شريفة فاضل.. نهاية 50 عاما من الألم

كتب- عبدالله عويس:

كانت تغني بلسان كل أم مصرية فقدت ابنها في معركة حربية. تنعي «ابنها وحبيبها الذي صار مضربا للمثل»، رحل الملازم أول طيار سيد بدير، شهيدا في حرب الاستنزاف، فكانت أغنية «أم البطل» تخليدا له ولمن كانوا معه، بصوت أمه «شريفة فاضل». لم يكن سيد قد تخطى عامه الـ20 حين استشهد، فكأنما «تم بدره بدري»، وتلحق به الأم عقب أكثر من 50 عاما، كانت تتألم فيها لرحيله، المبكر في سن صغيرة، ولسان حالها «والله لسة بدري».

لشريفة فاضل عشرات الأغاني، يحفظ المصريون بعضها عن ظهر قلب، لكن أغنيتي «أم البطل» و«تم البدر بدري» كانتا الأكثر رواجا، لارتباطهما بمناسبتين يحتفي المصريون بأحدها في كل عام، وهي ذكرى انتصار أكتوبر عام 1973، الذي أتى بعد حرب الاستنزاف، التي فقدت فيها المطربة ابنها، فكانت الأغنية تتكرر في المذياع والتلفاز، والأخرى مرتبطة بشهر رمضان، لا سيما في اقتراب آخر 10 أيام منه، فيعود صوت شريفة فاضل وهي تذكر «تم البدر بدري والأيام بتجري، والله لسة بدري والله يا شهر الصيام».

قبل 18 يوما من رمضان 1444، الذي يوافق فلكيا الـ22 من مارس 2023، رحلت شريفة فاضل، عن عمر بلغ 85 عاما، ليمر رمضان هذا العام لأول مرة منذ سنوات، دون وجود لصاحبة أغنية «وداع رمضان». وما إن أعلنت الوفاة حتى سارع الآلاف للتعبير عن أساهم لرحيل الفنانة التي قامت بأدوار في أفلام وقدمت عشرات الأغاني، كان منها «أمانة يا بكرة، وحارة السقايين».

بعد أغنية أم البطل، قدمت شريفة فاضل أغنية «وآه من الصبر»، تقول عنها أنه لولا الصبر لما احتمل الإنسان الحياة، وتحدثت عن صبرها على فقدها ابنها، وفي أكثر من حوار صحفي وتلفزيوني كانت تتحدث بلوعة مشتاق إلى الابن الذي رحل مبكرا. الصحافية زينب عبداللاه، أجرت معها حديثا مقتضبا في عيد ميلادها عام 2020، فراحت تحكي عن ابنها، وكيف أنها تحملت ألم فقده على مدار تلك السنوات، وكيف كان الأمر قاسيا. تقول زينب إنها بدأت التواصل مع شريفة فاضل في عام 2017، وتكرر التواصل أكثر من مرة، حتى كان عيد ميلادها عام 2022: «حينها كانت شقيقتها وابنة شقيقتها معها في منزلها بجاردن سيتي، كانت مهندمة رغم السن الكبير، وتحتفظ بملامحها لكن للسن أحكامه».

في مقطع فيديو صورته الصحفية، كانت شريفة تقول إن لكل وقت أذان، وسنكبر جميعا في السن، قبل أن تعود للحديث عن أغنيتها «أم البطل» فتذكر بأنها كانت المرة الأولى التي يتم الغناء فيها للأم لا البطل وحده، لأنهن من يعانين «الأم من تتعذب، وكل الأمهات أبطال، أدعو لأمهات الشهداء جميعا أن يعينهم الله».