سياسة الإنجاب| حرمان من التموين بمصر.. ومكافأة مليونية لمن تلد 10 في روسيا
كتب- محمود الشال:
غلاف- مايكل عادل:
حجم المكون السكاني لأي دولة، يحدد بناء على العوامل الديموغرافية، وعليها تصوغ الدول سياستها السكانية. فالدول التي تعاني من انخفاض معدل النمو والكثافة السكانية، ومنها روسيا، التي يعيش فيها كل 8.4 نسمة على كل كيلومتر مربع، ستكون سياستها السكانية على النقيض من الدول التي تعاني من زيادة النمو والكثافة السكانية، ومنها مصر التي يعيش فيها 101.8 نسمة على كل كيلو متر مربع.
عام 1944، أطلق الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، جائزة الأم البطلة، بعدما فقدت روسيا 26 مليونا من سكانها خلال الحرب العالمية الثانية، ليبدأ عدد السكان في التصاعد تدريجيا ليصل إلى 124 مليون نسمة في عام 1963.
وفي نفس العام كانت مصر تعاني أزمة الزيادة السكانية، وأعلنت الحكومة عام 1963 أن هذه الزيادة تمثل أعباء اقتصادية ضخمة، ستبدأ في مواجهتها.
بدأ الحديث عن أزمة الزيادة السكانية في مصر منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، مع زيادة معدلات الإنجاب، وعجز الموازنة العامة، "كل سنة حنزيد مليون.. طب هنوكل المليون دول منين"، يقول الرئيس جمال عبد الناصر فى إحدى خطاباته في ذكرى ثورة يوليو، إذ اعتبرت السياسات المصرية الزيادة خطرا منذ ثورة 1952.
بدأت الأزمة تتفاقم عام 1963، إذ تظهر وثيقة تاريخية بخط يد "عبد الناصر" دون فيها ملاحظاته على الموازنة العامة للعام المالي 1963، أن الدولة كانت تواجه عجزا في ذلك الوقت 160 مليون جنيه: "كل واحد عنده 10 أو 12 طفل، هتقولوا لي شغلهم، طب هشغلهم إزاي؟" ينصح الرئيس جمال عبد الناصر المصريين بـ "2 أو 3 أطفال كفاية".
وضع الرئيس عبد الناصر اللبنة الأولى في مواجهة خطر الزيادة السكانية، بإعداد الميثاق الوطني وتأسيس الجمعية المصرية لتنظيم الأسرة التي تتبع وزارة الشئون الاجتماعية، وكان تعداد سكان مصر في ذلك الوقت 28 مليون نسمة، وسط تقارير إحصائية تقول إن مصر كانت الثاني على مستوى العالم في معدل الزيادة السكانية فيما كانت باكستان الأولى.
ولم يختلف الخطاب الرسمي لرؤساء مصر على مدار التاريخ وتوجهاتهم حول مكافحة الزيادة السكانية؛ وحذر الرئيس أنور السادات من ضغط الزيادة السكانية على المرافق العامة ومصاريف الدراسة وتشغيل الخريجين، وقال عنها الرئيس الأسبق حسني مبارك "لابد أن تستمر الوقفة المصرية المصيرية إزاء هذه القضية المهمة التي تمثل التحدي الأكبر لمسيرة العمل الوطني".
"الراجل مش بس بكلمته الراجل برعايته لبيته وأسرته" كان عنوان لحملة تلفزيونية ضد زيادة الإنجاب، وهو من أشهر الإعلانات في تلك الفترة، والتي كان بطلها الرجل والمرأة من الريف أو الصعيد باعتبارهم الأكثر إنجابا.
ما بين عامي 1997: 2007 انخفض عدد سكان روسيا 6 ملايين نسمة، بدأت روسيا ترصد منحا لمواطنيها لتشجيعهم على زيادة الإنجاب، وأعلنت عن "مخصصات الأمومة"، لدعم كل عائلة يولد فيها أو يتم تبني طفل ثان أو أكثر، إضافة لوسام "المجد الأبوي"، على أن يتم منحها للعائلات التي لديها سبعة أطفال أو أكثر، وصلت أخيرا إلى مرسوم الرئيس الروسي بوتين، بمنح جائرة خاصة قدرها مليون روبل روسي لـ "الأم البطلة" التي تنجب 10 أطفال.
وتهدف روسيا إلى دعم الأسرة وزيادة النسل، وتقدم حكومتها من أجل ذلك امتيازات للأسر الأكثر إنجابا في مناح عدة، تشمل التعليم والسكن والمرافق العامة.
واعتبارا من بداية العام الجاري، ستحصل الأسرة الروسية عند ولادة الطفل الأول على 7600 دولار، و2400 دولار عند ولادة الطفل الثاني، إضافة إلى الدعم المالي والضريبي للأسر متعددة الأطفال، وقروض عقارية ميسرة، ضمن جائزة الأم البطلة.
كما خصصت روسيا مساعدات شهرية للأسر الأكثر احتياجا عن كل مولود، تبلغ 179 دولارا.
وفي نفس العقد(1997: 2007) الذي انخفض فيه عدد سكان روسيا، زاد عدد سكان مصر 10 ملايين، رغم البرامج التوعية ضد زيادة الإنجاب، لتضع الدولة سياسات عامة لمواجهة معدلات الزيادة السكانية، مثل حرمان المولود الثالث من المخصصات التموينية، وقصر العلاوة المالية لموظفي الحكومة على الطفل الأول والثاني فقط ، إضافة إلى 3 مليارات جنيه إجمالي ما تم إنفاقه على برامج تنظيم الأسرة ضمن المجلس القومي للسكان منذ أن أنشأه الرئيس جمال عبد الناصر.
وتبرر روسيا تشجيعها للمواطنين على الإنجاب لتحسين الوضع الديمغرافي في روسيا، ومواجهة الانخفاض السكاني مع بداية العملية الخاصة في أوكرانيا، إذ يبلغ عدد سكان روسيا 145 مليون نسمة، يعيشون على مساحة 17 مليون كيلومتر مربع، إذ تبلغ الكثافة السكانية 8.4 نسمة لكل كيلومتر مربع، لتكون روسيا من بين دول العالم الأقل كثافة، حيث تقع في المركز 181 من بين 194 دولة على مؤشر الكثافة السكانية.
كما انخفض سكان روسيا 86 ألف نسمة في معدلات النمو بداية العام الجاري، هاجر من روسيا 75 ألف شخص عام 2022.
كما أعدت الحكومة الروسية برنامجا يهدف إلى استعادة النمو الديموغرافي للبلاد بحلول عام 2023-2024، ضمن سلسلة من القوانين والأنظمة التي تحفز على الإنجاب.
أما في مصر فأصبح عدد السكان 103 ملايين نسمة، لتزيد الكثافة السكانية إلى 101.8 نسمة لكل كيلومتر مربع، لتحتل المركز رقم 87 على مستوى العالم في مؤشر الكثافة السكانية، ويصل عجز الموازنة إلى 436.6 مليار جنيه، وتصل نسبة البطالة إلى 7.2%، ما يجعل مصر مستمرة في محاربة.
فيديو قد يعجبك: