«هالوين غزة».. الرعب حي ومستمر
كتب- عبدالله عويس
فيما كان العالم يحتفل أمس بالـ«هالوين»، أبادت إسرائيل حيا بأكمله، في مخيم للاجئين شمال قطاع غزة، ثم قصفته ثانية اليوم. الاحتفالات التي يُرتدى فيها ملابس مزيفة تدور في فلك الأموات والأشباح، كانت واقعية في وسط مخيم جباليا، حيث استشهد وأصيب أكثر من 400 شخص. وفيما تقول معتقدات إن الاحتفال في نهاية أكتوبر بالهالوين، يرتبط بوقوع إله الشمس في أسر الموت والظلام، فإن قطاع غزة، يقع في حصارهما. الرعب في القطاع واقعي، ولا يحتاج إلى أقنعة.
قبل السابع من أكتوبر الماضي، والليالي في غزة المحاصرة قاسية، لكن القسوة لها ألوان مختلفة، وفي القطاع ما بعد صباح الثامن من أكتوبر وتبعات ما أسمته فصائل فلسطينية مقاومة «طوفان الأقصى» صار اللون الأحمر طاغيا على كل شيء، فيما لا تضيء الليالي أية مصابيح، لنقص الوقود وانقطاع الكهرباء، ولن تجدي إضاءة ثمرة اليقطين المستخدمة في الهالوين وإن اتخذت أشكالا رمزية مخيفة. الظلام والخوف على وجوه الأطفال الذين لم يملكوا «حلوى أو حيلة» كان أكثر واقعية ورعبا.
الشكل الحديث للاحتفالات بالهالوين ظهرت في القرن التاسع عشر، بعد هجرة الإيرلنديين إليها، ناقلين عاداتهم وثقافاتهم، التي تنتمي إلى الثقافة السلتية، التي يعتبر الشعب الأيرلندي والاستكلندي امتدادا لها، وعادة ما تتخذ أشكالا مخيفة ومرعبة في إطار الاحتفال. لكن العالم أمس كان على موعد مع مجزرة جديدة للاحتلال الإسرائيلي، بالقصف الذي أحدثه في مخيم جباليا شمال قطع غزة، وفيما يقف الأطفال على أبواب المنازل، مرتدين زي الهالوين، ويسألون سكانها «حيلة أم حلوى؟» فإن الأطفال في غزة ارتقى منهم أكثر من 3 آلاف شهيد منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم.
المخيم الذي جرى قصف بعض أماكنه للمرة الثانية اليوم، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، وأنشأته الأونروا عام 1948، وتبلغ مساحته 1.4 كيلو متر مربع، ويعيش فيه أكثر من 115 ألف لاجئ، ليصبح بذلك أحد أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان. وفيما نشر نجوم وفنانون حول العالم صورا لهم بأزياء مختلفة للاحتفال أمس بالهالوين، ونشر آخرون صورا لأزيائهم المصبوغة بالأحمر للدلالة على الدم، كأحد أشكال الرعب، فإن الدماء في غزة كانت واقعية، ولا تحتاج إلى اصطناع.
يحتفل بالهالوين في الـ31 من أكتوبر، في كل عام، حيث يرتبط اليوم بالظلام والبرد، ويطول الليل، ويقصر النهار، ووفقا لبعض المعتقدات الثقافية فإن في تلك الليلة تتجول أرواح الموتى وتحاول العودة لعالم الأحياء. لكن ليلة الـ31 من أكتوبر في غزة، كان فلسطينيون يبحثون عن الأشلاء، ويحاولون إخراج من علق تحت المباني التي قصفت، فيما تصبح تلك الأفعال عادة يومية، لا ترتبط بتاريخ محدد.
فيديو قد يعجبك: