لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حقيبة قديمة ومصروفات بالتقسيط: الأسعار تُغير "منهج" الأسرة في العام الدراسي الجديد

12:01 ص الجمعة 23 سبتمبر 2022

- مارينا ميلاد:

كتب خارجية وكُرّاسات وأدوات تملأ المكتب مجددًا بعد أشهر من الفراغ.

هذا المشهد المعتاد سنويًا كَلّف الأسرة هذه المرة ما يقارب الألف جنيه حتى قبل أن يبدأ العام الدراسي أو يشترون كل ما هو مطلوب لأجله.

أسرة تشبه كثيرين.. أب يبلغ الثالثة والخمسين ويعمل مدرسًا في مدرسة حكومية، وأم تصغره بتسعة أعوام وتعمل موظفة في وزارة الزراعة.. يبلغ راتب الأب خمسة آلاف جنيه، وتضيف زوجته أربعة آلاف عليهم.. ذلك المبلغ هو مصدرهم الوحيد للإنفاق على ابنتيهما: الأولى في الصف الثالث الإعدادي، والأخرى في الخامس الابتدائي.

هاتان الابنتان (فيبي) و(مريم) على وشك بدء عامهما الدراسي الجديد بعد أيام. ويهب هذا العام على والديهما (أيمن) و(نانسي) كالعاصفة التي ربما ستفتك براتبيهما.

فقد زادت أسعار الكتب الخارجية والأدوات المدرسية كغيرها من السلع على إثر تبعات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع التضخم لـ15% وفقدان الجنيه المصري نحو 17% من قيمته أمام الدولار منذ مارس الماضي.

قبل شهر تقريبا من بداية العام الدراسي رسميًا، بدأت "فيبي" تلقي دروسها الخصوصية مبكرًا. تقول الأم إن "المُدرسين يفرضون ذلك، بحجة اللحاق وإنهاء المنهج في المدة الزمنية القصيرة المتاحة".

تستقل "فيبي" يوميًا "التوكتوك" قاصدة مركز للدروس يضم ما بين 100 لـ150 طالباً، لتحضر حصة مقابل 50 جنيها غير "الملازم" الخاصة بالمادة.

في هذا الوقت، اضطرت الأم لشراء كل المستلزمات لابنتيها مرة واحدة. فبدأت بالأعلى سعرًا، وهي الكتب الخارجية اللازمة للمواد الخمس الأساسية، لتجد أنها تراوحت بين 70 – 90 جنيها بحسب كل مادة بعد أن كان سعر الواحد منها بين 45 – 55 جنيها العام الماضي.

ولم تنجح خطة "نانسي" في استغلال الكتب الخارجية الخاصة بابنتها الكبرى لتستفيد بها شقيقتها. فقد "اختلفت المناهج بشكل غير متوقع" – بحسب الأم، التي وصفت تجربتها مع ابنتها الصغرى العام الماضي بـ"المعاناة"، حيث منهج الصف الرابع الابتدائي الذي أثار جدلًا كبيرًا.

في سلة مشترياتها المعتادة كل عام، تتضاعف كمية كل شيء لتكفي الابنتان.. لكن هذه الأيام، تضاعفوا سعرًا وليس عددًا فقط. فداخلها؛ كشكولان لكل مادة، باستنثاء أربعة للغة الإنجليزية وخمسة للعربية.. بلغ ثمن الواحد منها 8 جنيهات، أما "الكشكول السِّلك" فوصل إلى 25 جنيهًا.

ذلك بجانب متطلبات المواد الفرعية كالدين والرسم، وهنا تقول "نانسي": "كما أن المدرسة لا تقبل باسكتش رسم صغير مثلا، وبعضهم ينتقدون المستلزمات ويزعجون الأطفال بطلب أنواع معينة.. فهم لا يشعرون بأولياء الأمور".

قدر المستطاع، حاولت الأم أن تقتصد وتبحث عن البدائل.. لم تشتر أقلام جديدة لوجود فائض لديهما، كذلك حقائب الأقلام (المقلمة) والحقائب المدرسية، فتوضح أن الأخيرة وحدها كلفتها العام قبل الماضي 300 جنيه، ليكن ذلك كافيًا بالنسبة لها لتتوقع سعرها الآن وتشطبها من قائمتها.

بخطط وإمكانيات اختلفت عن كل عام، قَصدت مئات الأسر منطقة الفجالة- وسط القاهرة- لشراء تلك المستلزمات باعتبارها السوق الأشهر لها.

عيد محمد، صاحب إحدى المكتبات هناك منذ 20 عامًا، يرى تغيرًا ملحوظًا جرى على زبائنه والسوق بأكمله.. فيقول: "الجميع يشتري كميات محدودة جدًا، ويتجهون للمحلي وليس المستورد".

كما أن "عيد" نفسه بات لا يشتري الدفعات بكميات كبيرة كما في السابق، وينتظر حتى يبيع ما لديه أولا، فيشير إلى أن الزيادة التي وقعت عليه تراوحت ما بين 20 لـ40%.

وفي بلد يستورد غالبية السلع، ارتفعت فاتورة الاستيراد الشهرية لمصر من ما بين 5 إلى 6 مليارات دولار قبل الغزو الروسي لأوكرانيا إلى نحو 10 مليار دولار بعد الحرب بسبب زيادة الأسعار وتكلفة الشحن- حسبما أعلن وزير المالية، محمد معيط.

لم تتجه "نانسي" نحو منطقة الفجالة وقصدت لأول مرة المنافذ التي توفرها "مبادرة كلنا واحد" في الشواع لتشتري منها بسعر أقل عن المكتبات.

تلك المبادرة، التي بدأت عام 2018، أطلقت وزارة الداخلية المرحلة الـ23 منها مؤخرًا مع بداية العام الدراسي الجديد، لتوفر 32 ألف حقيبة مدرسية للمناطق الأكثر احتياجًا، وتقيم شوادر ومعارض لتوفير كافة المتطلبات المدرسية بأسعار مخفضة، بالتنسيق مع الموردين من أصحاب الشركات التجارية المتخصصة.

كما نظم صندوق "تحيا مصر" التابع للدولة، منذ أيام، قوافل توفير الحقائب المدرسية والأدوات لنحو 4 آلاف طالب في عدد من القرى بمحافظات الإسكندرية والقليوبية وبني سويف.

أيام ويبقى الوالدان على موعد مع التزامات جديدة كشراء الزي المدرسي والكتب التي وصل سعرها السابق لـ300 جنيه. يجد الأب مخرجًا من هذا السعر المرتفع عن طريق الذهاب لمكتبات معينة أو مخازن ليشتريها بسعر أقل، لكن ذلك يضع ابنتيه في مأزق.

فهذا المسلك يوفر لهم ماديًا، لكن - كما تحكي الأم - ربما يتأخر استلام الكتب بعد بداية العام الدراسي بأيام قليلة، وهو ما يتسبب في "إحراج" لابنتها من جانب مدرسيها؛ لذا تلحّ على زوجها الآن لمحاولة شرائها قبل الشهر المقبل.

يقلب "أيمن" وزوجته في مجموعة (جروب) المدرسة على موقع "فيسبوك".. يحاولان التأكد من مقدار الزيادة في مصروفات هذا العام. فالابنتان في مدرسة خاصة ولا غرابة في زيادة مصروفاتها بالنسبة لهما، لكنهما يتمنيان أن تكون الزيادة في استطاعتهما.

دفع "أيمن"- حتى العام الماضي- مصروفات تقدر بنحو 6 آلاف جنيه لكل منهما، مقسمة على قسطين.. وتشير المعلومات التي وصلت له- حتى الآن- إلى أنها زادت لسبعة آلاف جنيه.

ورغم أن ابنته الكبرى لن تذهب إلى المدرسة هذا العام إلا قليلا وستعتمد على الدروس الخصوصية؛ لكنه لم يرد نقلها إلى مدرسة حكومية؛ لسببين لخصهما في "المستوى" و"التعامل"- وفقا لحديثه. ربما سيتغير الحال في العام المقبل، فـ"أيمن" صار متيقنًا أنه لم يعد أمامه حل آخر غير نقل الاثنتين إلى مدرسة حكومية.

ويقول: "طلاب المدارس الإنترناشونال يتوقعون الزيادة ويمكنهم مواجهتها، لكن نحن فالزيادة بالنسبة لنا صادمة".

ومؤخرًا، وجه مسؤولون بوزارة التربية والتعليم، المدارس الحكومية والخاصة والتجريبية بالسماح بتقسيط أولياء الأمور للمصروفات في العام الجديد.

وقال مصدر بالوزارة، لمصراوي، "إنه حال عدم التزام المدارس الخاصة أو التجريبية بقرار الوزارة بتقسيط المصروفات، يجب التوجه للإدارة التعليمية التابع لها الطالب للتقدم بشكوى رسمية".

لم ينته أمر المشتريات عند أسرة "أيمن" عند هذا الحد، فخلال العام الدراسي، سيتجدد شراء بعض الاحتياجات إلى جانب أدوات خاصة يطلبها المدرسون وتكليفات كعمل لوحات للدروس لتعليقها بالفصل- حسبما يحكون.

وفي وقت يمثل العام الدراسي لـ"أيمن" عبئًا إضافيًا على المصاريف العادية، ولـ"نانسي" مجهودًا مضنيًا لمذاكرة كم هائل مع ابنتيها، سيمثل مساحة لوزير التعليم الجديد، رضا حجازي، لتنفيذ خطته التي أعلن عنها، وتتمثل في "التحول الرقمي، تطوير المناهج، تدريب المعلمين، وتوظيف القنوات والمنصات التعليمية داخل المدراس بشكل مختلف".

اقرأ ايضا:

"لا نريد مدرسة".. "عنصرية اللون" بعيون أطفال اللاجئين

ربع كيلو.. كيف قاومت أسرة مصرية ارتفاع الأسعار في رمضان؟

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان