العاصفة الترابية: التغير المناخي يَعطل الحياة في العراق
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
تقرير– مارينا ميلاد:
اللون الأصفر يغطي سماء العراق وكل شئ فيها.
فالعاصفة الترابية الشديدة التي اجتاحتها مرتين، خلال الأسبوعين الماضيين كَست مدنها كالسليمانية شمالا، العاصمة بغداد، والنجف جنوبا، بالغبار البرتقالي.
ووجد ذلك الغبار طريقه إلى داخل المنازل؛ خاصة وأن أغلب البيوت العراقية مُصممه على طَقس البلد المعتاد، حيث فتحات التهوية على عكس الشقق السكنية – بحسب محمد السوداني (30 عاما)، والذي يسكن بالعاصمة بغداد.
لذا اضطر الرجل إلى إغلاق النوافذ ببعض الأكياس البلاستيكية.
لم يكن "السوداني"، الذي يعمل موظفًا حكوميًا، مهتمًا بمتابعة أخبار الطقس أو التغير المناخي إلا في أوقات سفره. ذلك على الرغم من أن بلده بات مصنفًا كأحد خمس دول هي الأكثر عرضة للخطر جرّاء التأثر بتغير المناخ والتصحر.
لكن وصلت إليه تحذيرات الطقس يوم 15 مايو من خلال تصفحه منصات التواصل الاجتماعي؛ والتي حمل محتواها نصائح له ولغيره من سكان العراق البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة، بالتزام البيوت.. فهناك عاصفة قوية خلال الساعات القادمة.
تسببت العاصفة في وقف حركة الملاحة واختناقات وإغلاق المطارات والمدارس والإدارات العامة. لم يذهب "السوداني" إلى عمله والتزم البيت مع عائلته المكونه من 8 أفراد، وقد جَهز احتياجاتهم الأساسية في اليوم السابق.
وسار على نفس الحال في العاصفة الأخرى التي تبعتها، أمس الإثنين، بل وامتدت إلى دولة الكويت، ودفعت السلطات العراقية مجددًا إلى تعطيل الدوام الرسمي في الإدارات.
يرى "السوداني" أن بعض المواطنين بات لديهم شئ من الوعي للعواصف الترابية؛ فصاروا يتخذون تدابير الوقاية مثل إحكام الأبواب والنوافذ وجلب الأشياء الضرورية للمنزل والبقاء داخله، لكن في الوقت نفسه لا زال الكثير لم يعوا حجم المخاطر التي ترافق العواصف.
لكن تلك التدابير التي اتخذها "السوداني" لم تحميه تمامًا؛ فيقول: "أنا وعائلتي واجهنا بعض المشكلات خاصة وإن أحد إخوتي يعاني من مرض الربو؛ مما يضطرنا الى إحضار أنبوية الأكسجين إلى المنزل أو الذهاب إلى المستشفى في حال استمرار العاصفة وقت أطول".
في أحد مستشفيات العاصمة، كان الطبيب عباس الحسيني، يستقبل عشرات حالات الاختناق، التي يقول إن عددها وصل إلى 200 حالة يوميًا، تراوحت بين حالات متوسطة إلى شديدة.
يصنف "الحسيني" الحالات، بأن أغلبها من الأطفال مرضى الحساسية والربو؛ ثم كبار السن خاصة بالمناطق الشعبية؛ والذين وصفهم تقرير لوزراة البيئة العراقية بأنهم والنساء "أكثر المعرضين لمخاطر تغير المناخ، لأنهم الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع العراقي".
وقد تخطى إجمالي أعداد حالات الاختناق حاجز الـ5 آلاف حالة خلال العاصفة الأولى التي لم تتجاوز يومين – وفقا لوزارة الصحة العراقية.
ومنذ بدايه عمله كطبيب عام 1992؛ لم يمر"الحسيني" بظرف صحي صَعب جراء الطقس مثل الظرف الحالي. إذ يقول إن "العواصف هذه المرة غير مسبوقة.. لكن جميعنا مستنفرين؛ فجميع الأدوية والأدوات متوفرة، والعطلات تم إلغاءها لأي طبيب".
وفي بياناتها المتتالية، أكدت وزارة الصحة العراقية على ذلك؛ وعلى متابعة مسؤوليها ميدانيًا، وتقديم الخدمات الطبية وسير عمل الطوارئ بالمستشفيات والوحدات الصحية.
لمواجهة تلك العواصف؛ تذكر وزارة البيئة العراقية أن أهم الحلول هو زيادة الغطاء النباتي وزراعة أشجار كثيفة تعمل كمصدات للرياح.
ومن هنا، انطلقت مبادرة "الحزام الأخضر" التابعة لمؤسسة تسمى "العتبة العباسية" عام 2017؛ لزراعة مساحة طولها 250 كم وعرضها 100م في صحراء كربلاء الغربية.
تحقق من ذلك 70 كم؛ وفقا للمهندس ضياء الصائع، مدير المشاريع الهندسية في المؤسسة. كما يتحدث عن إعادتهم تأهيل الأحزمة الخضراء العائدة لدوائر الدولة الحكومية ورعايتها دائمًا، وزراعة الصحراء بالأصناف النادرة من النخيل بما يقارب 24 ألف نخلة بالمرحلة الأولى فقط.
فالعراق؛ الذي حبته الطبيعة ثروات نفطية ومائية ولا يساهم إلا بحوالي 5 % فقط من إنبعاث غازات الدفيئة - بحسب تقرير لوزارة البيئة العراقية - يعاني تأثيرات التغير المناخي كارتفاع غير مسبوق بدرجات الحرارة، تناقص كميات المطر، زيادة المناطق المتصحرة، وانخفاض مساحة الأراضي الزراعية وإنتاجيتها، إضافة إلى زيادة العواصف الغبارية.
تلك العواصف المتوقع زيادتها؛ حذرت السلطات البيئية في إبريل الماضي من أنها قد تغطي 272 يومًا في السنة على مدى العقدين المقبلين. يرى الطبيب عباس الحسيني أن ذلك "عبـء كبير على هذا الشعب".
أما محمد السوداني، الذي يستغل وقته بالبيت في القراءة، فيُحمل المسؤولية لوزارة البيئة وكل الجهات التي ساهمت في التصحر وإزالة الأشجار خاصة في بغداد – حسب قوله.
لذلك يتمنى ضياء الصائع؛ أن تتنبه الحكومة بعد هذه العواصف وتخصص لمؤسسة أراضي يمكنهم زراعتها ليمتد عملهم لبقية العراق، الذي يبلغ مساحته نحو 438 كم.
ومؤخرًا؛ اطلقت دائرة المنظمات غير الحكومية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، مبادرة لزراعة مليون شجرة وشتلة لزيادة المساحات الخضراء.
- الصور المنشورة من الصفحة الرسمية لوزارة الصحة العراقية على موقع "فيسبوك"
فيديو قد يعجبك: