هل الحرب العالمية القادمة إلكترونية؟!
12:00 ص
السبت 01 ديسمبر 2012
قبل أسابيع قليلة، كنت واقفا قرب أحد خطوط السكك الحديدية في بلدة غيترسبيرغ بولاية ميريلاند، عندما قطع قطار شحن من نوع “سي إس إكس” أحد المزلقانات، وهو يصدر نفيرا تحذيريا من بوقه، إضافة إلى الأجراس المعلقة في ذلك المزلقان. وعلى الرغم من أن المسافرين في الغالب أصبحوا لا يعتمدون على السكك الحديدية الأمريكية في سفرهم، فإن قطارات الشحن مازالت تعتبر وسيلة أساسية تساعد على تقوية الاقتصاد الأمريكي. وكما هو الحال مع كل قطاعات البنية التحتية الأخرى، فإن السكك الحديدية يتحكم فيها من خلال أنظمة رقمية معقدة. وتتزايد المخاوف من أن تقع أجهزة الحواسيب تلك فريسة لهجمات قرصنة، شأنها في ذلك شأن كل أنظمة الدعم الإلكتروني التي يعتمد عليها المجتمع الحديث. وتحدث ليون بانيتا العام الماضي، عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع الأمريكي، عن احتمال تعرض البنية التحتية، ومرافق النقل في الولايات المتحدة الأمريكية، لهجمة إلكترونية “مدوية”. كما أن الرئيس الأمريكي أوباما كان قد حذر منذ بضعة أسابيع، في خطاب “حالة الأمة”، من وقوع مثل تلك الهجمات. وقال “نحن نعلم أن هناك مجموعة من قراصنة الإنترنت تقوم بسرقة الحسابات الإلكترونية للناس، ويمكنها التسلل إلى بريدهم الإلكتروني الخاص. كما ندرك أيضا أن بعض الدول والشركات تتلصص لمعرفة أسرارنا الداخلية. ويعمل أعداؤنا الآن للوصول إلى ما يمكنهم من تهديد شبكات الطاقة، ومؤسساتنا المالية، وأنظمة المراقبة الحيوية لدينا”. خدمات رئيسية واستجابة للمخاطر الرقمية المحتملة الحدوث، بدأت مئات الشركات الخاصة في الظهور. ويمكن لتلك الشركات أن تعمل على مواجهة تلك المخاطر التي أخبرني شون هنري “بأنها عالية”. وقال هنري، وهو مدير تنفيذي مساعد سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي كان مسؤولا عن تحقيقات المكتب الخاصة بالإنترنت حول العالم “بخلاف وجود سلاح دمار شامل يتهدد مدينة كبيرة، يعتبر التهديد الإلكتروني واحدا من أهم التحديات التي نواجهها”. ويشغل هنري الآن منصب رئيس شركة “كراود سترايك”، التي تعمل في مجال حماية الشركات من قراصنة الإنترنت. وأضاف هنري “يعتمد كل ما نقوم به يوما بعد يوم، على الاتصالات الإلكترونية، بما في ذلك كل بياناتنا التي يجري تزويد الشبكة وقطاع الخدمات المالية بها، إضافة إلى البنى التحتية الرئيسية لدينا، وشبكة الطاقة الكهربائية، وأنظمة توزيع المياه”. وأكد هنري على يقينه بأن هناك مجموعات تعمل وبنشاط على استهداف العالم الغربي، وإلحاق الضرر به، من خلال هجمات على الشبكة الإلكترونية. وأردف قائلا “إذا ما حدث شيء من هذا القبيل، أعتقد أننا سنكون في مواجهة مضاعفات خطيرة”. وقد أظهر إعصار كاترينا، الذي ضرب الولايات المتحدة، السرعة التي يمكن لمجتمع متقدم من خلالها، أن يبدأ في الانهيار، إذا ما لحق الدمار بالخدمات الرئيسية فيه. وقد أخبرني مايكل تشيرتوف، الذي كان وزيرا للأمن القومي آنذاك، أن التهديد الذي تمثله الهجمات الإلكترونية يعد أمرا حقيقيا. وأضاف “نحن نتحدث الآن بينما تتعرض -وكما هو الحال في كل يوم- البنية التحتية للملايين من الهجمات، التي قد تستهدف سرقة المعلومات، أو قد تستهدف أيضا الملكية الفكرية”. وأكد تشيرتوف على وجود احتمالات كبيرة لأن يلحق الضرر والدمار بالأنظمة المتصلة بشبكة الإنترنت التي قد تكون مسؤولة عن التحكم في بعض العمليات”. مدينة إلكترونية وفي ولاية نيوجيرسي الأمريكية، يستعد إيد سكاوديز لمجابهة حدوث محتمل لمثل تلك الكوارث. وفي مكتبه الذي يحوي عددا من التحف القديمة الباهظة الثمن، يوجد هناك نموذج لسكك حديدية تستخدمها الهيئات الحكومية والشركات الخاصة، لمحاكاة ما يمكن أن يحدث، إذا ما حاول قراصنة الإنترنت السيطرة على البنية التحتية الرقمية للمدينة. وقال سكاوديز “عملنا على إنشاء نظام مدينة إلكترونية (سايبر سيتي)، يضم 15 ألفا من السكان تمثلهم بيانات تضم سجلات المستشفيات لديهم وعلاقاتهم الأسرية، حيث يمكنك، على سبيل المثال، معرفة الرابط بين اثنين من أولئك الأفراد”. وتابع قائلا “يضم النظام سجلات هؤلاء البنكية، كما أن لديهم حسابات شخصية على الموقع الاجتماعي لدينا، ومن ثم فإن قراصنة الشبكات يمكنهم الاطلاع على العلاقات المختلفة، ثم يحاولون معرفة ما يمكنهم استخدامه في الهجمات التي سيوجهونها إلى المدينة”. مخاطر حقيقية؟ ومن المؤكد أن لغة قراصنة الشبكة مدمرة. إلا أنه، ومع الانخفاض في ميزانيات الدفاع، يعتقد البعض أن التهديد الإلكتروني قد أصبح شديد الخطورة. إلا أن توماس ريد، وهو محاضر في قسم دراسات الحروب بكلية “كينغز لندن”، له نظرة أخرى حول مدى إمكانية وقوع ذلك الخطر، ويحمل عنوان كتابه الجديد اسم “الحرب الإلكترونية لن تحدث!”. ويرى ريد أن الحديث عن وقوع سيناريو هجمة إلكترونية عارمة أمر مبالغ فيه. وقال: “إذا ما تحدثت إلى بعض المسؤولين في البنتاغون، فمن الممكن أن يعترفوا أن مثل تلك التصريحات مبالغ فيها، حيث إنها مفيدة للأغراض السياسية، وذلك للضغط على الكونغرس من أجل تمرير قانون الأمن الإلكتروني”. كما أن سكاوديز يعترف أن ثمة تضخيما في الحديث عما يخص القرصنة الإلكترونية، إلا أنه يؤكد على أنه لا تزال هناك مخاطر حقيقية وراء ذلك. وتابع قائلا “كما يمكننا رصد بعض هجمات القرصنة التي نجحت، واستطاع قراصنة الإنترنت من خلالها التحكم في العناصر داخل شبكة الكهرباء، أو أي من البنى التحتية المهمة الأخرى، وكان بإمكانهم أن يستغلوا ذلك للقيام بأشياء خطيرة”. لذا، فإن المخاوف من حدوث هجمة إلكترونية مدمرة دفعت الولايات المتحدة لتعزيز دفاعاتها، ويعمل البنتاغون على تكليف 4000 من موظفهم لمجابهة تلك الهجمات الإلكترونية. كما وقع طلب رئاسي من شأنه أن يعمل على حماية البنية التحتية الأساسية في الولايات المتحدة من هجمات قراصنة الإنترنت، إذ إن مجال الحماية في مواجهة هجمات القرصنة آخذ في الاتساع بطريقة تتنافس فيها الشركات الخاصة والعسكرية على الاستئثار بالنصيب الأكبر.
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى:
تقنية التحكم عبر العين ليست جديدة!