''لومبروزو'' يجيب عن السؤال: هل ولد المجرم مجرما؟
كتب- محمد منصور:
''عندما رأيت تلك الجمجمة، تواردت على ذهنى المشاهد، وبدت لى الحقيقة ساطعة، هناك مشكلة فيزيائية يُعانى منها المجرمون''.. كلمات قالها الطبيب الإيطالى ''سيزر لومبروزو'' أثناء تشريح جثة أحد المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام قبل نحو 120 عامًا.
فى أواسط القرن الثامن عشر، بدأ العلماء يضعون أساسًا لما سُمى وقتها بـ''علم الفراسة''، وهو أحد الوسائل القديمة التى استخدمها الأغريق والعرب للتعرف على طبائع البشر من خلال السمات الظاهرية لهم، مثل لون بشرتهم أو شكل جماجمهم أو لمعان أعينهم، لم ينجح علماء القرن الثامن عشر فى إثبات ارتباط الشكل بجوهر الإنسان العادى، ولم يستطع أحد بعدهم، وحتى الآن، فى اكتشاف ثمة علاقة بين المظهر والجوهر.. غير أن الأمر يختلف عند الحديث عن المجرمين، فما زال هناك اتصالاً غامضًا بين شكل المجرم وطبيعة جرائمه.
''سيزر لومبروزو'' الطبيب الإيطالى المولود فى مثل هذا اليوم، 6 نوفمبر 1835، حاول الربط بين الشكل الفيزيائى للمجرم وطبيعة إجرامه، ليضع نظرية لا تزال تُثير الجدل حتى الآن.
وُلد ''سيزر'' لعائلة ثرية ذات أصول يهودية، تربى فى منزل متدين، درس فى جامعة ''بافيا'' الإيطالية، ثم بدء فى رحلة موسعة داخل أرجاء إيطاليا لدراسة الاختلافات بين بنيان البشر ومدى تأثيرها على سلوكهم، ثم عاد إلى مدينته لينضم إلى تنظيم عسكرى يهدف إلى تقديم المُجرمين للعدالة، ليبدأ فى دراسة السمات الفيزيائية لأجساد المجرمين، مع تشريح من يُحكم عليهم بالإعدام للوقوف على طبيعة الأعضاء الداخلية.
وفى عام 1876، وضع ''لومبروزو'' أساسًا لنظريته التى تقول إن المجرمين ولدوا هكذا، وإنهم يتشابهون فى صفاتهم مع الإنسان البدائى، وانتهت النظرية إلى وجود العديد من الصفات التى تميز المُجرم منها، الوجه عميق التجاويف، الآذن الكبيرة، الذقن الصغيرة، الأذرع الطويلة، الرأس والجبهة الصغيرة، بثور الوجه وتجعيدات الشعر. وقالت النظرية إن المجرم فى الغالب يتميز بكونه ''مُفرط فى طول القامة أو قصرها'' لتُقسم المجرمين إلى عدة أنواع منها المجرم بـ''الفطرة، الصرع، العاطفى، السياسى''، تلك النظرية مثلت حجر الأساس فى ''علم'' الأنثروبولوجياالجنائية.
''لومبروزو'' كان مقتنعًا بأن المجرم شخصًا غير أخلاقيًا يُمثل ردة إلى عهد الإنسان البدائى، وأكد على كونه ''منحدرًا من عائلة مُنحطة لها تاريخ يموج بالكحول، ويُصاب اعضائها فى الغالب بالجنون، الصمم، الصرع أو الزُهرى''، تعرضت تلك النظرية للعديد من الاعتراضات كونها تهمل الجانب البيئى الذى يُمكن أن يدعم عمليات إنتاج المجرمين.
درس ''سيزر لومبروزو'' الأوشام الموجودة على أجساد المجرمين، وقال إن من ضمن 100 سجين، وجد 89 شخصًا موشمون، واعتقد ''سيزر'' إن الوشم '' احدى خصائص الإنسان البدائى وهو مثير للاشمئزاز ويعبرعلى طبيعة الإنسان الوحشية''.
حتى مماته عام 1909، اعتقد ''لومبروزو'' فى صحة نظرياته ''العلمية''، وأعرب فى وصيته عن رغبته فى تشريح جثته لمقارنة جسده بأجساد الخارجين عن القانون.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: