لأول مرة جوجل تعترف: مقصرون في حق الشرق الأوسط
كتب- خالد البرماوي:
أقرت شركة جوجل العالمية بوجود تقصير فيما يتعلق بالتوعية بسياسية الخصوصية والإمكانات التي تتاح للمستخدمين في منطقة الشرق الأوسط، للتحكم في بياناتهم والحفاظ على سريتها وعدم اتاحتها للاستخدام التجاري سواء من قبل جوجل أو شريك أخر.
وقال طارق عبدالله، مدير تسويق جوجل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "جميع الخدمات والمنتجات التي نقدمها في أي سوق في العالم موجودة في منطقة الشرق الأوسط". إلا أنه أقر بقلة برامج وحملات نشر الوعي التي تقوم بها جوجل، مؤكدا: "لدينا تقصير وهناك فجوة حقيقة في التوعية".
وأضاف "نحتاج الي جهد أكبر في منطقة الشرق الأوسط لنشر التوعية خاصة فيما تعلق بالخصوصية والأمن المعلوماتي، ونخطط لتعويض ذلك".
على مدونة جوجل الرسمية باللغة العربية، لو أجريت بحثا عن "الخصوصية" لن تجد أي محتوى منشور، لا أخبار ولا نصائح ولا شرح لإعدادات الخصوصية في الخمس سنوات الماضية؛ ولو قمت بالأمر نفسه Privacy على مدونة اللغة الإنجليزية ستجد عشرات النتائج في نفس الفترة.
يحدث هذا على الرغم من التحديثات الكثيرة التي تمت مؤخرا في سياسية الخصوصية التابعة لمنتجات جوجل؛ وأخرها قبل عشرة أيام عندما اعتذرت الشركة التي تعد ثاني أغلى علامة تجارية في العالم، رسميًا على مدونتها باللغة "الإنجليزية" عن نشر إعلانات لمجموعة من عملائها على محتوى فيديو أتهم بأنه يحرض على العنف والكراهية.
ومنه محتوى لوجدي غنيم المصري الذي تحقق فيديوهاته مشاهدات تجاوزت 30 مليون، وحقق ما يقرب من 78 ألف دولار ربع من هذه الفيديوهات، حسب ما ذكرته صحيفة الجارديان. وحتى الآن قناته مازالت تعمل رغم ما فيها من محتوى يدعم الإرهاب ويحرض على القتل الصريح، وإن كان الإعلانات حجبت عنها. وتقدر مجلة "فورتشن" العالمية خسائر جوجل من أزمة إعلانات يوتيوب الأخيرة ما يقرب من 750 مليون دولار.
السيطرة على يوتيوب
في عام 2011 كان موقع "يوتيوب" يستقبل كل دقيقة 48 ساعة فيديو، في الوقت الراهن وصل الأمر الي 400 ساعة فيديو كل دقيقة تحمل على موقع الفيديو الأكبر في العالم، ويعتقد طارق عبدالله أنه من المستحيل توفير آليات تسمح بمراقبة هذا المحتوى قبل نشره، ويقول: "مستحيل السيطرة على كل هذا الكم، هذا غير قابل للتحكم "Uncontrollable.
ويرى أن المسؤولية تقع على جوجل والمعلنين معًا في تحسين تجربة المستخدمين، ويقول: "قمنا بتغير الكثير من الإعدادات ليكون الأساس Defaultهو الغلق، ويقوم المعلن بنفسه باختيار نوعية المحتوى الذي يريد أن تظهر عليه اعلانات". وتدرس جوجل تطبيق سياسية تسمح بأن يكون رسائل الموافقة التي تقدم للعملاء والمعلنين على خدماتها، عبارة عن بنود متعددة، يجب الموافقة على حدا بز خاص لكل بند.
ويؤكد طارق عبدالله، الذي عمل في العديد من الشركات الكبرى في منطقة الخليج قبل أن ينضم لجوجل، وحاصل على درجة الماجيستر في التسويق من جامعة "شيفيلد هام" الإنجليزية، أن هناك نقاشات جادة حول نوعية المحتوى المسموح به على يوتيوب، ويقول :"الأمر فعلا معقد وبه أراء كثيرة؛ فليس لكل الناس نفس الأفكار ونفس الاعتقادات حول ما الدين، وما الجنة وما النار؟".
ويرفض عبدالله أن يكون لجوجل دور في تحديد ما الصحيح وما الخاطئ؛ ويقول "تحكمنا القوانين المحلية، وأيضا ما يشتكي منه المستخدمين، ونعمل على التوعية وتفعيل آلية التحذير Flagging من محتوى غير لائق".
وحول كون الشرق الأوسط جزءًا من هذا النقاش العالمي المتعلق بالمحتوى المفبرك أو الذي يحض على العنف والكراهية، خاصة أنها منطقتنا هي الأكثر اضطرابا في العالم، وتشهد جذور العديد من هذه الأفكار والمحتوى، نفى مدير تسويق جوجل علمه بوجود نقاش رسمي حول هذه الأمر بين جوجل وحكومات المنطقة أو وسائل الإعلام.
اختراق حكومي
على صعيد أخر متصل، يحسب لجوجل أنها فضلت علاقتها بمستخدميها عن علاقاتها بالأنظمة الحكومية، ومنها بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط.
قبل فترة ظهرت رسائل تحذير من قبل جوجل بوجود محاولات اختراق لحسابات بعض المستخدمين، والغريب في الأمر أن بعض هذه المحاولات كانت من قبل جهات حكومية، والأغرب من ذلك أن رسائل تحذير جوجل ذكرت ذلك صراحة بالإنجليزية فقط للآسف"Government-backed attackers may be trying to steal your password".
ويعلق على ذلك مدير تسويق جوجل لـ"مصراوي" قائلًا:" عند وجود أي محاولة لاختراق حساب أي عميل نقوم بتحذيره فورا بغض النظر عن الجهة التي تقوم بذلك". مشيرًا أن جزء من المعقد غير المكتوب مع المستخدمين يلزمنا بذلك، "ثقة المستخدمين تمثل الأولوية رقم 1 لنا".
وبدأت رسائل التحذير من الاختراق الحكومي لحسابات "جيميل" تتزايد قبل بضعة أشهر؛ وحسب تقارير صحفية، فهذه التحذيرات لا تشير صراحة الي أي دولة تقوم بمحاولة الاختراق؛ ولكن جوجل تعرض من جانبها مجموعة من الإجراءات الوقائية لمراجعة وزيادة فاعلية تأمين تلك الحسابات.
الأخبار المفبركة
لا يكاد يمر يومًا دون أن تنشر وسائل الاعلام الأمريكية والأوربية تقارير تتحدث عن خطورة الأخبار المفبركة، خاصة مع قرب موسم الانتخابات في العديد من العواصم الأوربية، وأظهرت جوجل حتى الآن بعض التجاوب مع ضغوط المؤسسات الإعلامية والحكومات الأوربية، مثل إنجلترا وفرنسا وألمانيا.
وذكرت سلمى الشاهد، من فريق العلاقات العامة بجوجل الشرق الأوسط، أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى تطبق جوجل اجراءات مشابهة في منطقة الشرق الأوسط فيما يخص المحتوى المفبرك، كما حدث في أمريكا وبعض دول أوربا، وتقول." تعريب المنتجات والخدمات يستغرق بعض الوقت، واللغة العربية من اللغات الصعبة التي يحتاج العمل عليها الكثير من الجهد".
الإعلانات المزعجة
لاحظ الكثير من المستخدمين مؤخرا ظهور إعلانات تتبعهم بمجرد إجراء عملية بحث على أي منتج أو خدمة حتى ولو بالخطأ؛ ويرد طارق عبدالله على ذلك :"هذه تسمى خاصية إعلانات التتبع، وتٌفعل في حالة قيام المستخدم بالبحث على محرك بحث جوجل على هاتف محمول مثلا، وذهب بعدها لموقع ما، وهذا الموقع هو الذي يختار أن يظهر إعلانات ترويج لمنتجه لتشجيع المستخدم على الشراء".
قبل عامين تقريبا بدأت تنتشر إعلانات التتبع على فيسبوك وجوجل، وتعتمد على Tracking Code يلتصق بالمستخدم بمجرد زيارته للموقع ويبدأ في ملاحقة المستخدم، وبناء عليه تظهر له إعلانات ترويجية داخل صفحة فيس بوك أو داخل شبكة إعلانات جوجل Absence، والأمر قد يتحول لخدمة جيدة في حالة رغبة المستخدمين في هذا المنتج، ولكن يكون الأمر مزعج إذا لم يكن يريد هذا المنتج.
ويقترح طارق عبدالله، الذي يعمل في جوجل منذ خمس سنوات تفعيل اعدادات الخصوصية، والتي يمكن من خلالها غلق خاصية إعلانات التتبع وغيرها من المحتوى غير المرغوب فيه، أو يمكن استخدام التصفح الخفي Incognito.
فيديو قد يعجبك: