"ضحك ولعب وحكايات".. كيف تأثر أطفال قرية أرمنت بعرض الحكي والمكتبة المتنقلة؟
كتبت: مروة محيي الدين
استعد الأطفال للحدث، افترشوا الأرض، الأهالي يحاوطونهم، لاستقبال ربيع زين، ليقص عليهم الحكايات، التي لم يعرفوا عنها غير من شاشات التليفزيون، متلهفين لسماعها لأول مرة في الحقيقة، حدث لم يتكرر في قرية أرمنت بمحافظة الأقصر.
أطلقت إدارة مهرجان مسرح الجنوب بالأقصر قافلة فنية؛ لاستعراض عدد من الفقرات المُفضلة لدى الأطفال داخل قرى حياة كريمة، تضمنت عرض أتوبيس الحكي والمكتبة المتنقلة، بمشاركة مؤسسة مصر الخير وجامعة الأقصر واستمرت عروض حتى أول أمس الأحد.
وصل ربيع زين، حكّاء ومسؤول مشروع المكتبة المتنقلة في مؤسسة مصر الخير، إلى القرية، بدأ يتحدث مع الأطفال ليتجاوبوا معه أثناء الحكي، كان أعدّ حكاية ليلقيها على الأطفال "الأسد الملك والحمار الذكي، الأسد بيكون عايز ياكل الحمار لكن في الآخر الحمار بينتصر عليه عشان اتعلم عند حكيم الغابة، الحمار بيقعد يفكر إيه اللي اتعلمه، الحاجة الأقوى اللي يقدر ينتصر بيها على الأسد، بيلاقي منطقة الرفص".
تفاعل الأطفال بحماس مع الحكاية، ترتسم الابتسامات على وجوههم، تعالت أصواتهم "عايزين يكملوا أكتر، أول مرة يشوفوا حاجة كده"، استمر ربيع ف القص ساعتين متواصلين، لم يمل الصغار، كانوا سُعداء. كان الهدف من الحكاية توجيه الأطفال لحُب العِلم "وإن مفيش حاجة اسمها مش هقدر أوصل لحلمي، كل اللي عايزه أجتهد بجد".
بدأت موهبة الحكي لدى ربيع منذ كان عُمره 6 سنوات، من مسرح بني مزار في المنيا، ألهمه والده، المنشد الديني، عام وراء عام، صقلت مهارته، وبعد أن أتم عامه الـ 18 طلب منه أن ينتقل إلى القاهرة، ليقدم في المسارح المستقلة ويُكمل مشوار الحكي.
أحب المهنة، يعتبرها أساس المجتمع "بتخلينا متواصلين" حتى أنه أطلق مبادرة في عدة محافظات "أحكي عشان تعيش"، عام 2015، من خلالها "بنشوف قصص مختلفة نتعلم منها".
يتطلب الحكي أدوات متنوعة أهمها "لازم أغير في الأصوات"؛ ليتقرب إلى قلوب الأطفال "الشغل معاهم صعب جدًا"، كان الشاب الثلاثيني ماهرًا في ذلك، فاعتاد أن ينتقل من صوت لآخر بحسب الشخصية التي يمثلها، فيما يحتاج إلى تنوع في الحكايات وفقًا للمكان.
بعد أن اختتم الحكاية وزع ربيع، مسؤول المكتبة المتنقلة في مصر الخير- حكايات على أربع عجلات - قصص مناسبة لأعمار الأطفال باقتراح من هيثم الهواري، ناقد مسرحي ورئيس إدارة المهرجان "بحيث الطفل يتعلم أكتر من حاجة في نفس الوقت"، لحث الأطفال على القراءة "علاء الدين، سندريلا".
المكتبة المتنقلة بها صندوق مكون من ثلاث رفوف، كل واحد مخصص حسب أعمار الأطفال من 6 إلى 18 سنة، فيما يوجد نافذة مفتوحة من الجانب يطل منها التليفزيون؛ لعرض أفلام كرتون وعلمية هادفة. في الوقت الذي ينشغل فيه الأطفال بقراءة القصص أو الألعاب، يخصص ربيع وقتا للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة "باخدهم أقعد أحكيلهم".
في منتصف اليوم، يقيم ربيع مسابقة للأطفال تشجيعًا لهم "عندنا لعبة الكلمات المتقاطعة، بنخلي الأطفال يجمعوا 50 كلمة في عشر دقائق، من نبات، حيوان، اسم إنسان، اسم بلد"، الهدف من اللعبة إحداث تعاون بينهم، وتنمية مهاراتهم الذهنية بحيث "يفكر ويستغل الوقت بسرعة ميبقاش بيضيعه وخلاص".
وبعد أن ينهي العروض يسأل الأطفال "في مشكلة نقدر نعالجها". هكذا يسير البرنامج الثقافي بالإضافة إلى فقرة البهلوان وعرض مسرحي آخر داخل قرى حياة كريمة بمحافظة الأقصر من بداية انطلاقه يوم الثلاثاء الماضي وفقًا لهيثم الهواري.
تأثر الأطفال بموهبة ربيع بشدة "بيقولولي عايزين نبقى زيك"، يحاول مساعدة من يمتلك موهبة لتنميتها، تلقى ردود فعل إيجابية من قبل أهالي القرية "بيقولوا عايزين اليوم كله، إنتوا بتقدموا حاجة مختلفة، في أطفال طلبوا الاكونت بتاعي على فيس بوك يتواصلوا معايا". يرغب في توسع المشروع وألا يكون مقتصرًا على فعاليات مسرح الجنوب "لو طلبوني أروحلهم حتى لو في محافظة بعيدة".
يهتم الحكّاء بإدخال السرور إلى قلوب الأطفال خاصة مستشفى الأورمان ضمن البرنامج حتى يخفف عنهم آلامهم "بدخل أوزع القصص لأنها فيها صور وحاجات يتفرجوا عليها لأنهم ميقدروش يحضروا الفقرة"، ويسعد أهاليهم بذلك، بالنسبة له نجاح يستحقه.
فيديو قد يعجبك: