الفرق الفلسطينية في مهرجان الطبول: "نحن نقاوم بالدَبكة"
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
تقرير- مارينا ميلاد:
في الأسبوع الثاني من شهر مايو الجاري؛ وبينما كانت فلسطين تودع الصحفية شيرين أبو عاقلة التي قُتلت أثناء تغطيتها لمداهمة إسرائيلية بالضفة الغربية.. كانت فرقتي "الفالوجا للفنون الشعبية" و"كنعان" الفلسطينيتين تواصلان تدريبهما لإقامة عروضًا بالمهرجان الدولي للطبول المُقام في مصر هذه الأيام.
امتد الحُزن لأفراد الفرقتين؛ لكنهما أصرا على مقاومته.. يستحضر مدير فرقة "الفالوجا"، رفيق الطويل، مقولة الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"؛ ليوضح كيف حولوا كل هذا اليأس إلى دافع وقوة لتقديم المزيد من العروض الفنية التي تَكشف أفعال القوات الإسرائيلية – حسب قوله.
في الدورة التاسعة لمهرجان الطبول، تتجاوز فرقتي "الفالوجا" و"كنعان" كل شئ وتشاركان ضمن 43 فرق موسيقية من 15 دولة مختلفة؛ فرق اختارت أن تقرع طبولها معًا، ليرتدد صداها في أرجاء قلعة صلاح الدين، شارع المعز، قبة الغوري، ودار الأوبرا.. وبها تمتزج ثقافاتهم ويبعثون برسالة "سلام" إلى العالم، وهو هدف هذا المهرجان.
يميل رفيق الطويل أن يبدأ تعريفه لفرقته "الفالوجا" بشعار "الفن مقاومة". إذ يرى أنهم يعافرون لأجل الاستمرار والتعبير عن قضيتهم منذ عام 1983 عندما تأسست الفرقة على يد فتحي عرفات، رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني بالقاهرة وشقيق الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وعن التسمية؛ فيتحدث رفيق عن أن سببها الأول هو اسم معهد التمريض التابع للهلال الأحمر والذي شَكل أفراده قوام الفرقة في البداية، وسببها الثاني التقارب المصري الفلسطيني، في إشارة إلى مكان حصار عبد الناصر وقت حرب فلسطين 1948.
أما فرقة "كنعان" التي شَكلها شباب من غزة ورام الله عام 2018؛ فاختارت الاسم التاريخي لأرض فلسطين ليعبر عما يهدفون إليه وهو نشر تراث بلدهم. فتقول سلمى خَطاب (29 سنة)، عضو الفرقة، إن "جيل كَبر لا يعرف عن فلسطين إلا أنها بلد محتل، ولا يربط اسمها إلا بالحرب.. رغم أنها بلد مليئة بالفن والجمال."
ولأن "سلمى" ومعها 24 شخصًا يجيدون الغناء والدَبكة؛ فأرادوا أن يخدموا قضيتهم بما يمكنهم فعله.. أسسوا الفرقة باشراف سفارة فلسطين وتمويل ذاتي منهم؛ لذا ليس لديهم مقرًا إنما يؤجرون ستديو عماد الدين ليستضيف تدريباتهم.
في المقابل؛ ففرقة "الفالوجا" استقرت في طابق بمستشفى فلسطين التي تتبع الهلال الأحمر كمقرًا ثابتًا لهم أقاموا به مسرحًا؛ فلا جهة أخرى تدعمهم طول تلك السنوات.
يقول رفيق إن "هدفهم هو حماية التراث الشعبي من السرقة من جانب قوات الاحتلال، وإيصاله للشتات الذين لم يرووا فلسطين."؛ فيحكي عن "تابلوهات الرقص" التي يصنعونها؛ حيث مَزج الدَبكة، الموسيقى، والكلمات ليسردون منها قصة عن الشهيد أو الأسير وغيرها من القصص.
وقع اختيارهم - من بين أكثر من 30 رقصة لديهم - على قصة الشهيد، لتكون أساس عرضهم خلال مهرجان الطبول، أمس أول الثلاثاء، بدار الأوبرا.. 30 دقيقة انفعل معها الحاضرين، بل جعلت بعضهم يبكي؛ وكأن المشاهد الحقيقية تمر أمامهم في تلك اللحظة.
وبالمثل؛ تعرض "كنعان" تابلوهات تروي الواقع الفلسطيني كالمُهجرين من أرضهم والعُرس الفلسطيني. كما تُقدم الأغاني التراثية بطريقة مستحدثة، كأغنية "ظريف الطول" مثلما غناها حمزة نمرة فيما بعد، وأغنية "دمي فلسطيني" كما غناها محمد عساف، ذلك لتكون أقرب للشعب المصري – وفقا لسلمى، التي تقول إن الأخيرة طلبها الجمهور منهم في المهرجان.
تضم "كنعان" ضمن فريقها 4 مصريين انضموا من خلال ورشات تعليم الدبكة التي تقدمها، كذلك "الفالوجا"، التي وصل أعضاءها لـ20 راقصًا و10 عازفين منهم 5 من مصريين – بحسب رفيق الطويل – الذي يشير إلى أن هؤلاء هم الأفراد الحاليين، لكن خلال سنوات عمل الفرقة تدرب بها نحو 7 آلاف شخص؛ 25% منهم مصريين.
بتول العبد هي واحدة من هؤلاء. فالفتاة المصرية التي تخرجت من الأكاديمية البحرية وتعمل معيدة بالجامعة الألمانية، كانت تعشق الغناء طوال الوقت، لكنها لم تعلم إلى أين سيأخذها!.. اليوم؛ ترتدي الزي الفلسطيني، تغني باللهجة الفلسطينية، وتنسجم مع زملاؤها بفرقة "الفالوجا"؛ فلا تشعر بأي فارق بينهم منذ انضمت إليهم قبل عامين.
تحكي "بتول" عن الجمهور الذي يلتقط صورًا معها على أنها فلسطينية؛ ثم تقول: "أشعر بفخر لأنني أمثل فلسطين من خلال فرقة هي الأقدم هنا".
تأثرت "بتول" بالمشهد الذي جرى في الأوبرا خلال المهرجان وقد شاهدته كثيرًا من قبل؛ عندما تفاعل الناس معهم لدرجة البكاء: "أردت دومًا أن اشارك في هذه الرسالة وأترك تأثيرًا في الناس؛ فالقضية لم تنتهي".
يوضح رفيق، مدير فرقتها؛ إن الانضمام إلى "الفالوجا" لا يتطلب شروطًا، بل يرحب بالأطفال سن 6 سنوات، لذا تضم الفرقة حاليا طفلة عمرها عشر سنوات تشارك ضمن عروضها بمهرجان الطبول.
شاركت "الفالوجا" أيضًا في مهرجانات أسوان، الغردقة، الإسماعلية للفنون الشعبية وغيرها.. فيقول رفيق إن "مصر اعطتنا الفرصة واستضفتنا لتوصيل رسالتنا إلى العالم".. ذلك إلى جانب خمس مشاركات لها بمهرجان الطبول؛ الذي يصفه بأنه "ذات طابق مختلف عن كل المهرجانات؛ لكثرة الفرق وتنوعها".
وفي خارج مصر؛ شاركت الفرقة بمهرجانات عُمان الدولي، تونس، بابل في العراق، ودرج في الأردن.. لكن لا زال البلد الوحيد يتمنون الذهاب إليه – كما يقول رفيق – هو فلسطين.. إذ يذهبون بشكل فردي لزيارة أهلهم؛ لكن الإجراءات تقف عائقًا ضد ذهابهم جميعًا ليقيموا حفلا طالما حلموا به.. تشاركهم فرقة "كنعان" الحال نفسه، حيث يسافر بعض شباب الفرقة ويرقصون باسم فرقتهم لكن سلمى تقول إن ذلك غير رسمي.
تنهال على "سلمى" وزملاؤها تعليقات سلبية لتقلل من تلك المشاركة كقول البعض: "هكذا ستحررون فلسطين!.. اذهبوا وشاركوا في المقاومة".. لكنها لا تقف عند ذلك وتنشغل بأكبر تحدي يواجههم –كما تقول– وهو أن يبقوا ويستمروا: "نرى أننا نؤثر ونجعل الناس تهتف وترفع الأعلام الفلسطينية.. هذه مشاركتنا بالقضية.. المقاومة ليست رمي حجر وقتل.. نحن نقاوم بالدبكة والكلمة".
اقرأ أيضا:
فيديو قد يعجبك: