لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فيلم "دفاتر مايا".. حب الحياة ينتصر على مأساة الحرب الأهلية اللبنانية

01:33 م الثلاثاء 31 مايو 2022

فيلم "دفاتر مايا"

كتبت-رنا الجميعي:

لا أحد يرغب بعودة الماضي، وفي حالة رجوعه عليه أن يظهر دون رغبة المرء، تتفاجأ مايا بصناديق خطابات أمامها ليلة عيد الميلاد في كندا الباردة، يعود إليها الماضي الذي خلفته ورائها ممسكًا بتلابيبها، وما عليها إلا أن تستسلم لتلك الصناديق، وتعود إلي بيروت الثمانينيات خلال أيام الحرب الأهلية الدموية.

خلال الأيام الماضية عُرض الفيلم اللبناني "دفاتر مايا"، للمخرجين جوانا حاجي توما وخليل جريج في أيام القاهرة السينمائية بسينما زاوية، المقام في الفترة بين 25 مايو إلى 21 يونيو، ويعتبر دفاتر مايا أول فيلم لبناني يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين بعد 40 عامًا، وكانت آخر مشاركة لفيلم "بيروت اللقاء" للمخرج برهان علوية.

1

إذًا تعود لبنان للمشاركة السينمائية بفيلم يتحدث عن الحرب الأهلية اللبنانية، الصدمة الأكبر في حياة اللبنانيين، التي استمرت في الفترة بين عام 1975 إلى عام 1990، وأسفرت عن مقتل ما يقدر بـ120 ألف شخص، وصنع اللبنانيون أفلامًا عديدة عن تلك الفترة، ويعتبر دفاتر مايا أحدثها.

2

يعتمد الفيلم على لحظة حقيقية في تاريخ مخرجته جوانا حاجي توما، حيث تستلم توما عام 2013 رسائل كتبتها إلى صديقتها التي هاجرت إلى فرنسا قسرًا بسبب الحرب، تلك الدفاتر تعيدها بالذاكرة إلى الوراء، وبالفيلم تستلم مايا-قامت بالدور ريم تركي- تلك المراسلات، لكنها تخاف مواجهتها، فيما تشعر ابنتها أليكس-قامت بالدور بالوما فوتييه- بالفضول تجاه والدتها التي لا تعرف عنها شيئًا.

وعبر الدفاتر تكتشف أليكس حياة والدتها خلال الحرب الأهلية اللبنانية، ورغم قسوة تلك الحياة لكنها كانت تعيش بشخصيتها المحبة للحياة، فيما تعاني مايا آثار الصدمة النفسية بسبب تلك الفترة، وتصير شخصًا آخر يعيش بلا ذاكرة حقيقية، بعد هجرتها إلى كندا برفقة أمها عام 1988.

3

هناك أكثر من مستوى بالفيلم، بجانب العلاقة بين الماضي والحاضر والذاكرة التي يتناولها، هناك أيضًا العلاقة بين الأجيال، خاصة في طريقتهم في التواصل والتعبير، بينما تتواصل أليكس عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ومكالمات الفيديو، والتصوير بالهاتف المحمول، كانت تتواصل والدتها مايا عن طريق الكتابة بالدفاتر، والتصوير بالكاميرا الفوتوغرافية، والتسجيل الصوتي عبر الكاسيت، يسجل الفيلم شهادة حقيقية عن اختلاف سبل التواصل والتعبير بين شباب ثمانينيات القرن العشرين وشباب القرن الواحد وعشرين.

4

ويبدو أن جيل الأم والابنة أيضًا يتواصلان بصعوبة بالغة، فلا تعرف أليكس شرب أمها للسجائر في مراهقتها مثلًا، إلا حينما تكتشف ذلك في خطاباتها لصديقتها المهاجرة ليزا، وتندهش أليكس حينما تعرف شغف أمها بالتصوير، ذلك الشغف الذي تركته ورائها في بيروت الحرب، مثلما تركت شخصيتها المحبة للحياة، وتكتشف أليكس قصة الحب التي جمعت بين مايا وراجا، وفرقتهما الحرب أيضًا.

5

ورغم تعدد مستويات الفيلم، لكن المبهر هو طريقة عرض الحكاية نفسها، وبجانب كون جوانا وزوجها خليل مخرجان، هما من رواد الفن المعاصر في العالم العربي، وتمزج أعمالهما بين أشكال فنية متعددة، ففي دفاتر مايا نجد مزجًا بين الوثائقي والروائي، وتتحول المذكرات المكتوبة إلى سيرة مصورة أمامنا، وتتحرك الصور الفوتوغرافية على الشاشة مستعيرة تكنيك عرض الشرائح المتحركة المعروف باسم "slide show"، كل ذلك يُظهر حنينًا لتلك الفترة المتشبعة برائحة الورق وصوت الكاسيت والووكمان وموسيقى وفوتوغرافيا الثمانينيات.

6

وفي نهاية الفيلم تتصالح كل العناصر المتضادة، حيث يتبنى المخرجان قيمة التصالح بين الماضي والحاضر، تعود مايا برفقة أليكس إلى بيروت الحالية، وكأنها رسالة يقولان من خلالها أن التصالح مع الماضي ومواجهته هو السبيل الوحيد للاستمرار، ورغم أن بيروت المتأزمة في 2022 بين آثار ثورة أجهضت وآثار انفجار ميناء بيروت الذي لازال يخيم على العاصمة اللبنانية، إلا أن حب الحياة لازال يتعشق في قلوب اللبنانيين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان