لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الفلوس أو القتل.. كواليس المفاوضات مع خاطفي الطالب المصري بجنوب أفريقيا

01:51 م الإثنين 30 مايو 2022

كتب- محمود عبدالرحمن:

صباح 14 مايو الجاري، خرج الطالبان المصريان مؤمن هيثم وفادي سعيد، من المبني السكني بأكاديمية اتيس للطيران (ATIS Aviation Academy)، بمدينة فيرينجينج (Vereeniging) بجنوب أفريقيا، لقضاء عطلة الدراسة الأسبوعية بالعاصمة جوهانسبرغ، التي تبعد عن مقر إقامتهم 90 كيلومترا.

استأجر مؤمن وفادي سيارة خاصة، كما فعل عدد من زملائهما، للتحرك بها إلى العاصمة، باعتبارها الوسيلة الأفضل للتحرك بين المدن القريبة في جنوب أفريقيا، كما ترشحها مواقع السياحة والسفر في الدولة الإفريقية، التي تصنف بعض مدنها ضمن المدن الأقل أمانا عالميا.

محمود-عبدتحرك الطالبان اللذان لا يتجاوز تواجدهما بالمدينة الصغيرة شهور قليلة بالسيارة المستأجرة التي كان يقودها أحدهما، برفقة مجموعة أخرى من زملائهما، الذين كانوا يستأجرون سيارات أخرى.

وفي طريقهما إلى "جوهانسبرغ" تعرض مؤمن وفادي للخطف، حيث قطع طريقهما مسلحون مجهولون، ولم تستطع إدارة الأكاديمية حتى الآن التعرف على هوية الخاطفين أو الوصول إلى أي معلومات عن المخطوفين، بحسب هيثم كامل والد الطالب المخطوف مؤمن.

مدينة فيرينجينج الموجود بها أكاديمية اتيس للطيران (4)الطريق المؤدي إلى جوهانسبرغ من "فيرينجينج"، يتوسط مساحات زراعية شاسعة، بعضها يتمدد على هضاب متوسط الارتفاع، والتجمعات السكنية ظهورها محدود، كما تظهر صور ولقطات جوجل أرث وجوجل أستديو.

بينما الأكاديمية المتخصصة في تعليم مهارات الطيران المدني، التي التحق بها مؤمن وفادي، تقع بالظهير الصحراوي بمدينة فيرينجينج (Vereeniging)، وهي مدينة صغيرة يوجد بها مطار لا يتجاوز تعداد سكانها 99 ألف نسمة، وتؤكد إدارة الأكاديمية أن مقرها المزود ببوابات إلكترونية يتسم بالأمان الكامل.

مدينة فيرينجينج الموجود بها أكاديمية اتيس للطيران (5)

الأكاديمية التي تقدر مصروفاتها الدراسية خلال عامين الدراسة بـ46 ألف دولار، تدفع على 4 أقساط، تعرف نفسها على موقعها الإلكتروني وعلى منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها أول أكاديمية مصرية تمتلك مدرسة طيران خاصة بها بنسبة 100% مرخصة ومسجلة بسلطة طيران جنوب أفريقيا، ومسجلة في مصر بترخيص من الهيئة العامة للاستثمار.

أكاديمية الطيران

مساء يوم الجمعة، 14 مايو الحالي، كان أخر تواصل هاتفي بين الطالب مؤمن ووالده هيثم، اطمئن على صحته وعرف أخبار دراسته بالأكاديمية. يحكي الأب: "في العادي أنا وزوجتي بنكلم مؤمن كتير عشان الغربة وممكن نكلمه في اليوم مرتين تلاته".

في اليوم التالي، السبت، لم تتمكن الأسرة "الأب أو الأم " من التواصل مع مؤمن للمرة الأولى منذ سفره، يقول الأب: "نبعت رسائل مش بتوصل ونرن عليه مغلق"، بعد محاولات متعددة فاشلة للتواصل مع نجله، تواصل الأب مع إدارة الأكاديمية بالمقر الموجود بالمعادي في القاهرة، لمساعدته في الاطمئنان على ابنه. طلب منه الموظف بمقر القاهرة التواصل مع إدارة الجامعة في جنوب أفريقيا أو انتظار تواصل الإدارة في القاهرة مع إدارة الفرع في جنوب أفريقيا.

ليقرر الأب التواصل مع الإدارة في جنوب أفريقيا وعدم الانتظار، ليخبره موظف الجامعة في جنوب أفريقيا بتغيب نجله وصديقه فادي منذ الأمس، وإبلاغ الشرطة باختفائهما، ويجري حاليا البحث عنهما.

الطالب المختطف (1)"في الوقت ده مكناش عارفين نعمل إيه ولا نروح فين"، يتذكر الأب تلك اللحظات التي وصفها بالصادمة للأسرة "زوجته وأولاده"، ليجري الأب عدة اتصالات بعدد من معارفه لمساعدته في الوصول إلى أي معلومة عن ابنه، لكن دون جدوى.

وفي مساء اليوم التالي، الأحد 15 مايو الجاري، استقبل الأب اتصال هاتفي من رقم دولي مجهول، ليخبرهم المتصل الذي يتحدث العربية بلهجة شامية، باختطاف إحدى العصابات لمؤمن وصديقة فادي، طالبا منهم دفع فدية مالية تقدر بـ 7 ملايين جنيه، إذا كان يريد تحرير ابنه وعودته سالما إليه، كما يروي الأب.

وأخبر المتصل والد مؤمن بأنه سيعاود الاتصال به بعد يومين، يكون الأب تمكن خلالهما من توفير الفدية المطلوبة، ولم يسمح المتصل للأب بالاستفسار عن أي شيء أخر، مثل حالة ابنه أو كيفية تحويل المبلغ أو إعراب الأب عن عدم قدرته على توفير المبلغ، الذي يؤكد أنه يفوق قدراته المالية.

بعد استقبال هذا الاتصال "الدنيا بقت سودة مش عارفين نعمل إيه"، وانهارت والدة مؤمن بعد معرفتها بالخبر، يستكمل والد مؤمن، الذي يعتبر ابنه المختطف أكبر أشقائه، لكنه في نظر والديه ما زال طفل فهو لم يتجاوز الـ 18 عاما، "وقفنا عاجزين مش عارفين نتحرك".

لجأ الأب إلى مراسلة جميع الجهات التي اعتقد أنها ستساهم في تقديم المساعدة له، منها وزارة الهجرة ووزارة الداخلية ونيابة التعاون الدولي وإدارة الأكاديمية التي يدرس بها نجله، للوصول إلى أي حلول ممكنة، لكن دون فائدة "مفيش أي حاجة حصلت حتى الآن"، يقول الأب: "ابني بيضيع ومش عارف أعمل حاجة".

عرضت إدارة الأكاديمية على الأسرة المساهمة بمبلغ 50 ألف جنيه في دفع الفدية، بحسب رواية الأب، وهو ما رفضت إدارة الأكاديمية بالقاهرة نفيه أو تأكيد، حيث أكدت مسؤولة التواصل بالأكاديمية في اتصال هاتفي معها: "لن نتحدث في الموضوع حاليا وعندنا ردود على كل ما يثار، لكننا سنلتزم الصمت حتى يعود الطالبان المختطفان".

استقبلت الأسرة اتصال ثاني من الخاطفين، للاستفسار عن توفير المبلغ، وحًذر خلاله والد مؤمن من التواصل مع الأكاديمية أو أجهزة الشرطة حتى لا يعرض حياة ابنه للخطر، وأخبره الأب أن المبلغ كبير جيدا ويفوق قدراته المالية ولا يستطيع توفيره، كان رد المتصل: "لو عايز ابنك سليم ادفع"، طالبا من الأب انتظار مكالمة منه.

هو ما حدث بعد يومين، وأخبره المتصل أن الخاطفين وافقوا على تخفيض المبلغ إلى ما يعادل 5 ملايين جنيه، مؤكدا على الأب بعد التواصل مع أي جهات رسمية حتى لا يعرض حياة ابنه للخطر.

يطلب الأب من المتصل التواصل مباشرة مع الأكاديمية في جنوب أفريقيا، "اتصل بالأكاديمية عندك هيقدروا يوفروا المبلغ لك أسرع منا"، جاء رد المتصل، من خلال رسالة مسجلة من نجله يستغيث فيها: "إلحقني يا بابا ادفع لهم اللي هما عايزنيه، أنا بتعذب هنا"، أغلق المتصل الخط بعد مطالبته للأب بالاستجابة لابنه وتوفير المبلغ المطلوب.

"ابني طول عمره نفسه يكون طيار عشان كده دخلته الأكاديمية"، يبرر الأب التحاق نجله بالأكاديمية، بسبب إصرار ابنه أن يكون طيار، رغم حصوله على الدبلومة الأمريكية، لكنه أصر على التقديم بإحدى أكاديمية الطيران المدني لتحقيق حلمه.

يقول الأب: كنا خايفين عليه في الأول من السفر، لكن الإجراءات الأمنية التي أكدت الأكاديمية إتباعها مع طلابها، جعلهم يشعرون بالأمان، حيث توفر الأكاديمية سكن خاص بالطلاب ولا تسمح لهم بالخروج إلا بعد موافقة أسرته.

وزيرة الهجرةولقي خبر اختطاف الطالبين "مؤمن وفادي"، انتشار واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل لعودة الطلاب، مما دفع الصفحة الرسمية لوزيرة الهجرة الدكتورة نبيلة مكرم بتوجيه رسالة إلى أسرة مؤمن، مؤكد فيها أن السفارة المصرية بمدينة بريتوريا في جنوب أفريقيا، تتواصل مع السلطات المختصة هناك التي تتولى متابعة الأمر، مطالبة أسرة فادي ومؤمن بعدم اثارة الموضوع إعلاميا، حفاظا على سلامتهم.

لكن والد مؤمن يرى أن الوقت يمر ولا يوجد أي أخبار عن ابنه، قائلا: "من يوم ما اختفى، العصابة كل شوية تكلمنا ويقولوا لازم تدفعوا الفلوس أو نقتلهم ونبعت لكم جثثهم".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان