إعلان

نكبة ثالثة.. مسيرات نزوح جماعي في غزة لا يتركها رصاص الاحتلال

10:18 م الجمعة 10 نوفمبر 2023

النازحون على طريق صلاح الدين

كتبت- سارة أبو شادي

الخروج مجبرين من الديار سيرًا على الأقدام نحو وجهة أخرى، وسط أعين مدافع ودبابات المحتل المتواجدة على جانب الطريق، نكبة ثالثة يعيشها الفلسطينيون منذ نكبة 48 و67، بعدما أمهلهم الاحتلال بضع ساعات، للذهاب نحو جنوب وادي غزة، وترك كل ما يملكونه خلفهم في شمال القطاع.

"اسلكوا طريق صلاح الدين" الممر الآمن الذي أتاحه الاحتلال لآلاف المدنيين للخروج نحو الوادي، رافعين الرايات البيضاء سيرًا على الأقدام، لا فرق بين طفل وشاب وعجوز، الجميع مُجبر على السير دون توقف، من ترهقه مشقة الطريق ويحاول الحصول على قسط من الراحة يواجه الموت قنصًا.

مصراوي يسرد حكايات عائلات سلكت الطريق أحدهم وصل آمنًا نحو وجهته وأخرى طالتهم صواريخ المحتل فدفعتهم نحو المستشفى رفقة أحبائهم الذين يتواجدون بين الحياة والموت الآن:

النازحون على طريق صلاح الدين

في بداية الحرب نزح الشاب سعيد لؤلؤ رفقة 15 شخصًا من أبناء عائلته، من منزله الكائن بأبراج المقوسي بشارع النصر، نحو وجهة أولى بحي التفاح شرق مدينة غزة لدى بعضًا من أقربائه، وفي ظل القصف الشديد على مدار أكثر من شهر، والذي طال المنطقة التي نزح بها الشاب أيضًا، قرر النزوح للمرة الثانية نحو وجهة أخرى وصفها الاحتلال بأنّها المكان الآمن لهم، "جنوب وادي غزة".

أمس خرج الشاب وعائلته قسرًا نحو مدينة خانيونس بالجنوب، متخذين طريق صلاح الدين بدأت رحلتهم بالسيارة من حى التفاح حتى وصلوا إلى دوار الكويت، وهناك كانت السيارات محظورة الذهاب سيرًا فقط على الأقدام، لم يكن أمام الشاب وعائلته بل وغيره العشرات من العائلات الفلسطينية خيار سوى الامتثال لأوامر المحتل، فساروا على طريق صلاح الدين على أقدامهم إلى ما بعد وادي غزة.

صورة 2 الممر الآمن

"الطريقة كانت صعبة ومذلة والدبابات كانت تحاوطنا من كل جانب" رحلة سعيد وعائلته كانت الأقسى والأصعب في حياتهم، ساروا على أقدامهم لنحو ساعتين، أطفال ونساء وكبار سن، الجميع سواسية على الطريق، محظور على أحد التوقف ومن يحاول يمكن أن يعرض حياته وحياته المجموعة التي تسير معه للخطر.

بنادق ومدافع الاحتلال موجهة نحو رؤوسهم، لذا من كان يشعر ببعض التعب وعلى وشك التوقف، يعينه آخرون على محاولة الصمود واستكمال الطريق أو حتى اللجوء إلى عربة كارو تجرها الحمير يستقلها فقط من لا يتمكن من السير نهائيّا.

ظل الأمر هكذا حتى وصل سعيد ومن معه إلى مشارف منطقة النصيرات وسط قطاع غزة، فاستقبلهم شباب المدينة بعبوات مياه صالحة للشرب، وأخرى يمكنهم استخدامها لغسل وجوههم التي بدا عليها الإرهاق الشديد نتيجة حرارة الجو الشديدة، "وصلنا لحدود النصيرات الشباب أخبرونا إننا ممكن نرتاح الخطر زال شوي".

صورة 3 الممر الآمن

بعد نحو 10 دقائق من الراحة، استكمل سعيد وعائلته طريقهم بعدما تمكنوا من استقلال سيارة أجرة ، تقلهم إلى منزل شقيقه الكائن بمدينة خانيونس، والتي لم تسلم هي الأخرى من غارات الاحتلال العنيفة، يحاول سعيد أن يلقي الطمأنينة في قلوب من معه وخاصة الأطفال، لكنّه يدرك جيدًا أنّه لا مكان آمن في غزة حالياّ حتى في جنوب الوادي".

شاء القدر أن تصل عائلة سعيد إلى وجهتها بأمان، لكنّ هذا الأمر لم يُسعف عائلات أخرى، فاستهدفهم الاحتلال بصواريخه اليوم أثناء سيرهم بطريق صلاح الدين، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى، جميعهم نُقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى، في مدينة دير البلح.

صورة 4 الممر الآمن

الصحفي الفلسطيني محمد كساب، المتواجد حاليّا داخل المستشفى سرد لمصراوي ما حدث على طريق صلاح الدين اليوم، على لسان مرافقين وضحايا ممن وصلوا إلى المستشفى، فتحدث "كساب" : عن أنّ هؤلاء الضحايا خرجوا في المهلة التي حددها الاحتلال وفي الحدود التي أعلن عنها دون تجاوز منهم ، لكن وأثناء سيرهم على الطريق تفاجؤا بطائرات الاحتلال تطلق عليهم 3 صواريخ .

"العديد من الإصابات التي وصلت لشهداء الأقصى بينها إصابات بالبتر" نحو 14 كيلو متر المسافة التي يقطعها آلاف النازحين سيرًا على الأقدام، يخرجون من منازلهم في السابعة صباحًا منهم من يصل إلى وجهته في الثانية عشر ظهرًا أو في الواحدة، كلا على حسب الوجهة التي يذهب إليها ، وأيضًا حسب تسهيلات الطريق فالسير مع كبار سن وأطفال يختلف عن السير رفقة الشباب.

صورة 5 الممر الآمن

بعض شهود العيان الذين تحدث معهم الصحفي الفلسطيني محمد كساب داخل مستشفى شهداء الأقصى، أكدوا له على أنّه يمنع عليهم الوقوف نهائيّا مهما حدث، عليهم استكمال السير بالطريق كاملًا دون توقف، ومن يحاول الوقوف تصبح حياته ومن معه في خطر، وبالرغم من اتباع التعليمات على الطريق لكنّ الاحتلال أيضًا قرر استهدافهم وأسقط من بينهم العشرات بين شهداء وجرحى، ممن فروا من مكانهم نحو مكان آمن فاستهدفهم بمنتصف الوجهة.

وخرجت حركة حماس لتعلن عن إدانتها، استهداف القوات الإسرائيلية للمدنيين النازحين من شمال قطاع غزة إلى الجنوب. وقالت إنه عمل "فاشي مجرم" و"عار على جبين" المجتمع الدولي، في ظل سقوط عدد من الشهداء والجرحى نتيجة الاستهداف.

صورة 6 الممر الآمن

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرض لها نازحون من شمالي قطاع غزة نحو الجنوب، لقصف إسرائيلي في أثناء استخدامهم ممرات النزوح التي تعلن عنها إسرائيل، ووفقا للمكتب الإعلامي في قطاع غزة فإنه تلقى في السادس من نوفمبر الحالي، بلاغات تفيد بوجود جثث لمئات النازحين الفلسطينيين على طرقات كانت أعلنتها إسرائيل "آمنة" باتجاه جنوب القطاع.

ومنذ نحو 35 يوماً، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت 11078 شهيداً فلسطينياً، بينهم 4506 أطفال ونحو 2918 سيدة، وأصابت أكثر من 26 ألفاً، كما استُشهد 183 فلسطينياً واعتُقل 2280 في الضفة الغربية المحتلة، وفقاً لمصادر رسمية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان