لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من متطوع لصاحب إنجاز عالمي.. رحلة "سالم" مع اكتشاف ديناصور "هابيل"

12:24 م الخميس 16 يونيو 2022

بلال سالم عضو فريق سلام لاب مكتشف ديناصور هابيل ال

كتبت-إشراق أحمد:

كان طفلاً شغوف؛ يقرأ في مادة العلوم بالمرحلة الإعدادية عن الحفريات، فيرتبط بهذا العالم الغامض، يعرف عن التاريخ فينجذب لاكتشاف المزيد من الحكايات. مرت الأعوام، وجد بلال سالم طريقه في كلية العلوم، ولم ينس محبته للرحلات الاستكشافية ورغبته أن يكون يومًا جزءًا منها، لكن ما تخيل أنه خلال نحو عامين من الزمن، يصبح الاسم الأول في كشف جديد يوضح أسرار عن الحياة في الواحات البحرية قبل 98 مليون عامًا.

في الثامن من يونيو نشرت المجلة العلم Royal society open science، الدراسة البحثية لفريق "سلام-لاب" بمركز المنصورة للحفريات الفقارية، تحت إشراف عالم الجيولوجي المصري، هشام سلام، قائد الاكتشاف الشهير "منصوراصورس" قبل نحو أربعة أعوام.

سجل الباحثون المصريون اكتشاف لأول حفرية مؤكدة لنوع من الديناصورات الآكلة للحوم في منطقة الواحات البحرية -الصحراء الغربية- يعرف باسم "هابيل المفترس أو القاتل" وعلميًا يطلق عليه "Abelisauridae"، وهو أمر يعد نادر، إذ يؤكد وجود ديناصورات في نهاية العصر الطباشيري في قارة أفريقيا، كما يكشف عن بعض من أسرار حياة ما قبل التاريخ في مصر.

تصدر اسم بلال سالم، المؤلف الرئيسي للبحث قائمة الباحثين على الدراسة الكشفية التي لقت إهتمامًا عالميًا على المستويين العلمي والإعلامي، ويوضح الباحث بمركز المنصورة للحفريات الفقارية لمصراوي مهمته "المؤلف الرئيسي بيحمل على عاتقه جميع مراحل عملية البحث من الكتابة والتدقيق والمراجعة وعمل التحاليل"، فيما تنقسم مهام أعضاء الفريق ما بين الكتابة والتحاليل، على أن يتم هذا تحت إشراف الدكتور هشام سلام.

عام 2019، بدأ سالم مهمته رسميًا ضمن فريق "سلام لاب"، ليصبح أحدث وأصغر المنضمين عمرًا، حدث ذلك بعد نحو ثلاثة أعوام من إلتحاقه بمركز المنصورة للحفريات الفقارية، استطاع الباحث الشاب أن يلفت الأنظار لشغفه واجتهاده منذ كان طالبًا في الفرقة الثانية بكلية العلوم في جامعة بنها.

حينما التحق سالم بكلية العلوم، توجه لقسم الجيولوجيا، انتبه لوجود الحفريات ومعه نبض شغف الطفولة، أخذ يسأل عن الأساتذة المتخصصين في هذا المجال حتى عرف مؤسس مركز المنصورة للحفريات الفقارية، على الفور توجه من بنها إلى القبلة المنتظرة "عملت مقابلة مع دكتور هشام سلام وتم اختياري متطوع في المركز بقرأ واطلع وبقيت أطلع رحلات استكشافية وأول رحلة طلعتها في 2017".

في مركز المنصورة كان سالم "تحت المنظار" كما ظل أستاذه يخبره، عايش العلم بالصوت والصورة، لمح أستاذ الجيولوجيا في المتطوع الجديد نهم في القراءة واهتمام بالتخصص ووعي بأن "القراءة هي الكنز الأول والوسيلة الوحيدة لتلقي المعرفة في هذا التخصص"، فأصبح الشاب تحت توجيه رئيس المركز، والمشرف على الرسالة البحثية الجديدة، وجد سلام في الباحث العشريني قدرة على التماشي مع الفريق، لينضم لباحثي المركز فور تخرجه وتعيينه معيدًا بجامعة بنها.

ورغم ما يبدو من أن المشوار مازال في البداية، لكن سالم تمكن من نشر بحثيين دوليين منذ العام الماضي، من بينهما اكتشاف "هابيل المفترس" في الواحات البحرية، إلى جانب 6 ملخصات بحثية في مؤتمرات دولية.

على مدار نحو 10 أعوام ويواصل مركز المنصورة رحلاته الاستكشافية لمنطقة الواحات البحرية بهدف البحث عن الحفريات الفقارية الموجودة بالمنطقة التي عرفت بأنها "واحة الديناصورات"، وفي عام 2016 ظهر المنتظر بمنطقة قرب جبل الديست في الواحات بينما يقوم الباحثون بمهامهم في إحدى الرحلات التي خرجت بالتعاون مع جهاز حماية شؤون البيئة ودكتور محمد سامح مدير عام محميات المنطقة المركزية ودكتور وائل ثابت مدير عام محمية الواحات البحرية كما يقول سالم.

لم يكن سالم حاضرًا لحظة الكشف عن حفرية الفقرة العنقية العاشرة من رقبة ديناصور "هابيل المفترس"، لكنه عايش فرحة المعرفة؛ كان الباحث الشاب بين الطلاب الذيين عملوا على تنظيف الحفرية نهاية عام 2017" لما تم العثور على الحفرية كانت مغطاة بطبقة سميكة من رواسب الرمل المشبعة بأكاسيد الحديد وده بيخليها تعمل طبقة صلبة بتخفي صفات الحفرية"، حينها ما كان مؤكد أن الحفرية لكائن لم يُعرف من قبل حتى مطلع عام 2018، لتصبح جاهزة للدراسة نهاية هذا العام، وفي هذا الوقت بدأت مهمة ابن مدينة بنها.

كلف رئيس مركز المنصورة للحفريات الباحث الشاب بالعمل على عينات من الواحات البحرية من بينها حفرية "هابيل"، بحث سالم في الوصف التشريحي وهيئة الحفرية "الوصف المورفولوجي"، وأجرى المقارنة بينها وديناصورات أخرى آكلة للحوم في مصر وشمال أفريقيا، ثم القارات الجنوبية والعالم، واستمرت المقارنات حتى الوصول للنتائج النهائية التي تشير إلى أن الفقرة لديناصور مفترس يبلغ طوله نحو 6 أمتار، وهو من عائلة جديدة عما تم اكتشافه من قبل.

للكشف أهمية خاصة لدى سالم، ليس لكونه إنجازًا علميًا عالميًا لفريق مصري فقط، إنما لمحبة ترافقه منذ خطت قدماه الطريق "الواحات البحرية أول الأماكن اللي حببتني في دراسة الديناصورات وأول الأماكن اللي قرأت عنها فإن اسمي يتحط على بحث طالع منها فده حاجة كبيرة بالنسبة لي".

كذلك حقق "هابيل المفترس" لسالم حلم ذاقه وهو بالمرحلة الثانوية، وقت أن كانت عيناه تلمع لمشاهدة الأفلام الوثائقية عن الرحلات الاستكشافية ويقرأ عنها في أعداد مجلة ناشيونال جيوجرافيك، خاصة عدد أكتوبر 2014 حينما قرأ عن اكتشاف حفريات لديناصور مصري في المغرب يسمى "سبينوصور اجيبتيكس" المغرب. تمنى الشاب حينها لو أصبح جزءًا من مثل هذه الرحلات.

اليوم سالم ضمن 8 باحثين، كل منهم يحمل درجة وخبرة كبيرة في علم الحفريات، سجلوا معًا اكتشاف عن حياة واحد من أضخم الديناصورات آكلات اللحوم وكذلك العشب، لكنه الأوسط حجمًا بين ديناصورات الواحات البحرية، طبيعة تلك الحياة التي وضحتها رسوم مرافقة أعدها فنان علمي متخصص يسمي أندرو مكافي يعمل بمتحف كارنيجي للتاريخ الطبيعي في أمريكا، وهو شأن معتاد في الأبحاث الفقارية كما يقول الباحث الشاب.

يقيم الباحث المصري الشاب حاليًا في أمريكا للدراسة في جامعة أوهايو، لكن لا ينقطع عن حكاية "هابيل المفترس" الذي تعود تسميته لأول من عثر على هيكل شبه كامل له في العالم وهو عالم أرجنتيني يدعى روبرتو هابل"، ويقول سالم إن أصل اسم "هابل" في اللغة الأرجنتينية مقتبس من قصة قابيل وهابيل في الكتاب المقدس.

يواصل سالم مع فريق "سلام لاب" العمل على أبحاث أخرى لتسجيل بقايا حفريات أخرى من الواحات البحرية، يبذل الجهد لإنهاء رسالة الماجستير الخاصة به، فيما لا يتوقف عن الحلم بالكشف عن كل حفريات الديناصورات بمنطقة الواحات، خاصة بعدما قضت الحرب العالمية الثانية على 4 ديناصورات كانت مودعة في متحف برلين للتاريخ الطبيعي، فقد جاء الاكتشاف الحالي ليبث الأمل في نفس بلال سالم في أن يكشف أغوار الماضي السحيق، فلا تزال الصحراء تخفي الكثير من الأسرار.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان