي، لتوفيرها بالتقسيط.
ذلك اليوم شهد أكثر من 9 آلاف عملية بيع، وحجز أدوار تجاوز 21 ألف عميل، وفقًا لتصريحات وليد حسونة، مدير الشركة التنفيذي لمصراوي.
تكرر المشهد في الجمعة الثانية من الشهر ذاته، أمام فروع توكيل ثاني لمنتجات سامسونج، الذي أعلن عن عروضه بالتعاون مع نفس شركة التمويل الاستهلاكي، ذلك من خلال عرض الاثنين بسعر واحد على مدار يومي السبت والأحد الماضيين.
كان الإعلان عن أول شركة تقسيط استهلاكي في مصر عام 2017، بعد أقل من عام على تعويم الجنيه، في أوائل نوفمبر عام 2016، وقدمت الشركة حلول وبرامج للبيع بالتقسيط من خلال توظيف التكنولوجيا لتقديم الخدمات المالية، وإتاحة حلول تمويلية غير تقليدية.
على مدار الـ5 سنوات الماضية، انتشرت تطبيقات التقسيط وتنوعت خدمتها، واستهدفت العملاء بعيدًا عن البنوك وإجراءاتها المعقدة، حيث تجاوز عملاء إحدى هذه الشركات 90 ألف عميل خلال هذه الفترة، وفقا لتصريحات سابقة لمديرها التنفيذي وليد حسونة.
وبعد ارتفاع الأسعار المتكرر خلال السنوات الأخيرة، والذي تزامن مؤخرًا مع الحرب الروسية على أوكرانية؛ فهل ستصبح تطبيقات التمويل الاستهلاكي "اتجاهًا مغريًا" للآلاف من المصريين لمواجهة الغلاء؟
بالنسبة لسلمى حمدي، التي تعمل محاسبة في شركة تأمين، فترى أن الشراء عبر تطبيق التقسيط "غير موفر بقدر أنه سهل ويسهل عليها شراء احتياجاتها، خاصة مع تلك الزيادة في الأسعار".
فقد بدأت تجربتها مع التطبيق نهاية 2019. وكان أول المنتجات التي استهدفتها "هاتف محمول".. تصف "سلمي" هذه التجربة بـ"الجيدة جدًا" فيما لم تجرب أي تطبيقات أخرى.
خلال هذه السنوات، تنوعت المنتجات التي اشترتها "سلمى" ما بين ساعة ذكية، سماعة حديثة، وملابس من ماركات شهيرة كأديداس ونايكي، التي لم تستطع شراءها دون تقسيط.
أحد أشهر هذه التطبيقات المالية للتقسيط الاستهلاكي، يُعرف نفسه بأنه "الحل الذي يساعدك في الحصول على ما تريد في بضع دقائق فقط وبدون الأوراق التقليدية". فالشركة تقدم عروضا للتقسيط تبدأ من 6 أشهر وتصل الى 60 شهر. كان ذلك "فرصة ذهبية" لمحمد بدايا منذ عام ونصف العام قبل أن يتحول إلى نتيجة عكسية.
"محمد"، الذي يعمل مديرا للتسويق في إحدى الشركات، جذبه أحد أصدقاءه، الذي يعمل في إحدى شركات التمويل الاستهلاكي، لتفعيل التطبيق على هاتفه. يقول إنه "كان سعيدا به كما سَهل حياته".
وصل الحد الائتماني المستخدم من جانب "محمد" إلى 12 ألف جنيه، اشتري بهم هواتف محمولة بفائدة 20% على السنة، على أن تقسم ديونه ما بين سنة وثلاث وخمس سنوات. ثم وجد نفسه يدفع مبالغ كبيرة خلال فترات متقاربة، بعكس المتفق عليه.
رغم الشكوى، لم تُحل الشركة مشكلة "محمد". فقرر الاستغناء عن الميزة التي يوفرها التطبيق والتعامل مع البنوك في التقسيط حتى إن كانت فوائدها أعلى وأوراقها أكثر.
ومع زيادة الأسعار الحالية واضطرابات السوق؛ لم يضمن "محمد" أن يملك دخلا مستقرًا؛ لذلك يقول: "في الفترة القادمة لن أشتري شئ إلا إن كنت أملك ثمنه.. وسأنسى فكرة التطبيقات تماما".
يشار إلى أن عمليات الشراء عبر المواقع الالكترونية والتطبيقات شهدت نموًا واضحًا بعد جائحة كورونا، ما جعل العديد من الشركات تتيح إمكانية تقسيط المشتريات لضعف القوة الشرائية والأزمة الاقتصادية. وتعتبر أبرز الطرق استخدام بطاقات الائتمان أو الشراكة مع بعض شركات التمويل الاستهلاكي مثل "كونتكت"، "أمان"، و"فاليو"، و"سيمبل".
وفي ديسمبر الماضي؛ انضمت 27 شركة إلى الاتحاد المصري للجهات العاملة في مجال التمويل الاستهلاكي. تلك الشركات حاصلة على ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية، بواقع 14 شركة تمويل استهلاكي و13 من الشركات مقدمي الخدمة.
كان حسام جمال، واحدًا ممن يرووا أن ما يوفره تطبيق التمويل الاستهلاكي له يغلب على عيوبه.
فيوفر التطبيق المشترك فيه التابع لإحدى شركات التمويل الاستهلاكي، مجموعة متنوعة من المتاجر ما بين أدوات إلكترونية، أثاث، ملابس وغيرها، كما يوفر عروضا ترويجية. وهو ما يجده الرجل البالغ 30 عاما "وسيلة جيدة تساعده في التغلب على غلاء الأسعار"؛ حيث يصادف أحيانا عروض وخصومات في الوقت نفسه.
منذ ٣ سنوات، استخدم "حسام"، الذي يعمل موظفا في مدرسة، التطبيق بعد أن كان يعتمد على كارت مشتريات البنك. فيقول إن السبب في تغيير اتجاه هو أن الأخير كان يمكنه من سحب أموال بفوائد عالية، أما التطبيق فيدفعه إلى الاستفادة من المنتجات فقط.
جمعت سلة مشتريات "حسام" هواتف المحمولة واكسسوارتها، الملابس، وأجهزة لاب توب. كما أنه يخطط لتجربة رحلات سفر وذهب من خلاله.
ووفقا لموقع social insider المتخصص في تحليل صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"؛ فمتوسط التفاعل على منشورات صفحة "فاليو" من "لايك وكومنت وشير" فهو 523 ألفا في الفترة من 13 فبراير إلى 14 مارس مقارنة بـ208 ألفا في الفترة من 14 يناير وحتى 12 فبراير هذا العام.
وقد زادت الأرقام مع زيادة نسبة المنشورات والعروض التي قدمها "فاليو" خلال هذه الفترة.
وكان أعلى ثلاث منشورات تفاعلا على هذا النحو: الإعلان عن الشراكة بين النادي الأهلي و"فاليو"، عرض "شقلباظ" لاسترداد قيمة أي فاتورة من منفذ الشركة مقابل تقسيطها، أما المنشور الثالث فهو تنبيه بأنه لا يجوز سداد الأقساط قبل مرور 6 شهور لجميع عروض مارس.
يرى أحمد النجار، الخبير الإقتصادي، في تصريحاته لـ"مصراوي" إن هذا التطبيق وغيره يمثلون فائدة للسوق والاقتصاد متمثلا في أصحاب الأعمال أكثر من المستخدمين، ويوضح أن المستهلكين يستفيدون الآن من سهولة الأمر والعروض المغرية، لكن خلال الفترة المقبلة إن حدث ارتفاعا في نسبة التضخم والبطالة؛ فلن يتمكن هؤلاء من الالتزام بالدفع بل سيمثل عليهم عبء أكبر.
لكن على كل حال، تسعى شركة "فاليو" في جذب عملاء جدد، إذ تستهدف الوصول إلى 700 ألف عميل بنهاية عام 2022، بحسب الرئيس التنفيذي للشركة.
إقرأ أيضاً:
زحام شديد وطوابير أمام الفروع.. سر تخفيضات الـ 50٪ على جميع منتجات أبل
فيديو قد يعجبك: