صندوق دعم الأسرة بعيون نساء المحكمة.. صراع يزيد معاناتنا ويحاصر أبناءنا
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتب: محمود عبدالرحمن ومحمود الطوخي:
في الساحة المواجهة لمجمع محاكم ونيابات الأسرة، بمنطقة إمبابة بالجيزة، جلست صافية عبد الله، بين مجموعة من السيدات من مختلف الفئات العمرية، يتبادلون أطراف الحديث حول المشكلات الزوجية التي يعانون منها؛ ولجأوا إلى المحكمة المتخصصة لحسمها، تبتغى كل منهن نيل ما تريد إما طلاقا وما يليه من نفقات يمتنع بعض الأزواج عن سدادها؛ وهي أمور يسعى قانون الأحوال المدنية الجديد الذي يُعد حاليا إلى وضع ضوابط لها حافظا على حق الزوجة وحماية الأولاد.
مشروع القانون الجديد، الذي يُعد حاليا من قبل لجنة قضائية مشكلة بقرار من المستشار عمر مروان وزير العدل، يضم إنشاء صندوق لرعاية الأسرة ودعهما في العديد من المواقف، ووثيقة تأمين لدعمها مادية في مواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية، وستساهم الحكومة والمقبلين على الزواج في تمويل الصندوق، بحسب تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء افتتاح عدد من المشروعات الجديدة بمحافظة الجيزة، أواخر الشهر الماضي، حيث قال: "اتفقت مع رئيس الحكومة.. نحط قد ما يجيب الصندوق.. مليار قصاده مليار.. مليارين هنحط مليارين.. تأمين أولادنا في كل شيء".
كان للصندوق المخصص لدعم الأسرة نصيب من أحاديث السيدات المترددات على محكمة الأسرة في شمال الجيزة، هو مشهد لا تخلو منه محاكم الأسرة، منذ نشأتها عام 2004، حيث تنظر 300 محكمة أسرة منتشرة على مستوى الجمهورية، ما بين 900 إلى 1500 قضية يوميا، تتعلق بالخلافات الزوجية.
"سمعت عنه.. هو اللي هيدفع النفقة حتى تحسم المحكمة الخلاف بيننا"، تقول صافية الحاصلة على مؤهل متوسط، والتي عَلمت بصندوق دعم الأسرة من موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتأمل أن يخفف عنها المعاناة التي تعيشها منذ 4 سنوات، عقب انفصالها عن زوجها، بعدما اشتدت وتيرة الخلاف بينهما، مما دفعها إلى اتخاذ قرار الطلاق، تقول صافية التي تقيم في منطقة إمبابة بالجيزة "من يوم ما انفصلنا وأنا متحملة حمل الأولاد وحدي"، في تجاهل تام من زوجها السابق.
"المصاريف بتزيد ومرتبي مش مكفي"، تستكمل صافية التي تعمل عاملة بوفية في إحدى الشركات الخاصة، وتعول 3 أطفال في مراحل التعليم المختلفة، تتذكر العديد من المرات التي تواصلت فيها مع زوجها السابق لمساعدتها في الإنفاق على أولادهما، تقول "كل ما أكلمه يتهرب مني"، حتى أخبرها بالحصول على حقها عن طريق المحكمة "يارب الصندوق يعرف يحل الخلاف عشان الأولاد"، تقولها صافية التي تطمح في تخفيف الأعباء المالية عنها.
معاناة "صافية" في الإنفاق على أطفالها؛ يعاني منها مليون و500 ألف أسرة؛ تتولى محاكم الأسرة النظر فيها سنويا، ويمتد نظر هذه القضايا إلى سنوات حتى يحسم أمرها، فهدف فكرة الصندوق دعم الأسرة في الأوقات الحرجة، بحسب تصريحات للرئيس السيسي، وتوفير نفقات للأبناء حتى تحسم المحكمة الخلافات بين الزوجين.
بينما فاطمة التي كانت تحضر إحدى جلسات قضية طلاقها بالمحكمة، تعتبر الصندوق حل لأزمتها المتعثرة منذ سنوات، بسبب مماطلة زوجها، ومساعدة محاميه له في الالتفاف على القانون؛ لعدم تمكينها من مسكن الزوجية وتحمل زوجها لنفقة أبنائهما؛ حيث لجأ زوجها إلى عمل عقد ايجار للشقة التي يمتلكها بمنزل والده، بناء على طلب المحامي، وساعده في ذلك أن جميع أوراق البيت باسم والد زوجها، حتى لا تحصل الزوجة على شقة الزوجية، التي ما زالت تنتظر فصل المحكمة في القضية، وبسبب هذه المعاناة ترى أن صندوق دعم الأسرة في حالة إقراره، سيساعدها في الإنفاق على إبنها وابنتها التي يساعدها ولدها في الإنفاق عليهما حتى اليوم.
وأثار مشروع القانون الجديد، حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب قيمة المساهمة التي يدفعها المقبلين على الزواج للصندوق، وخلقت حالة من التباين بين معارض يرى الحكومة تسعى إلى فرض مزيد من الرسوم، في ظل ارتفاع تكاليف الزواج، ومؤيد يرها حماية للأبناء وحفظ لحق الزوجة، ومطالبات أخرى بانتظار صدور مسودة القانون النهائية، لكي تكتمل الصورة وتتضح الحقيقة.
يرى جمعة إبراهيم، المحامي المتخصص في حالات الطلاق والخلع، أن مشروع القانون من الممكن أن يتسبب في العديد من المشاكل الاجتماعية، تتزايد كما زادت المبلغ الذي يحصل بمعرفة الصندوق، فكلما زادت الرسوم وكلما كانت عبء على المقبلين على الزواج، خاصة في ظل أزمة التضخم الحالية التي ساهمت في ارتفاع مبالغ للأسعار، وتلاعب بعض الزوجات من أجل الحصول على مبالغ من الصندوق المزمع إقراره.
صافية وفاطمة سيداتان من بين آلاف النساء في ساحات محاكم الأسرة، تنتظر كل منهما فصل المحكمة في خلافتهما الزوجية، في جلسات لم تعرف أي منهما متى تنتهي، لذا يأملن أن يصدر القانون لتخفيف معاناتهما كما يعتقدان، بينما يتخوف المحامي جمعة إبراهيم، الذي يمارس عمله داخل أروقة محكمة الأسرة بإمبابة من التكاليف المادية التي يتحملها المقبلين على الزواج، خاصة أنه لم يتزوج بعد.
فيديو قد يعجبك: