ذكرى ميلاد الأبنودي وانتصار مصر.. لماذا فضل شاعر العامية البقاء في لندن وقت الحرب؟
كتب- عبدالله عويس:
للتاريخ أحيانا مفارقاته، وأمور تبدو عابرة لكنها ربما ليست كذلك. يحمل اليوم هجريا وميلاديا، ذكرى انتصار وميلاد، في العاشر من رمضان، كانت ذكرى النصر والكرامة مع حرب أكتوبر المجيدة، وميلاديا فإن الحادي عشر من أبريل، حمل إلى مصر شاعرا، ما تزال كلماته تتردد جيلا بعد جيل.
في عام 1938 ولد الشاعر المصري، عبد الرحمن الأبنودي، أحد أشهر شعراء العامية في مصر. عايش الرجل أمورا عدة، وكتب عنها، من حرب إلى حرب، ومن ثورة إلى ثورة، وكان قلمه يفيض بالكلمات، معبرا عن شعور أبناء وطنه، بين الهزيمة والانكسار، والفرحة والانتصار. من «وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها، جانا نهار مقدرش يدفع مهرها» وصولا إلى «صباح الخير يا سينا».
وفي ذكرى حرب العاشر من أكتوبر، والانتصار الذي حمله إلى مصر، كتب الشاعر المصري قصائد عدة، خلدت في أغانٍ، وكتب، وعبارات ما تزال حية بعد رحيله. مثل قصيدته صباح الخير يا سينا، التي كتبها حين هاتفه العندليب الأسمر، عبد الحليم حافظ، وكان الأبنودي يعمل حينها في لندن، وكان عليه التفكير في كلمات تعبر عن ذلك النصر، لتكون أحد أشهر ما كتب عن انتصار أكتوبر، وبين عنوانها اللفظة التي كانت قريبة من قلوب المصريين جميعا «سيناء».
تقول كلمات الأغنية «في الأولة قلنا جينلك وجينالك ولا تهنا ولا نسينا، والتانية قلنا ولا رملاية في رمالك عن القول والله ما سهينا، والتالتة أنت حملي وأنا حمالك صباح الخير يا سينا، وصباح الخير يا سينا، رسيتي في مراسينا، تعالي في حضننا الدافي ضمينا وبوسينا يا سينا».
وفي مطلع عام 1974 غنى تلك الكلمات عبد الحليم حافظ، وهي من تلحين كمال الطويل. واستقرت الأغنية في أذهان المستمعين وقلوبهم، وحتى الآن فإنها ما تزال تتكرر، ويشدوا بها كثيرون لدى ذكرى الحرب، سواء في السادس من أكتوبر، أو العاشر من رمضان.
في لقاء متلفز مع الأبنودي قال إنه حين قامت الحرب، كان مع الطيب صالح خارج مصر، ولم يكن متاحا السفر إلى مصر آنذاك «وحمدت ربنا إني قعدت هناك، شفت الحرب من الجانب الآخر، وإحنا هناك مش شايفين كويس اللي هنا، وشفنا من هناك معركة الدبابات اللي محدش يقدر ينكرها، إحنا تم إلجامنا بعد 67، لكن أُلجمت أوروبا بعد 73، عشان خلاص شافوا غيلان في الصحراء بقالها 7 سنين، وعندهم جرح قديم إنهم إزاي يتهزموا، نصر متعرفش حقيقته إلا وأنت هناك، عشان كده مشكتش لحظة في الانتصار لأني كنت في الجانب الآخر».
ولد الأبنودي في قرية أبنود بقنا، في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذونا شرعيا، وتأثر في طفولته بالسيرة الهلالية، وجمعها من شعراء الصعيد، فباتت أحد أشهر أعماله، وله أعمال أخرى، مثل «أيامي الحلوة» الذي نشر في حلقات منفصلة بجريدة الأهرام، ثم جمع في كتاب من 3 أجزاء.
ورغم أن الأبنودي ظهر في فترة تشهد انتعاشة على ساحة الأدب، وشعر العامية، مثل صلاح جاهين وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم، إلا أنه أظهر تميزا كبيرا. وكان أول ديوان له «الأرض والعيال» وكانت طبعته الأولى في عام 1964، ثم ديوانه الثاني «الزحمة» ثم «عماليات» و«جوابات حراجي القط». وظل الأبنودي يكتب الشعر حتى آخر عمره، وحصل على عدة جوائز، مثل جائزة الدولة التقديرية عام 2001، ليكون أول شاعر عامية يفوز بها، وفاز أيضا بجائزة محمود درويش للإبداع العربي عام 2014. وفي عام 2015 وتحديدا في الـ21 من أبريل من ذلك العام، توفي الأبنودي، عن 76 عاما.
فيديو قد يعجبك: