لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أجرة يحكمها الهوى.. زيادة البنزين تشعل معركة "تعريفة التوك توك"

06:09 م الأحد 17 يوليو 2022

كتب- عبدالله عويس:

صباح اليوم، الأحد، كان محمود فتحي، في طريقه إلى عمله، بعد إجازة طويلة لعيد الأضحى. وهي الإجازة التي زادت فيها أسعار البنزين والسولار في مصر، وفي حين أن الشاب يستقل عددا من المواصلات بتعريفة محددة، فإن ذلك لم يكن ساريا على مركبة «التوك توك» لتنشب بينه وبين السائق مشادة، انتهت إلى دفع جنيه إضافي للطريق الذي يسلكه بشكل شبه يومي.

مناوشات محمود مع سائق التوكتوك لم تكن الوحيدة بعد زيادة أسعار البنزين والسولار، منذ صباح الأربعاء الماضي، وهي الزيادة السادسة منذ عام ونصف، وأقرتها لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية. وبين دعوات لمقاطعة تلك المركبة الصغيرة، وشكاوى سائقي التوك توك من تلك الارتفاعات المتتالية، والتي تفرض بطبيعة الحال زيادة في ثمن الركوب، تعددت آراء ركاب وسائقين.

يقول محمود، والذي يعمل في إحدى شركات الترجمة، إنه يستقل التوك توك كل صباح إلى أحد المواقف، ويدفع 5 جنيهات نظير تلك الخدمة، ثم يستقل وسيلتي مواصلات بعد ذلك، كانت الزيادة فيها تتراوح بين 25 و50 قرشا فقط، لكنه كان مضطرا لدفع 100 قرش زيادة للتوك توك: «هذه زيادة غير مبررة، لا يوجد رقيب على تلك الوسيلة، إذا كانت زيادة لتر البنزين الذي يعمل به التوك توك 50 قرشا، فإن تحصيل جنيه زيادة أو أكثر من كل راكب فإنه أمر غير عادل».

وعلى عكس غيره فإن محمود لا يملك رفاهية التمشية من محل سكنه بأحد شوارع شبرا الخيمة إلى موقف رئيسي للسيارات، فالمسافة بعيدة، وتستلزم وقتا طويلا، ويوفر له التوك توك مجهودا ووقتا، يصل لـ20 دقيقة: «وبالتالي فدعوة المقاطعة غير مجدية، وهناك كبار سن وبعض المرضى لا يستطيعون تلك المقاطعة، وبالتالي فإن على السائقين مسؤولية أن يكونوا رفقاء بالناس».

وتعمل مركبة التوك توك ببنزين 80 وهو البنزين الأكثر استخداما في مصر، والبعض الآخر يستخدم بنزين 92 وهي النسبة الأقل بين سائقي التوك توك، بحسب المركبة وتاريخ إنتاجها، وما إذا كانت حديثة أو قديمة، وزاد سعر لتر بنزين 80 بقمية 50 قرشا، ليصبح بـ8 جنيهات، في حين زاد سعر لتر بنزين 92 ليصبح بـ9 جنيهات و25 قرشا، وذلك خلال الربع يوليو/ سبتمبر 2022. وفي تصريح سابق في عام 2018، لرئيس الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية السابق، الدكتور حسام عرفات، فإن مركبات التوكتوك والموتوسيكل، تستهلك وحدها نحو 55% من بنزين 80 الذي يتم استهلاكه في مصر.

يقول أحمد تيتو (اسم شهرة) لـ«مصراوي»، وهو يجلس خلف مقود التوك توك، الذي يملكه منذ سنوات، إن الزيادة الأخيرة أجبرته على رفع سعر قيمة خدمة توصيل الزبائن، لكنه لا يفعل الأمر مع كل زبائنه: «المسافات القصيرة أحسبها كما اعتاد السائقون، لكن إذا كانت المسافة كبيرة ففي تلك الحالة قد أحصل على جنيهات زيادة، أراعي ظروف الناس الصعبة، لكنني مضطر للأمر» يحكي الشاب الذي يعمل سائقا على توك توك منذ عام 2007 وشهد زيادات مختلفة لأسعار البنزين خلال السنوات الأخيرة.

WhatsApp Image 2022-07-17 at 5.21.22 PM

تستوعب مركبة الشاب نحو 10 لترات من بنزين 92، ما يعني زيادة 5 جنيهات في في كل «تفويلة» وتكفيه وردية عمل واحدة، 8 ساعات تقريبا، لكنه كثيرا ما يضع أقل من 10 لترات. وفي المتوسط يضع السائقون بين 5 إلى 7 لترات في كل مرة بحسب الشاب وسائقين آخرين: «حين تزداد أسعار البنزين والسولار فكل شيء معرض للزيادة، بدءا من الخضراوات في الأسواق وصولا لكل شيء، وهذه الزيادة أتحملها كمواطن ويتحملها غيري أيضا».

لكن الشاب يشتكي من زيادة أسعار منتجات أخرى، كقطع الغيار التي تضاعفت أسعارها مؤخرا، نتيجة انخفاض قيمة الجنيه، وتأثر الاستيراد بالمشكلات الاقتصادية، وما فرضته الحرب الروسية الأوكرانية على العالم، فبعدما كان يغير زيت محرك مركبته بـ100 جنيه، فإنه يدفع الآن 130 جنيها: «أسعار الجنوط قفزت، وأسعار البوجيهات، كل ما له علاقة بقطع الغيار صارت أسعاره مرتفعة بشكل كبير، فأكون مضطرا لزيادة الأجرة أو القيمة».

تزوج أحمد منذ فترة، ولديه طفل صغير، ولم تكن المهنة التي ورثها عن والده في «التنجيد» تصلح مع وجود مراتب جاهزة واختفاء ذلك العمل نوعا ما مع البدائل الجاهزة: «حصلت على دبلوم صنايع، قسم كهرباء، ولدي مهنة، لكن ظروف السوق اضطرتني للتوك توك، وأدخل في نقاشات طويلة مع الركاب بشأن كل زيادة، ولا يد لي في الأمر».

WhatsApp Image 2022-07-17 at 5.21.17 PM

وتبلغ عدد مركبات التوكتوك المرخصة في مصر وفق تقديرات رسمية 226710 مركبة، بحسب تصريحات سابقة لمصطفى سعد رئيس قطاع الإحصاءات الاقتصادية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن عدد تلك المركبات وصل إلى أكثر من 5 ملايين مركبة، بحسب صبري عبده، مستشار الرابطة العامة لمالكي التوك توك في مصر، في تصريحات متلفزة له.

وتخضع تلك المركبات في بعض الأماكن، لأجرة موحدة داخل القرى على سبيل المثال، لكنها لا تخضع للأمر ذاته في كثير من الأماكن. يقول خالد سمير، وهو سائق توك توك بمحافظة القليوبية، إنه كان مضطرا إلى ذلك العمل بعد خروجه على سن المعاش، ومع ارتفاع قطع الغيار وأسعار الزيت والبنزين يضطر إلى زيادة السعر، وهو أمر لا يتقبله الزبائن بسهولة: «لكن مع الوقت يتقبل الناس تلك الزيادة، أحاول مراعاة ضميري، فتكون الزيادة بين نصف جنيه إلى جنيه، ولأكون صادقا معك فإنها قد تصل لـ3 جنيهات مثلا إذا كانت المسافة المقطوعة كبيرة، والبعض يستغل الأمر ويحصل على جنيه أو جنيهين زيادة فوق المعتاد وهو ما يغضب الركاب».

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، اشتكى البعض من ارتفاع قيمة الانتقالات بواسطة تلك المركبات، ودعوا إلى مقاطعتها، لكنها دعوات لا تلقى قبولا في كثير من الأحيان: «الأمر غير منطقي، قد أقاطع الركوب يوما أو يومين لكنني لن أتحمل أكثر من ذلك» يقول مصطفى رضا، الذي يعمل مدرسا بإحدى المدارس، ويضطر لركوب التوك توك في بعض الأيام، وليس كلها: «إذا كنت أشعر بالإعياء أو كنت متأخرا على العمل، فأكون مضطرا لركوبه، الأسعار كلها في زيادة، وليست قيمة ركوب التوك توك فحسب».

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان